مطبخ دوار.. مبادرة وضعت الطعام المصري والسوري على طاولة واحدة
كتبت- شروق غنيم:
قبل عامين بدأت الرحلة حين أسست ندى الشاذلي مشروع تنموي لدعم السيدات السوريات الوافدات لمصر وكذلك سيدات منطقة عزبة خيرالله، غير أن خلال الفترة الماضية كانت تعمل على إنشاء مركز فني وثقافي لهن ولأطفالهن، وهو ما تحقق بتصميم صار علامة بارزة وسط المنطقة وانتشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام المنصرفة.
وسط منازل عزبة خيرالله، يلمع مطبخ دوار بلون أصفر مميز، نوافذ صغيرة تطل رؤوس الأطفال منها، وحائط مزروع بالكامل، كان للتصميم فلسفة، ليس مجرد مكان للمشروع، عمل على تصميمه وإشرافه المهندس أحمد حسام سعفان، وتنفيذه المهندس حسام عربي على مدار قرابة العام وربع.
قبل الشروع في التصميم، درس سعفان المكان، استخدم مواد وأفكار مستوحاة من المنطقة مثل الصاج والحديد والخشب "هدفي يحصل إعادة صياغة للمعمار في المناطق العشوائية"، أعّد المهندس الشاب الدور الثاني والثالث المُعّد للمركز الثقافي والفني، راعى تفاصيل خاصة "إنه كل نشاط يبقى له مكان مُصمم بشكل كويس"، الجدران من الجير فيما كان سطح المركز مائل إلى حد ما "عشان تاخد شمس أكتر لأننا عايزين المكان يشتغل بالطاقة الشمسية مستقبلًا". شكل مُبهر ولافت وسط البيوت يبرز المشروع بلونه الأصفر "عشان أي حد يشوفه ويبقى نفسه ييجي يزوره وبكدة نساعدهم" يقول مصمم المكان. من المفترض أن تصبح تلك المساحة براح لمواهب صغار عزبة خيرالله وسيدات المطبخ، وتضم أنشطة مثل المسرح والرسم والرقص وغُناء، تم تكوين فريق كورال من أطفال المنطقة، لكن بعد انتشار فيروس كورونا في مصر منذ فبراير المنصرف توقف نشاط المركز، فيما لايزال يعمل المطبخ ولكن كان لتداعيات الجائحة أثرًا كبيرًا عليه.
اندمج السوريات مع سيدات عزبة خير الله سريعًا، صار المطبخ مكانًا لالتقاء ثقافتين في الطعام وفي نواحي شتى، يُعددن الطعام سوى ويمررن تجارب بعضهن في المطبخ وميراثهن من الجدات، وعلى مدار العامين الماضيين كانوا يقدمون خدمة الطعام لفعاليات ثقافية وفنية فضلًا عن السيدات العاملات، لكن كل ذلك بدأ في التلاشي، والمكان الذي كان يضج بالحركة والزوار والبرامج التدريبية للطبخ لتطوير المهارات، صار محدودًا على حوالي ثمانية سيدات وحسب.
لمدة شهرين أغلق المطبخ أبوابه، غير أنه عاد خلال شهر أبريل المنصرف مع توفير كافة الاحتياطات اللازمة للسيدات العاملات مثل المواصلات العامة وسُبل الحماية من العدوى، فيما تم تدريبهم على كيفية حماية أنفسهن، طوال الوقت يحدث تعقيم داخل المطبخ "لكن لسة مفيش طلبات زي الأول لأن كنا بنعتمد بشكل أساسي على
الإيفنتات وده بقى محظور"، خاصة في شهر رمضان بسبب الحفلات والورش والإفطار الجماعي لكن هذا العام حّل دون أي ملامح من تلك "وكمان كنا بنعتمد على السيدات اللي كانوا بيشتغلوا، لكن دلوقتي أغلب الناس قاعدة في البيت"
على مدار عامين ألقى المشروع بأثر نفسي على سيدات عزبة خيرالله والسيدات السوريات، لم يكن مجرد مشروع تنموي لهن ولكسب الرزق "حصل تآلف بينهم بشكل سريع، وبقى يشاركوا بعض حكاياتهم"، تعلمن من بعضهن أساليب المطبخ المختلفة، صار المطبخ ملاذ للسيدات حتى خلال الفترة الحالية بما فيها من صعوبات ومخاوف "بنحاول نلم شملنا ونحاول نتأقلم ونكمل في الحاجة اللي بنحبها، وهي الطبخ".
فيديو قد يعجبك: