زميلة طاقم الطائرة المصرية تروي حكاياتها مع الراحلين
كتبت - دعاء الفولي:
صباح الأمس استيقظت هويدا سعد بآلام في الظهر ووجع طفيف جهة القلب، بملل تفحصت المضيفة ذو الثلاثة وخمسين عامًا موقع فيسبوك، لتجد الفاجعة؛ 66 شخصًا لقوا حتفهم على طائرة تتبع مصر للطيران، زاغت عيناها فيما تسأل عن أسماء من كانوا على متن الطائرة من الطاقم، باغتها اسم ميرفت زكريا وهيثم العزيزي، لم تصدق الخبر، دلفت صفحتها، رأت التعازي تُمطر صفحة صديقيها على موقع التواصل الاجتماعي، كادت أن تفقد الوعي، ظنت أنها مُزحة، لولا تأكيد أحد زملاءها على الخبر.
منذ ثلاثين عامًا تعمل هويدا كمضيفة بمصر للطيران، ترافق في أغلب رحلاتها ميرفت "حنية إيه وطيبة إيه.. تتشاف تتحب"، تذكر السيدة الخمسينية حين رافقتها إلى مدينة بانكوك التايلاندية منذ عشرين عامًا، كانت المضيفة الراحلة لازالت في بداية العمل، فاتفقت كل منهما على إحضار وليدها لقضاء بعض الوقت خارج مصر "هي جابت بنتها كان لسة عمرها سنتين تقريبًا وانا ابني كان عمره شهور"، توطدت علاقتهما منذ ذلك الوقت "كنا بناكل سوا ونخرج سوا.. وبنطير سوا".
هويدا هي الأقدم بين زملائها في طاقم مصر للطيران، تعرف القاصي والداني، لمست أحلام زملائها الأصغر سنًا، عايشت لحظات ضحكهم التي لم تكن تفارقهم "هيثم وميرفت كانوا لا بيتكلموا على حد ولا بتوع مشاكل طلتهم دايمًا فيها ابتسامة رغم مشاكلهم".
منذ عدة أشهر خضع هيثم لجراحة بالمخ، جعلته طريح الفراش لفترة، رغم أن عمره لا يُجاوز الأربعين عامًا، حكى لهويدا ان أمنيته الأكبر هي العودة للعمل كمضيف "يقولي أنا نفسي أطير تاني"، كانت ترجوه أن يستريح قليلًا لاستكمال فترة العلاج فيرد "مفيش وقت عايز أرجع للسما بسرعة".
كان هيثم وميرفت "بيجروا على عيالهم" على حد قول هويدا، تشارك المضيفان الراحلان في تسخير وقتهم من أجل الأولاد "هيثم مكنش له غير ابنه مكنش متجوز وكان عايش عشانه"، أما ميرفت فقد كانت كذلك تُربي ابنتها بمفردها منذ عشرين عامًا، تُعدها كي تكون زوجة مستقبلية، كانتا كصديقتين أو أختين تفعلان كل شيء سويًا.
تكبر هويدا ميرفت بحوالي عشر سنوات، كانت الأخيرة تحكي لها أملها بالترقية، فذلك أمر صعب في عُرف المجال "كل شوية امتحانات ولو أي حركة غلط ترجعك عشرين خطوة لورا"، غير أن ميرفت نالت ما استحقته في النهاية؛ منذ حوالي أسبوعين تمت ترقيتها من مضيفة إلى مديرة طاقم، تذكر هويدا حوار أخير دار بينهما على موقع "فيسبوك": "قولتلها مبروك يا ميمي فقالتلي لازم ترجعي تطيري تاني ونطلع رحلات سوا".
منذ ثلاث سنوات توقفت هويدا عن العمل كمضيفة بسبب حدوث مشاكل صحية في ظهرها، اقتصر دورها على الأعمال الورقية، لكنها ظلت تقابل صديقيها مرة على الأقل أسبوعيًا "كانوا بييجوا عندي يمضوا ورق أو يخلصوا حاجات إدارية"، أثناء الزيارة اعتادوا تبادل ذكريات المواقف الصعبة التي خاضوها سويًا "نفتكر لما مرة عجلة من عجلات الطيارة باظت ومرة تانية السيستم بتاع الطيارة وقع وكنا بنضحك على المواقف اما نفتكرها".
لم تعرف هويدا أن زميليها في العمل سيقضيان بسبب أحد تلك المواقف، ربما ذلك ما جعلها أكثر عنفًا تجاه من ألقوا باللوم على شركة مصر للطيران في الحادث "احنا بنتبهدل امتحانات والناس اللي شغالين على أعلى مستوى مفروض الناس تبطل تتكلم عن الطاقم والطيار وتحترم حرمة الموت".
فيديو قد يعجبك: