"خدماتكو" في المحلة.. مشروع يوفر صنايعية حتى "باب البيت"

كتبت-رنا الجميعي:

داخل سيارة تاكسي كان مصطفى بركات يتحدث مع السائق، لاحظ أن الكثير من السائقين لديهم وظيفة أخرى كسبّاك أو نجّار، تذّكر من واقع تجربته في العيش بالسعودية لخمس سنوات أن كل الخدمات يمكنه الحصول عليها عبر الإنترنت، لذا ما إن عاد لمسقط رأسه بمدينة المحلة بدأ في تأسيس شركة صغيرة، لتصبح هي الأولى من نوعها في المحلة التي تقدم خدمة التوصيل والشحن وتوفير مختلف "الصنايعية" والمشتريات.

مرّ أقل من العام على مشروع بركات - "خدماتكو" -، تمكّن من الوصول لقاعدة عملاء تصل إلى ثلاثة آلاف عميل، وعدد عاملين كبير، وعدد طلبات يصل حوالي 100 يوميًا.

في البداية كانت الفكرة تتلخص في خدمة أهل المحلة عبر توفير عاملين لمنازلهم "بدأت اقعد على قهاوي عشان ألاقي على صنايعية، وبقولهم أنا مش هقدر أديكو راتب أساسي، هيكون بدوام جزئي".

كان لدى بركات شروط مُقابل توظيفهم "لازم يقدم لي ملف فيه فيش وتشبيه وعنوان بيته، وبيكون عارف إني لازم أعمل بحث اجتماعي عنه الأول". لم يتعسّف الشاب في شروطه التي اعتبرها "ضمان عشان يقدروا يدخلوا بيوت الناس". ولا يمر الأمر بعد ذلك أيضًا "لازم بيكون فيه مقابلة شخصية معايا، أشوف اسلوب كلام، بيتعامل ازاي، وأعمل له تقييم".

يصل عدد الصنايعية الذي يعملون مع لا"خدماتكو" إلى الآن حوالي 25 عامل في مختلف المجالات، على ما يقول بركات. "عندنا خدمات سباكة ونجارة ونقاشة وتصليح تكييفات، وأي مشكلة كهربا، وفلاتر"، ويصل ثمن طلب العميل "الأوردر" من مئة إلى مئتين "يعني كل عامل بيعمل في اليوم حوالي 500 جنيه".

لمدة ثمانية شهور قبل التنفيذ جلس بركات في مقاهٍ المختلفة "دي كانت المصدر الأساسي اللي جبت منه العمال، وكنت بقعد على قهاوي أعلى شوية بجيب منها العُملاء في البداية"، دشّن الشاب الذي لم يُكمل الثلاثين بعد مشروعه في ديسمبر الماضي، وطمح في سنته الأولى للوصول إلى 20 ألف من سُكان المحلة "تعداد المحلة بيوصل لاتنين مليون".

لم تقتصر "خدماتكو" على الصنايعية فقط، بدأ بركات في التوسّع "لقيت الناس بدأت تطلب عاملات نظافة"، بالبحث علم بركات أنه لا تُوجد أي شركة داخل نطاق الدلتا تُقدّم عاملات نظافة، وبدأ بالفعل بسؤال الجمعيات الأهلية عن المُحتاجين من واقع البحث الاجتماعي الذي يقوموا به "وتبقى فرصة إننا نوفر شغل لحد محتاج"، هكذا تمكّن بركات من توظيف 7 عاملات نظافة حتى الآن.

كان توظيف عاملات النظافة لدى "خدماتكو" يتمّ حسب شروط بين الشركة والعميل، "احنا في مجتمع له عاداته وتقاليده، بطلب من العميلة إن زوجها ميكونش متواجد، ولو موجود يبقى أطفالهم موجودين كزيادة أمان"، كذلك تتم مُقابلات شخصية مع العملاء نفسهم، لا يقتصر الأمر عند ذلك؛ حيث تظلّ العاملة على تواصل مع الشركة ثلاث مرات في اليوم على أقل تقدير، قابل بركات مواقف سخيفة دفعته لكل تلك الشروط "لما كنت بقول احنا هنقدّم شغالة كان العميل الراجل يسألني هي حلوة".

لا يعتبر بركات نفسه مُجرد مؤسس شركة، يُحاول من خلال "خدماتكو" ترسيخ ثقافة مُختلفة، حيث يتم دفع ثمن الخدمة عبر الشركة "العميل مبيدفعش للعامل مباشرة، دا بيدفع لينا، وكمان مفيش اكراميات، في النهاية الراجل بياخد تمن الخدمة بس"، يُضيف بركات "ممنوع عندنا عاملة النظافة تاخد هدوم أو أي شئ مادي من العميل، لو عرفنا بنوقفها عن العمل، ونمنع الخدمة عن العميل لأنه عارف إن دا النظام من الأول".

لا تقتصر "خدماتكو" على الصنايعية وعاملات النظافة فحسب، بل توّسعت لتضم خدمة توصيل الخضروات والفاكهة للعميل، ويصل ثمن التوصيل إلى عشرة جنيهات، يُفكّر بركات دومًا في راحة عملائه، لذا يُحاول الوصول إلى طُرق مختلفة لتوسعة عمله "في موسم المدارس هيكون عندنا كراتين أكل نوصلها لحد البيت"، كما أنه سينتهي في أكتوبر القادم من استخراج ترخيص من الدولة ليتمكّن من إنهاء التعاملات الحكومية لعملائه "زي إننا نخلص البطايق وأي ورق حكومي".

في بداية المشروع لم يقتنع أهل بركات بما يقوم عمله "أمي بس اللي كانت بتقولي أنا واثقة فيك"، لكنه يتلقى منهم الدعم الكامل الآن "بقوا بيتصلوا بيا عايزين خدمات هما كمان".

تعرّض كذلك بركات إلى مُشكلات عديدة، يتذّكر منها مُشكلة نقص العمالة لديه "أوقات الشغل بيبقى زحمة لدرجة إني في وقت نزلت أوصل طلبات بنفسي"، ليست تلك المُشكلة لكن استنزاف طاقته جعلته يُفكّر ذات مرة في توقف المشروع، الأزمة الأكثر صعوبة التي مرّ بها كانت في تعامل العملاء بقسوة مع عاملات النظافة "الناس بيكونوا عايزين حد يموتوه في الشغل ويعمل كل حاجة"، وجديًا فكّر في توقف خدمة التنظيف، يُضيف بركات قائلًا "أنا مش بشغّلهم عشان أهينهم، لازم يبقى فيه احترام وآدمية"، إلى أن جاءته إحدى السيدات العاملات "قالت لي احنا مكناش شغالين ودلوقت بقينا في مستوى اجتماعي كويس".

بدأ بركات المشروع بمُفرده، غير أنه وصل إلى فريق عدد أفراده خمسة، وقبل نهاية هذا العام سيكون لدى "خدماتكو" تطبيق إلكتروني، كما أن بركات يأمل في السنة القادمة إن يُخاطب الدولة "عشان نشغّل شباب المحلة اللي في المدارس والمعاهد الفنية"، لدى الشاب العشريني أحلام كثيرة، لكن أكثرها طموحًا هو توسعة المشروع حتى يصل إلى 10 فروع عبر محافظات الدلتا.