الحظر السياسي.. تبات ''ثائر'' تصبح ''معزول''
كتبت – دعاء الفولي:
حالة الانتشاء التي سببتها ثورة 25 يناير كانت لا تزال موجودة حتى عام 2012، في ذلك الوقت قبيل انتخابات الرئاسة جاءت مطالب بالعزل السياسي لبعض الشخصيات من النظام القديم، بينما لم يظهر على الساحة أحد ممن اتبعوا سير الحزب الوطني للترشح لانتخابات مجلس الشعب 2011. جاءت انتخابات الرئاسة 2012 لتفشل في عزل الفريق ''احمد شفيق'' عن الترشح بل حصل على أصوات متقاربة مع مرشح جماعة الإخوان المسلمين، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة 2014، أصدرت محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية قرارًا بحظر ترشح أعضاء جماعة الإخوان للرئاسة، لتعود فكرة الحظر مرة أخرى على السطح، والجماعة التي قيل أن أعضاءها يومًا أنقذوا الثوار بموقعة الجمل أصبحت ''فلول''، بينما نأى بعض المرشحين ''الثوريين'' بأنفسهم عن المنافسة الرئاسية في عزل من نوع جديد.
كان محامي يُدعى ''طارق محمود'' قد أقام دعوى ضد الجماعة بوصفها ''إرهابية''، مطالبًا منعهم والجماعات الجهادية الأخرى من الممارسة السياسية، فيما لايزال تنفيذ الحكم مرتبطًا بعدة عناصر على أرض الواقع، أهمها أن معرفة ماهية الشخص المترشح للانتخابات أمرًا صعبًا وليس من اختصاص لجنة الانتخابات الرئاسية بحال.
قال ''إبراهيم محمد'' أحد أعضاء حركة الاشتراكيين الثوريين، إن عملية المنع من قبل الدولة لم تؤتي ثمارها مع أعضاء الحزب الوطني، إلا بشكل مؤقت ''وقتها كان فيه مد ثوري كبير وضغط فكان طبيعي إنه مبادرات الثورة تلاقي استجابة بالمنع''، بشكل عام يرى عضو الحركة أن المنع له تبرير الحالتين حتى وإن لم يكتمل ''دلوقتي الغطاء إن الإخوان إرهاب ووقتها كان إن رموز الوطني سرقوا ونهبوا وأفسدوا''.
''المصلحة'' هي ما تحكم المشهد بالنسبة ل''محمد''، وتحكم تغير حال الإخوان من وقت الثورة حتى استلامهم سدة الحكم، وحال المؤسسة العسكرية على حد قوله في تعاملها معهم، وفي النهاية يرى أن المنع لم يكن حل ثوري ''لأنه كان على الورق فقط دون تطبيق فعلي، الإخوان مثلًا حركة المحافظين الأخيرة في عهدهم كان فيها فلول''.
مع قدوم انتخابات الرئاسة لم تظهر على الساحة أحد الشخصيات التي تُصنف أنها ''ثورية''، خاصة هؤلاء الذي كان لهم نصيب من الترشح في الانتخابات الماضية، سوى المرشح ''حمدين صباحي''، أما دون ذلك فقد اعتبر بعضهم أن الانتخابات ''مسرحية''، كالمرشح السابق ''خالد علي'' و''عبد المنعم أبو الفتوح''، وعزف آخرون عن التعليق على فكرة الانتخابات وبالتالي تتحول فكرة العزل القانونية لعزل شخصي من قبل المرشح لنفسه.
في إبريل 2012، ظهر اقتراح من قبل المحامي ''عصام سلطان''، بمجلس الشعب، بضرورة عمل قانون يُدعى ''العزل السياسي''، لمنع رموز النظام القديم تمامًا من المشاركة في الحياة السياسية، وتم الموافقة على القانون بالبرلمان، لكن المحكمة الدستورية العُليا أقرت بعدم دستوريته في يونيو الذي تلاه، وكان القانون قد اقُترح بشكل خاص اعتراضاً على ترشح الفريق ''أحمد شفيق''، و''عمر سليمان'' للرئاسة.
يرفض ''أحمد راغب'' أحد مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، فكرة المقارنة من الأساس بين الجماعة وفلول النظام السابق ''الفلول ناس أفسدوا 30 سنة، فساد شافه وسمعه الكثيرون''، بينما ينفي عن الإخوان وجود قضية فساد محددة ''الاتهامات هي محض خرافات ووهم وأكبر دليل هو أحراز قضية التخابر''، مضيفًا أن رحيل نظام مبارك أكمل فرحة ثوار 25 يناير، لكن رحيل نظام الإخوان قتل الثورة ومريدوها على حد قوله. ''المنع مش لازم يبقى بشكل مباشر ممكن يبقى المناخ العام مانع أشخاص بعينهم زي خالد علي مثلا''، قال ''راغب''.
قال ''طارق فهمي''، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة أولي ''يعني يمكن الطعن عليه من قبل الإخوان وهذا ما سيحدث في الغالب''، أرجع الباحث أن قبول الطعن سيحدث لأن الحكم مخالف للدستور الحالي، مؤكدًا أنه على مر المراحل السياسية المتتابعة فشلت النخبة في إقامة قانون للعزل السياسي أو تطبيقه على أرض الواقع مع الفلول.
العزل السياسي وإن حدث فلن يمنع الإخوان من المشاركة على حد قول ''فهمي''، فالقانون سيكون معني لقيادات بشكل أساسي، وليس الأعضاء العاديين ''وبالتالي الأعضاء ممكن ينخرطوا داخل أحزاب إسلامية أخرى''.
وأضاف ''فهمي'' أن عملية العزل السياسي لم تنجح بشكل كبير في دول العالم رغم وجود محاولات، في فرنسا مثلّا عقب الثورة، وفي شرق أورويا ظهرت دعاوي للعزل وكذلك بألمانيا وفي تركيا عقب الانقلاب العسكري في الثمانينات، لكن تظل فكرة العزل سياسية على حد تعبيره، هدفها تهدئة الشارع، وامتصاص غضب الجماهير، لكن لا يحكمها قانون صارم وأدوات للتطبيق، ولذلك يمكن دحضها في كل مرة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: