إعلان

مصراوي يحاور شارلي شابلن "الأفغاني": رأيت المسارح مدمرة فقررت رسم البسمة

06:12 م الأربعاء 26 سبتمبر 2018

حوار- إشراق أحمد:

17 عامًا فصلت بين رحيل وميلاد. نعت السينما الكوميديان الصامت شارلي شابلن عام 1977، فيما دوت صرخات طفل في أفغانستان، استقبلته أسرته في خضم الحرب الأهلية عام 1994، ثم هربت به إلى إيران. كبر كريم أسيرا على حكايات موطنه الأصلي، وأوقات ينتظرها أمام شاشة التلفاز. انجذب الصَبي خلاف الصغار لأفلام الأبيض والأسود، ولبطلها صاحب الحركات المضحكة. لم تكن ثمة متعة تشبع نفس الأفغاني سوى رؤية الممثل البريطاني الراحل، فلما اشتد عضده واتخذ التمثيل سبيلاً قرر إحياء "شابلن" في بلده، عله ينتزع ابتسامة من الوجوه كما استطاع أن يفعل ممثله المفضل.

"شارلي شابلن الأفغاني" كذلك أصبح يُعرف كريم. قبل عام ونصف العام وقف الشاب لأول مرة أمام الجمهور بهيئة شابلن المميزة. لا يغيب عنه القلق لكن ردود الفعل ربتت على نفسه، لم يستطع الحضور من الوهلة الأولى التعرف أن الماثل أمامهم شارلي الأفغاني وليس الحقيقي، والذي لولا وفاته لصدقوا أنه هو، وهذا ما أسعد الشاب، كما يقول في حديثه لمصراوي.

بعد إتمامه المرحلة الابتدائية، عادت أسرة كريم إلى أفغانستان. لا يتذكر الشاب ما دار في موطنه، كان صغيرًا حينها، لكن علق في ذهنه صورة لا ينساها "رأيت كل الأماكن مدمرة. كان شيئًا مؤلمًا بالنسبة لي أن أرى السينمات والمسارح مدمرة"، لعب كريم على الأطلال، فيما دب في نفسه حلم استحوذ عليه بأن يبقى هنا ويصير ممثلاً، ويظهر لكل العالم أن "ثمة فنانين ما زالوا على قيد الحياة في أفغانستان".

1

كانت مشاهدة أفلام شابلن نوعًا من التسلية لصاحب الثالثة والعشرين ربيعًا، حتى التحق بكلية الفنون، وتخصص في شعبة التمثيل والمسرح، حينها أخذ يبحث عن الممثل البريطاني، يقرأ عن سيرته الذاتية، حياته وأعماله، "الدراسة جعلتني مغرمًا به أكثر.. وجدت كم كان جميلاً وقادرًا بلغة جسده وتعبيرات وجهه أن يقدم رسائل قوية لكل العالم دون أن ينطق بكلمة" يقول كريم، فقد تعلق الشاب بممثله وانعكس عليه ذلك وبدا للعيّان، لكن موقفًا تعرض له داخل الجامعة دفعه لتنفيذ مشروعه.

2

ذات يوم في إحدى المحاضرات، استوقفه أستاذه وأخبره "لا تسير مثل شارلي شابلن"، أذهل التعليق كريم، فذهب إليه بعد المحاضرة وسأله "هل حقًا أسير مثله"، فكان الرد الذي دفعه للعمل على مشروعه "نعم تبدو مثل شارلي شابلن"، من بعدها أيقن كريم "أنه يستطيع أن يكون شارلي شابلن الأفغاني".

3

مع مجموعة من الأصدقاء يقودهم مخرج حاصل على ماجسير في المسرح من ألمانيا، يدعى عبدالحق حقجو، بدأ كريم التمثيل على خطى شابلن، عكفوا على إنتاج أفلام قصيرة لا تتعدى ثلاث دقائق، بتمثيل صامت وشاشة بالأبيض والأسود.

في شوارع مدينة كابول الأفغانية، يظهر كريم بهيئة شابلن، يلفت انتباه المارة، ترتسم الابتسامة على الوجوه، بينما يسقط الشاب أمام إحدى السيارات متعثرًا بحركة ضاحكة. تلك البسمة ما يبتغيه كريم، بعرض مشكلة اجتماعية يعاني منها سكان أفغانستان مثل عدم استخدام الأرصفة وكباري المشاة، وعدم الاهتمام بالمساحات الخضراء في الحدائق والأماكن العامة.

4

لم يكتف شارلي شابلن الأفغاني بالأفلام القصيرة، بل جاب هو وفريقه الساحات المفتوحة في أفغانستان والمدارس يقدمون عروضًا مسرحية، تحمل الطابع ذاته، زادت شهرة الشاب العشريني "في البداية كان يحضر نحو ألف لكن في المدارس يكون هناك أكثر من ألفين طالب".

لعب كريم أدوارًا لشخصيات مختلفة لكنه لمس رغبة الجمهور في الضحك والتسلية، كما يقول، وبات واثقًا أن شخصية شابلن لها الكثير من الداعمين والمحبين، وأنه من شأنها التأثير في الناس كما سبق أن فعل صاحبها الحقيقي طيلة نحو 53 عامًا ظل يقدم فيها الممثل البريطاني أعماله بداية من أول فيلم له عام 1913 وحتى 1966.

5

يعلم كريم أن ما يقدمه يقاوم به أوقاتًا عصيبة تمر بالأفغان؛ سجل مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2017 أفغانستان بالمرتبة الثانية بعد العراق في نسب الوفيات التي تحدث نتيجة الحوادث الإرهابية. لا يغيب الخوف عن الشاب، لكنه يواصل ما يفعل.

لا يقابل شابلن الأفغاني دومًا ردود فعل إيجابية، أحيانًا يصدمه البعض بطاقة سلبية بل وإهانة يتلقاها وأعضاء الفرقة جراء ما يقومون به "يقولون إن عملنا ضد الإسلام"، يحزن كريم بقولهم هذا، ينفي عن نفسه الاتهام "لا يمكن أن نكون أبدًا ضد الإسلام. نحن نريد أن نكون سببًا في رسم ابتسامة على وجوه الناس، أن ننسيهم الحرب والمواقف السيئة ولو للحظات".

6

"قررت أن أمثل واخترت أن أكون مثل شارلي شابلن" متحديًا نفسه والمجتمع بدأ كريم مشروعه الفني، ويعكف على أن يتوسع، يقول إنه وفرقته يستعدون قريبًا لتصوير فيلم قصير عن فن وثقافة أفغانستان، يعبر عنها شابلن الأفغاني، كما يعملون على تنفيذ مشروع مسرحي وإقامة ورش عمل للفنانين في كابول، بينما يواصلون تقديم العروض لتجوب مختلف المقاطعات الأفغانية.

7

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان