"مشروبات وأغاني وحكايات".. النوبة تعود من جديد في بيت السناري
كتبت - دعاء الفولي:
تصوير - محمود بكار:
أمام منضدة مليئة بأنواع مختلفة من الحناء جلست أشري عصام، تُجهز أدواتها التي ترسم بها، فيما يأتي صوت الأغاني النوبية من المسرح، مُعلنا بدء أمسية رمضانية عن أرض الذهب.
داخل بيت السناري، بمنطقة السيدة زينب، أقام فريق "فرسان النوبة" أمسية "رمضانك نوبي" ليروي من خلالها تراث النوبة بأشكال مختلفة؛ بين الغناء، المشغولات اليدوية، الرقصات وحتى المشروبات، التي يأتي على رأسها "الأبري" وهو عصير ليمون مختلط بالرقاق الذي يُصنع في النوبة داخل البيوت.
للعام السادس على التوالي يقيم الفريق الأمسية "هي فرصة الناس تتجمع وتتعرف أكتر على النوبة وعاداتها" حسبما تقول رحاب هاشم، أحد منسقي الحدث.
وُلدت أشري في القاهرة "لكن زياراتي للنوبة مستمرة". تعمل صاحبة الـ27 عاما في رسم الحناء وتنظيم الاحتفالات النوبية للعرائس، لكنها تنتظر فرصة تجمعها مع تراث مدينتها، لاسيما وأنها تفتقدها في رمضان.
"أكتر حاجة بتوحشني هناك هي اللمة.. الناس بتفطر مع بعض"، تتذكر الشابة شكل الشوارع المليء بالحيوية في النوبة، فيما يحزنها اختلاف الحال هنا "محدش مهتم يسأل عن غيره"، غير أن أكثر ما تذكره يرتبط بعيد الفطر "لازم البنات تتجمع ونلف على البيوت نعيد على الناس، وناخد أصحابنا من هناك"، تضحك أشري قائلة إن ذلك الطقس مازال ساريا حتى الآن.
كان عدد القادمين للمكان في ازدياد، بين أطفال وكبار سن، دقائق وبدأ تفاعلهم يزداد مع الأغاني النوبية التي يؤديها أمير حجازي على المسرح، فيما يُخبرهم بابتسامة "الواحد ما صدق يغني للنوبة".
لم تنقطع علاقة المغني صاحب الـ34 عاما بالنوبة أبدا، ينهل من جمالها ليقدم فنه للناس، لم تكن مشاركته في أمسية بيت السناري هي الأولى "كنت عضو في فرقة أبو سمبل وبعدين بقيت بشتغل لوحدي". لا يفوت فرصة الوقوف أمام الجماهير، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف المناسبات "تراثنا مليان أغاني لكل حاجة"، لذلك فمعظم ما قدمه في الأمسية كان دينيا.
بين الجماهير، كانت جودي ذات الخمسة أعوام تتراقص على أنغام ما يلقيه حجازي، بينما تبدو السعادة على وجه والدتها فاتن عثمان "احنا من أسوان بس أول ما سمعنا عن الإيفنت قررنا نيجي"، تحرص فاتن وأختها أمل دائما على إبقاء أبنائهم قريبين من تاريخ أسوان والنوبة "احنا انشغلنا بالحياة هنا فمش عايزينهم يبقوا زينا".
تُعدد الشقيقتان مزايا مدينتهما "الجو هناك صافي، الشوارع نضيفة، محدش في رمضان بياكل لوحده"، كما تستغلان فرصة الأمسيات المشابهة للقاء أصدقائهما النوبيين أو تكوين صداقات جديدة.
لم تقتصر الأمسية الرمضانية على الفن فقط؛ فلمدة حوالي 15 دقيقة، شرحت جليلة جمال للجالسين عن طبيعة النوبة؛ جغرافيا وتاريخيا، وسردت تفاصيل عن حياتها هناك.
تعمل جليلة محاميةً في القاهرة، لذلك اعتادت منذ سنوات أن تحكي عن النوبة في المناسبات الشبيهة "بيبقى فيها ناس مش نوبيين وأحيانا مش مصريين، وبالتالي بيعرفوا عننا أكتر".
لا تحتاج المحامية الخمسينية للتحضير لما ستقوله "انا عايشة وسط ده، لكن ببقى محتاجة أتكلم لساعات عشان أقدر أوصل حالة المكان هناك".
رغم أن عملها انصبّ على بيع المشغولات اليدوية النوبية، غير أن نهلة خميس لم تُخفِ سعادتها بأمسية بيت السناري، تعلمت السيدة الثلاثينية صناعة الفخار من أهلها في المدينة الطيبة، ورغم استقرارها في العاصمة "بس الناس هنا بتحب تشتريهم جدا"، تتذكر السيدة زيارتها الأخيرة للنوبة "هناك اللمة مش بتنفضّ.. حتى ريحة الجو مختلفة"، فيما يهون عليها قليلا أن ما تبيعه من مشغولات بعضها حصلت عليه من عائلتها هناك.
فيديو قد يعجبك: