حكاية "سارة" و"أبوزيد".. "كورونا" يعمق سطوة وسائل التواصل الاجتماعي
كتب- محمد زكريا:
حضر كورونا ضيفًا ثقيلًا على العالم، أصاب وقتل الملايين، وفرض شروطه؛ فُضت التجمعات، واضطر ملايين البشر لعزل منزلي اختياري تجنبًا لبطشه، فيما تعمقت سطوة التواصل الإلكتروني، قفز استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر من 12% في الأشهر الـ12 الماضية، وفقًا لتقرير "Statshot" الرقمي العالمي لشهر أكتوبر 2020، حيث بلغت سارة علي في تلك الفترة ذروة استخدامها لتلك الوسائل.
قبل 4 سنوات فقط، تعرفت سارة على وسائل التواصل الاجتماعي، تُعرف نفسها بالمدمنة الآن، صاحبة الـ22 عامًا تقضي ما يزيد على 15 ساعة يوميًا في ضيافتها، خاصة "انستجرام"، تقول: "لدرجة وأنا نايمة بحلم بانستجرام.. بحب اتابع الناس كلها.. هو شباكي على العالم".
كان لتفشي أزمة كورونا في مصر، والإغلاق الجزئي الذي صاحبه لأسابيع، الفضل، على زيادة تعلق بنت حي أرض اللواء بوسائل التواصل الاجتماعي، كان مهربًا من سوء الحالة النفسية والخوف الذي حل بها، وأعداد القتلى تتزايد حول العالم: "مكنش فيه حاجة ممكن تتعمل في الوقت ده.. لا كنت بطيق التلفزيون.. ولا الواحد في طاقة ولا نفس يتكلم مع حد"، فقط كانت تجد المهرب في "صفحات اللبس والميك آب.. ممكن أدخل على انستجرام أخرج منه بعد 5 ساعات من غير ما أحس بالوقت.. من أبليكشن لأبليكشن.. تليجرام مثلا بتلاقي عليها المسلسلات اللي أنت عايزها.. الوقت بيتسرق منك من غير ما تحس".
ووفقًا لتقرير "Statshot" فأن أكثر من 4 مليارات شخص حول العالم يستخدمون الآن وسائل التواصل الاجتماعي كل شهر، فيما ينضم إليهم ما يقرب من 2 مليون مستخدم جديد كل يوم.
ورغم إحداث وسائل التواصل الاجتماعي تقاربًا افتراضيًا، كنافذة مفتوحة على العالم والأشخاص في كل مكان، إلا أنها فرضت تباعدًا اجتماعيًا وفقًا لخبراء.
كان لسارة نصيبًا من تلك السلبيات، تحكي: "قبل كورونا كنت أنا وأصحابي بنتقابل دايمًا، دلوقتي أغلب كلامنا شات، ومبقيناش نتقابل زي الأول.. خالوا مثلا بيجلنا يوم واحد في الأسبوع، وبتكون فرصة نتجمع أنا واخواتي ونتكلم ونضحك، بعد فترة من استخدامي الأبليكشنز دي بقيت انسحب من القعدة بعد 5 دقايق وامسك التليفون، ومببقاش حابة أسمع صوت جنبي.. اخرج مع خطيبي أتوه في الموبايل".
العالم الآن يقضي أوقاتًا أطول على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لـ"Statshot"، حيث باتت تلعب دورًا "أكثر أهمية من أي وقت مضى في مختلف جوانب حياة الناس اليومية"، ويقضي المستخدم العادي الآن ما يقرب من "15% من حياة اليقظة باستخدام المنصات الاجتماعية" بحسب التقرير.
لا ينفصل محمد أبوزيد تمامًا عن وسائل التواصل الاجتماعي، نهارًا وليلًا، ولم يغير "كورونا" من الأمر شيئًا، صاحب الـ25 عامًا يعمل في مجال "الديجيتال ميديا"، وهو ما يجعله قريبًا من "التريند" طوال الوقت، متابعًا له ومهتم به: "وده في جزء إيجابي أنك عارف طول الوقت الناس بتتكلم في إيه.. التريند بقى بيتحكم في كل حاجة وكمان بيجيب فلوس"، لكن ذلك الاهتمام وتلك المتابعة لا تخف بمجرد انتهائه من العمل، باتت حياة الشاب تدور حول تلك الوسائط: "بقيت أحس أني عبد لها.. فقررت اتعافى".
قبل شهر واحد، قرر أبوزيد تقليل معدل استخدامه لتلك الوسائل، وكانت الظروف مهيأة لذلك: "مكنتش اعرف اخد القرار ده في ذروة كورونا، لأن وقتها كانت متنفس مهم ليا في ظل ظروف الإغلاق والعزل والخوف.. دلوقتي الوضع يسمح"، اكتفى الشاب بساعات العمل فقط خلال الأسابيع الفائتة، وبعدها يبتعد: "مهما كان التواصل ع السوشيال ميديا مفيد، أنت فايتك خبرات حياتية بالهبل.. في النهاية هو عالم افتراضي.. على السوشيال كل الناس بادي بلدينج، تنزل الشارع تلاقيهم عاديين.. الناس على السوشيال معظمهم بلاستيك.. من غير سوشيال ميديا كان في تواصل حقيقي".
منذ أن اتخذ الشاب ذلك القرار: "حسيت إني مرتاح أكتر، بقيت اعرف اقعد مع عيلتي.. كنت مفتقد ده جدا"، ورغم أنه يعتقد أن: "السوشيال ميديا بتفرض نفسها علينا غصب عننا كلنا، وقادرة تدخل حياتنا وتتحكم فينا من غير ما نحس"، يرى أن ترشيدها يُكسبنا فوائدها دون أن يوقعنا في شباكها.
فيديو قد يعجبك: