''شرفنطح''.. ملك الكوميديا ''المنسي'' ومنافس ''الريحاني''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
هو ''ناظر المدرسة'' في ''سلامة في خير''، وهو ''الأسطى عكاشة عكاشة صاحب صالون دقن الباشا'' في ''الآنسة ماما''، وهو ''شملول زوج ضريبة هانم'' في عفريتة إسماعيل يَـس.. لكنه ظل مشهورا بلقبه المتميز ''شرفنطح'' .
الفنان ''محمد كمال المصري'' أسطورة الكوميديا الراقية ''المنسية''، رغم قلة أعماله و ظهوره في أدوارا ثانوية إلا أنه استطاع ترك بصمة في ذهن المشاهد، متميزا بملامحه الضئيلة وأنفه الكبير وعيونه المتسعة و ''شواربه'' المهذبه مرتديا ''الطربوش''.
ولد ''محمد كمال المصري'' في 18 أغسطس 1886 في ''حارة ألماظ'' في شارع محمد علي، وكان والده معلما بالأزهر، وأراد لابنه مستقبلا تعليميا جيدا فألحقه بمدرسة ''الحلمية الأميرية'' وهناك تكونت ''أول فرقة مدرسية للتمثيل''، وكان ''الطالب محمد كمال المصري'' أحد أعضائها.
كان أول أدواره في فرقته المدرسية هو ''بائع أحذية''، وحاز على استحسن زملائه بالمدرسة ومدرسيه، وشجعه هذا على الالتحاق بمسارح الهواة مقلدا ''الشيخ سلامة حجازي'' في أدواره، حتى أطلقوا عليه ''سلامة حجازي الصغير''.
عمل في عدة فرق مسرحية بعد ذلك مثل ''جوقة سيد درويش المسرحية''، و''فرقة جورج أبيض''، و''فرقة نجيب الريحاني''، وأدى معه مسرحية ''صاحب السعادة كشكش بيه'' التي حققت نجاحا ذائعا في وقتها أوائل القرن العشرين، وكان منافسا قويا لعملاق الكوميديا ''نجيب الريحاني''.
اجتذبته السينما عام 1928، وقدم أول أدواره في فيلم ''سعاد الغجرية'' مقابل أجر ''50 جنيه''، وتوالت الأدوار ووقف أمام ''الريحاني'' في ثلاثة أفلام هي ''سلامة في خير 1937''، ''سي عمر 1940''، ''أبو حلموس 1947''، كما وقف أمام ''أم كلثوم'' في فيلمي ''سلامة و فاطمة''، وصفق له ''فريد الأطرش و إسماعيل يَـس'' وهو يغني على ''العود'' مقلدا ''سلامة حجازي'' في فيلم ''حبيب العمر''.
عمل ''شرفنطح'' في أكثر من 45 عملا فنيا بين السينما والمسرح، وتميز بالخفة والكوميديا الراقية، وفي عام 1953 قرر الذهاب ''للحج''، وأطلق عليه زملائه ''الحاج شرفنطح''، وعاد ليؤدي أخر أدواره عام 1945 في فيلمي ''عفريتة إسماعيل يَـس'' و''حسن ومرقص وكوهين'' إخراج فوزي الجزايرلي.
يهاجمه مرض ''الربو'' ويقرر الاعتزال والانزواء في مسكنه الصغير بـ''حارة ألماظ''، ويعاني الفقر والوحدة بعد أن انصرفت عنه الأضواء، ولم يبقى بجانبه سوى ''زوجته'' فهو لم ينجب أبناءً، ويشاء قدره أن يتهالك بيته وتخليه البلدية، فيجمع ''عزاله'' البسيط ويركب ''تروماي القلعة'' مقيما بحجرة صغيرة هناك.
عانى حتى خصصت له النقابة ''عشرة جنيه'' معاشا شهريا بالكاد كان يكفي دواءه، وعاش سنوات من الوحدة والانعزال إلى أن رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 25 أكتوبر 1966، ولم يعلم أحدا بوفاته إلا حينما أتى ''موظف النقابة'' لتسليمه المعاش، وحين طرق بابه و لم يفتح خرج الجيران ليقولوا لهك ''البقية فـ حياتك .. عم شرفنطح مات''.
فيديو قد يعجبك: