من الاستغاثات للشكر.. هاتف "شريف خيري" بطل إنقاذ السيارات: طوارئ 72 ساعة
كتب وصور- عبدالله عويس:
لا جزاء للإحسان إلا مثيله، ولأن شريف خيري لم يترك مستغيثا إلا وأنقذه، خلال الأمطار التي اجتاحت مصر على مدار يومين، إلى أن احتاجت سيارته هو إلى مغيث، حين أصابها عطل قَدَّر تكلفة صيانته بنحو 90 ألف جنيه، فإن هاتف الشاب كان بطلا في تلك الفترة، جنبا إلى جنب مع سيارته، ولم يكف عن الرنين على مدار 3 أيام، لم ينم فيها الشاب قط، وما بين اتصالات تطلب المساعدة، واتصالات تقدم الشكر، ورسائل بالآلاف كان الهاتف لا يفارق يده.
قبل أشهر من هطول أمطار أكتوبر 2019 اشترى شريف خيري سيارة دفع رباعي، لتكون عونا له في الأيام الممطرة، والتي تغرق فيها القاهرة الجديدة، ولتكون أيضا عونا لكل من يريد، أسس بعدها فريقا لإنقاذ السيارات الغارقة في محيطه، ولأن الشاب الذي تخطى الـ38 عاما، يملك خطي هاتف وضع أسهلهما على الحفظ على صفحته الشخصية طالبا من الراغبين في إنقاذ سياراتهم الاتصال به وسينقذهم بشكل مجاني، وكرر فعلته حتى الآن 3 مرات، كان آخرها أمطار الخميس الماضي التي سبقتها تحذيرات رسمية، على أن هاتفه لم يتوقف عن الرنين منذ لحظات اليوم الأول للأمطار وحتى تلك اللحظة: "يوم الخميس بدأت الشغل في إنقاذ العربيات، حوالي 100 عربية تم إنقاذها، إيد ماسكة التليفون وإيد بتسوق".
على مدار اليوم كان الهاتف في يد الشاب لا يفارقه، يرد على مئات الاتصالات، ثم يعاود الاتصال بمن لم يتمكن من الرد عليهم، ويحاول بين ذلك كله الاستجابة لكافة الاستغاثات، يعاونه في ذلك أحمد رأفت ومحمد حجازي، وبينما كان الشاب يتصفح الأرقام التي اتصلت به خلال تلك الأيام لم يستطع حصر عددها، لكنه استطاع التعرف على عدد الرسائل التي وصلت إلى حسابه على موقع فيس بوك، لتتخطى الـ5 آلاف رسالة، أكثرها عبارات ثناء وشكر من الذين عرفوا أمره وقصة سيارته التي تعطلت يوم الخميس الماضي حين كان يحاول إخراج إحدى السيارات من مكان علقت فيه: "ومكنتش أتخيل أبدا إن المنشور اللي كتبته يجيب فوق الـ50 ألف متفاعل".
مكالمات عدة وصلت للشاب الذي يملك شركة خاصة في مدينة نصر، أحدها كانت من سائق السيارة التي بسببها تعطلت سيارة شريف، يشكره الرجل ويعتذر له عما حدث لسيارته، فيخبره شريف بأنه من يجب عليه الاعتذار لأنه لم يقدم له شيئا: "أنا عطلت مثلا الساعة 5 ونصف، ناس وصلتني بشريف، ووصلت ليه وجالي الساعة 6 لكن عربيته عطلت للأسف" يحكي سمير عوض الذي يعمل مندوباً لإحدى الجهات واضطر في هذا اليوم لقيادة السيارة، التي لم تخرج إلا بمساعدة 5 آخرين، لكنها ليست ملكه: "فكان لازم أشكره".
للهاتف الذي لم يكف عن الرنين، أكثر من شاحن للبطارية، يحملهم الرجل معهم تحسبا لأي طارئ، وداخل سيارته لا ينزع الهاتف من الشاحن مطلقا: "يعتبر 72 ساعة مفصلش ولا بطاريته نقصت عشان طول الوقت في الشاحن، وعلى ودني". حين كتب الشاب على صفحته الشخصية ما حدث لسيارته، وصلته آلاف الرسائل على تطبيق "واتس آب" وفيس بوك، ومئات الاتصالات من مصر وخارجها، فمكالمات وردت له من السعودية وأمريكا والإمارات لأشخاص يرغبون في إصلاح سيارته على تكلفتهم الشخصية أو شراء سيارة جديدة له، حتى وردت له مكالمة من مكتب الفريق عبدالمنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، ليخبره بأن الهيئة ستتكلف بصيانة وإصلاح سيارته و3 سيارات أخرى كانت تشارك في إنقاذ سيارات أخرى لحظات المطر: "بس كان أهم حاجة بالنسبالي كمية الدعوات اللي الناس قالتهالي". وخلال تلك الفترة زاد عدد المتابعين لصحفة الشاب الشخصية إلى 17 ألف شخص بعدما كانت 3 آلاف فقط، وذلك في يومين فحسب.
في البيت كانت طفلته الصغيرة وولده يحاولان الاتصال به، لكنه لم يستطع الرد عليهما، فالأولية كانت للذين يطلبون المساعدة، ويتذكر الرجل حين كان والده يعلمه القيام بأمور حسنة لا ينتظر من خلفها جزاء ولا شكورا، وكان يخبره دوما أن الخير لا يلقى في البحر هباء، إنما سيعود لصاحبه، شريطة أن يكون القيام به بلا مقابل فحسب: "فاكر في مرة لما عربية خبطت واحد ومراته على موتوسيكل، وأبويا قرر يساعد فقلته إننا لو وقفنا هنلبس في مشكلة، فقاللي ربنا هيقف معانا". يرى الشاب أن إقدامه على فعل الخير يعود جزء كبير منه إلى تعاليم والده والأمور الحسنة التي كان يفعلها قبل وفاته منذ 11 عاما، ومنه تعلم الشاب تلك الصفة، واعتاد على فعل الخير: "وكانت أحسن دعوة تجيلي لما حد يقوللي ربنا يسترها عليك".
فيديو قد يعجبك: