ممسوس بالكتابة توفي في ساحة أحلامه.. ما نعرفه عن الروائي الراحل محمد حسن خليفة
كتب- محمد مهدي:
روح طيبة وعقل متقد وقلم لا يكتفي من الكتابة، هكذا كانت سيرة الروائي الشاب محمد حسن خليفة، لوحة زاهية ناضرة، قبل أن يكسوها اللون الأسود بعد سقوطه مغشيا عليه أثناء تواجده في معرض الكتاب بدورته الـ 51، ليفَقد ابتسامته ثم حياته بأزمة قلبية مفاجئة، تاركًا حزنًا ثقيلًا لدى أحبائه وأصدقائه ومن تعرفوا عليه عَن قُرب.
في الصباح الباكر من اليوم الخميس كان الشاب العشريني يقف أمام بوابات معرض القاهرة للكتاب في التجمع الخامس، ينتظر بشغف بدء فاعليات الحدث الثقافي الأكبر بمصر، لينطلق في أنحاء المكان "كان سعيدًا جدًا، خاصة إنه له مجموعة قصصية وندوته بعد أيام-26 يناير" كما تقول إيناس الكنزي، مدير دار نشر كنزي، التي أصدرت المجموعة "كان صاحب موهبة خرافية" تذكر كيف انضم خليفة إليهم لموهبته المتفردة.
في يونيو الماضي تقدم "خليفة" إلى دار كنزي بمجموعته القصصية (إعلان عن قلب وحيد)"كانت قوية جدًا ومغرية للجنة القراءة، وحصلت على تقيم 9 من 10" لم يصدق أحد أن صاحبها لم يتعدَ الـ 22 عاما "اللي يقرأها يفتكر إن صاحبها عند ستين سنة" تحمست الدار لنشرها في معرض الكتاب "المجموعة مكونة من 17 قصة، غالب عليها الواقعية السحرية، ومعملناش أي تعديل عليها" عمل الروائي الشاب بكد وسعادة بالغة بعمله المنتظر حتى اللحظات الأخيرة.
كان ابن البدرشين ممسوسا بعشق القراءة والكتابة، رغم دراسته في كلية زراعة لكنه انضم سريعًا إلى عالم الأدب من خلال الصحافة "بيكتب مقالات نقدية عن الكُتب والأعمال الفنية في عدد من المواقع العربية" كما يقول صديقه الشاعر خلف جابر، أيضًا له برنامج على موقع يوتيوب أطلق عليه " RevTop" يُقدم تحليل لعدد من الأعمال الأدبية بإمكانيات بسيطة وجهد كبير"مكنش مهموم بالمقابل المادي قد ما كان عايز يعبر عن اللي بيحسه تجاه الروايات والشعر والمسرح".
اتسمت شخصية "خليفة" بالهدوء والخجل لكن سرعان ما يتخلى عن تلك الحالة حينما يدور نقاش عن كتاب أو روائي، يندفع متحدثًا بحماس، يتذكر الصحفي"بشري محمد" اللقاء الأول الذي جمعه بالراحل "كنت في المترو بتكلم عن كاتب لقيته دخل في الكلام وقال رأيه وبدأت صداقتنا" جلسات عديدة بينهما تدور فقط حول الكتب "كان يحب أدب أمريكا اللاتينية والأدب الروسي" يضع على صفحته الشخصية دائمًا ترشيحات لأصدقائه عن الكتب التي أحبها "مؤخرًا قال إن رواية إمراة في حقيبة من أكتر الحاجات اللي عجبته".
حرص "خليفة" رغم صغر سنه على التقدم للمسابقات الأدبية والثقافية، من بينها مبادرة أطلقها دار نشر كلمات عربية لنشر كتاب لمجموعة من الشباب تحمس الراحل للانضمام إليه "وقصته نجحت وتم نشرها في كتاب (ويبقى الحنين)" كما يُشير الكاتب بهاء حجازي، مدير نشر سابق بالدار، شعر الأخير بالقدرات الكبيرة لخليفة "كان مخلص للكتابة، ومهتم بالكيف أكتر من الكم، وعنده طموح إنه يقدم شيء مختلف".
من اللحظات السعيدة في حياة "خليفة" حينما تقدم بمسرحيته "رأيت موتى العابران" في مهرجان الشارقة للإبداع العربي خلال العام الفائت، تبدو الفُرص ضعيفة لكاتب شاب في حدث عريق يشهد منافسة المئات من شتى الدول، لذلك كانت مفاجأة سارة حينما حصلت المسرحية على تنويه خاص "ودا معناه إنه كان مرشح بقوة إنه يفوز بالجايزة" وفق بشري، الذي اعتبر تلك الخطوة شهادة مميزة في حق صديقه.
توقع الكثير مزيدا من النجاح له، خاصة مع اقتراب صدور مجموعته القصصية، بدا الحماس على "خليفة" مع الساعات الأخيرة قبل معرض الكتاب، شارك أصدقائه ومتابعينه على "فيسبوك" سطور قليلة من أحد قصصه " علقت خبر موتي أمامي على الحائط، كل صباح ومساء كنت ألقي نظرة عليه، لأطمئن أن ورقة الجرنال التي كُتب فيها الخبر بخط كبير، وصفحتي أولى، بعيدًا عن الوفيات، مازالت سليمة، وتستطيع أن تقاوم معي الأيام القادمة" لذلك حينما غادر عالمنا أشار البعض إلى تنبأ خليفة بنهايته.
لا يتفق حجازي مع هذا الطرح، يعتقد أن الكاتب الشاب كان محبًا للحياة "يمكن متأثر بوفاة والده، لكن مكنش شخص تشائمي أو مُنتظر للموت أبدًا" يتفق معه جابر مؤكدًا أن خليفة "كانت طاقته حلوة، وعمره ما أتكلم عن حزن أو مرض" الأمر لا يتعدى المصادفة من وجهة نظرهما "معروف عنه إنه مبتسم دايمًا ومفيش صورة أبدًا مكشر فيها" يسرد تلك الكلمات بشري بينما يدعو له بالرحمة.
مع حلول الليل، لم يكن الجميع يُصدق ما جرى، رغم إتمام صلاة الجنازة في أحد مساجد البدرشين، ودفن الروائي الشاب، بينما نعت وزارة الثقافة الراحل مؤكدة تعازيها لذويه، فيما طُرحت العديد من الأفكار لتخليد ذكراه، أو مساندة عائلته "كنا هنوزع نسخ كتابه مجانًا، لكن قررنا نزود نسبة أرباح خليفة، ويروح العائد لأسرته" مدير دار الكنزي للنشر والتوزيع.
مواضيع ذات صلة:
حفل تأبين للكاتب المتوفي محمد حسن خليفة بمعرض الكتاب
الثقافة تنعي الكاتب الشاب محمد حسن خليفة
قبل توقيع روايته "إعلان عن قلب وحيد".. وفاة كاتب شاب بمعرض الكتاب
فيديو قد يعجبك: