إعلان

"مصراوي" يكشف: أكاديميات رياضية غير مرخصة.. والأطفال "هنلعب ولو ع الأسفلت عشان نبقى زي تريكة"

04:34 م الخميس 06 أبريل 2017

معايشة-علياء رفعت ومصطفى فرحات:

"نفسي ابقى لاعيب كورة" أمنيةٌ بسيطة هى كُل ما يحيا من أجله أطفال ما بين العهد الأول لنعومة الأظافر وأول خطوات طريق المراهقة. حُلمٌ قد يبذلون من أجله الغالي والنفيس إلا أن ضيق ذات اليد يدفعهم إما لممارسة رياضتهم المفضلة على أسفلت الشوارع، أو للاشتراك -بمبلغ زهيد يبدأ من 30 جنية ويصل إلى مِئتان جنية- في واحدة من تلك الأكاديميات التي انتشرت مؤخرًا على أمل الاحتراف يومًا.

أرض الواقع في تلك الأكاديميات لا تُشكِل بديلًا للنوادي الكبيرة التي تؤهل للنجومية. لكنها تدحض أحلام الصِبية الوردية عبر ملاعبٌ غير مُجهزة، مدربون غير مؤهلين، وكشوفات طبية لا تُوقع، بينما لا تزيد هذة الأكاديميات عن كونها ملاعب لا تطابق القياسات الرسمية أغلبها غير مرخص قانونيًا مما يضمن إصابة الأطفال الذين يقعون تحت طائلة التُجارالقائمين عليها.

في شارع جانبي بمنطقة فيصل بالجيزة، خلف عمارات سكنية شاهقة؛ توجد "أكاديمية الأرسنال". الأكاديمية عبارة عن ملعبين خماسيين متلاصقين يتخذان مساحة كبيرة من الأرض، وتتقدمهم حجرتان صغيرتان تابعتان للإدارة، وفي السور المتاخم لهما توجد بوابة النادي التي عُلّق في أعلاها لافتة صغيرة مكتوب عليها "ملاعب أكاديمية الأرسنال".

ورغم أن تلك الاكاديمية تحمل اسم نادي كبير وهو"الأرسنال" إلا إنها لا تحمل موافقته على استخدام اسمه أو علامته التجارية مما يمكن أن يُعرضها للمسائلة القانونية بشكلٍ واضح، وهو ما لم يحدث بالطبع. 

"الأكاديمية مش مسؤولة عن أى إصابات بيتعرضلها الأطفال وهما بيلعوبوا" قالها ياسر محمد المسؤول عن الأكاديمية كبادرة توضيحية لشروط الالتحاق الأطفال بها، مُشيرًا إلى أنهم لا يقومون بالكشف الطبي على الأطفال لدى تقدمهم "المفروض لو حد عنده مشاكل صحية أهله بيكونوا متابعين مع دكتور لإن احنا هنا معندناش جهاز طبي، ده مش نادي كبير يعني، واحنا مجرد بنأهل الطفل ونوفرله مكان يلعب فيه". 

الاشتراك الشهري لتلك الأكاديمية لا يقل عن 50 جنيه وهو ما أكده ياسر، والذي لم ينفي كَون الأكاديمية غير مُرخصة رغم تلك المبالغ التي يدفعها الأطفال شهريًا، مُشيرًا إلى أن كل الأكاديميات الموجودة بمصر لا تقوم بعملية الترخيص تلك إلا نادرًا، نظرًا لأنها تتطلب وقتًا طويلًا واشتراطات لا تنطبق على أرضية الملاعب التي يقوم بتدريب الأطفال عليها.

أسفل كوبري مؤسسة الزكاة بعزبة النخل، تقع "أكاديمية الفاروق" لتعليم كرة القدم، وهي مساحة كبيرة من الأرض يتوسطها ملعبان يغطيهما النجيل الصناعي المتهالك. تنتشر القمامة خارج أسوار إحدى جوانب الأكاديمية، بينما يحُدها من الجانب الآخر كوبري مُسطرد والذي لا يفصل بينه وبين الملعب الذي يقوم الأطفال باللعب فيه أى شِباك أو حواجز أسمنتية لتفادي الحوادث في حال انقلاب أى من العربيات التي تقطع الكوبري بما يضمن وفاة أى من اللاعبين بالملعب أو إصابتهم على أحسن الفروض.

داخل الملعب الخاص بالأكاديمية، انتشر عدد من الأطفال والمراهقين كُلٌ في ملعب منفصل، أغلبهم لا يرتدي الزي أو الحِذاء الرياضي، بينما يظهر "كاوتش" النجيل الصناعي المنحول تحت أقدامهم بوضوح، فالأكاديمية لا تقوم بالصيانة الدورية على أراضي الملاعب كما يؤكد صاحبها "النجيل الصناعي مبيأذيش ومش محتاجين نغيره". ورغم أن اشتراكها الشهري يزيد عن المِئة وخمسون جنية، إلا أنها غير مُرخصة بأى أوراق قانونية أو سجلات تجارية حسبما أكد المالك "أنا مش محتاج أرخصها، طول ما أنا بجيب مدربين كويسين للعيال محدش له عندي حاجة".

على بُعد كيلومترات قليلة من شارع ناهيا الرئيسي وبملابس لا تداري سوى عوراتهم بالإضافة إلى بعض الـ"الشباشب" التي يرتدونها بأرجلهم؛ يلعب صِبية لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر كرة القدم فوق أرضية ملعب مليئة بالنتوءات، بينما يفضح "الكاوتش" الظاهر في أجزائها المختلفة سوء حال نجيلتها الصناعية.

ما رصدته عدستنا ليس دربًا من خيال، ولكنه الحال بأكاديمية "الموهبين" والتي تتخذ ملعب مجدي شحاتة مقرًا لها بناهيا بجوار مدرسة التعليم الأساسي هناك. يعرفها أهالي المنطقة جيدًا، فهي الملعب الوحيد وسط أرضٍ زراعية تتراكم حولها أكوام القمامة. تلك الأكاديمية التي روج لها على صفحات الفيس بوك باعتبارها تحت إشراف اللاعب "عُمر السني"، ولكن أرض الواقع تفيد الغياب الكُلي للإشراف أو الرقابة، فلا يزيد هذا المكان عن كونه مصنع للإصابات التي تودي بحياة لاعبين مُحتملين قبل أن تبدأ.

قبل سنواتٍ عديدة، كان "أبوتريكة" يقطع يوميًا العديد من الكيلومترات الواصلة ما بين منزله في قلب "ناهيا" وشارعها العمومي، حيث يستقل بعدما تتقرح قدماه من المشي أولى المواصلات التي توصله بنادي الترسانة مقر تدريبه ليُحقق حُلمًا طالما راوده بأن يصبح لاعِبًا مشهورًا للساحرة المستديرة.

المسافة ذاتها التي كان يقطعها أبو تريكة قطعها مُحررا "مصراوي" ولكن تلك المرة للوصول من ناهيا حيث منزل تريكة إلى مركز شباب "برك الخيام" التابع لمركز كرداسة، حيث تقع بداخله أكاديمية تحمل اسم المركز ذاته.

"مفيش حل غير إننا نلعب ع الأسفلت هنا، أو في ملعب الرمل عشان نبقى لاعيبة في يوم من الأيام" قالها عبد الرحمن ابن العشر سنوات وهو يمسح قطرات الدم التي سالت من ركبتيه إثر انزلاقه على الأرض الأسفلتية والتي تسببت في إصابة يُصِر على أن يستكمل اللعب بها.

الحال في برك الخيام لم يختلف أبدًا عن نظيره في العديد من الأكاديميات الأخرى إن لم يكن أسوء، فالإصابات تحدث بشكل يومي، وبعض الصبية أصبحوا غير قادرين على الحركة إثرها، أما الملاعب فلم يتغير حالها رغم مناشدة القائمين على المركز وزارة الشباب والرياضة أكثر من مرة لتغيرها. وبينما يلوح حُلم الشهرة في أعين الصغار، ويتراجع عنه من تدفن الإصابة موهبتهم في طي النسيان دون وجود مراقبٍ أو رادع لمُستغلي الأحلام، يبقى "عبد الرحمن" -مثل الكثيرين ممن في سنه- مجنونًا بالكرة رغم الإصابة وقلة الإمكانيات "أبو تريكة كان ساكن قريب من هنا، تعب زينا وأكترعلى ما بقى لاعيب كورة، واحنا لازم نتعب زيه عشان نوصل حتى لو هنتصاب كل شوية عشان مفيش مكان كويس نلعب فيه".

 


أقرأ ايضا :

''بيزنس الإصابات''.. أكاديميات غير مُرخصة تبيع وهم الاحتراف والإصابات مجانًا

خُبراء: ''أغلب الأكاديميات الكروية بمصر نشاط تجاري غير مرخص ومصنع للإصابات''

مسؤولون: ''لا يوجد حصر دقيق لعدد الأكاديميات الغير مرخصة بمصر، والوضع الحالي (فساد معلن)''

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان