"أزمة المصروفات".. حكايات "الشدّ والجذب" بين أولياء الأمور والمدارس الخاصة
كتب- أحمد شعبان:
كان الأمر مفاجئاً لـ"أسامة إبراهيم" حين طالبته إدارة المدرسة الخاصة التي تضم نجله بين صفوفها، نهاية مايو الماضي، بتسديد أول قسط من مصروفات العام الجديد 2020-2021، لم يتوقع ولي الأمر ذلك، وهو الذي عايش، مثل غيره من أولياء الأمور، عاماً دراسياً مربُكاً، تحت وطأة فيروس "كورونا" المُستجدّ، الذي غيّر الحسابات، وفرض قواعده على العملية التعليمية التي صار عنوانها "التعليم عن بعد عبر الإنترنت"، فرض ذلك تحديات عدة على الطلاب وأولياء الأمور، زاده شدّ وجذب حول مصروفات المدارس الخاصة بين أصحابها، وأولياء الأمور.
لم يكن العام الدراسي قد أسدل ستاره بعد، حين طالبت المدارس الخاصة أولياء الأمور، بتسديد مصروفات العام الجديد، يقول "أسامة" متعجباً "طيب ندفع على أي أساس واحنا مش عارفين طبيعة المصاريف إيه، وهل هتنزل ولا لأ، ومحدش عارف ملامح العام الدراسي الجديد"، أبدى الرجل ومعه عدد من أولياء الأمور اعتراضهم "فيه ناس امتنعت عن الدفع وناس اتصلوا بيهم وقالوا إن لازم يدفعوا بعد مهلة شهر"، علماً بأن المدرسة طالبت تسديد المصروفات بنسبة زيادة قدرها 15% مقارنةً بالعام الدراسي الماضي، وفق ما يذكر "أسامة"، في الوقت الذي أكدت فيه وزارة التعليم أن الزيادة السنوية للمصروفات لن تزيد عن 7%، على أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية، حالة عدم التزام المدارس بالنسبة المقررة.
لكن مطالبات أولياء الأمور لم تقتصر على العام الدراسي الجديد، لكنها بدأت منذ شهر مارس الماضي، حين اتخذت الحكومة إجراءات استثنائية في ظلّ تفشّي "كوفيد-19"، أغلقت على إثرها المدارس، التزم الطلاب منازلهم، وباتوا يتلقون دروسهم "أونلاين"، وأجروا امتحاناتهم كذلك أيضاَ، فيما طالب أولياء الأمور باسترداد 50% من المصروفات، على اعتبار أن الطلاب قضوا أكثر من نصف العام الدراسي في منازلهم "فبالتالي انخفضت تكاليف التشغيل والصيانة في المدرسة، والباص مبقاش شغّال من نص شهر 3، دي كلها مصاريف احنا دفعناها، راحت فين؟!"، تقول "هبة رجب"، إحدى أولياء الأمور، التي تصف تعامل المدارس الخاصة مع أولياء الأمور بالمتعنّت، مع رفضهم رد نسبة من المصروفات.
لكنّ بدوي علام، رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة اعتبر أن مطالب أولياء الأمور باسترداد نصف مصروفات الفصل الدراسي الثاني "تضر بالعملية التعليمية"، مضيفاً أن المدارس الخاصة والدولية تلتزم بسداد رواتب العاملين فيها من معلمين وإداريين وعمال، كذا سداد التزاماتها الخاصة بفواتير الكهرباء والمياه والإنترنت، لافتاً إلى أن المدارس استمرت في تقديم خدماتها التعليمية وشرح المقررات واستكمال المناهج عبر الإنترنت، حتى أنهت العام الدراسي.
تذكر السيدة هبة رجب أن المدرسة خفّضت نحو 1600 جنيه من مصروفات نجلها في المرحلة الابتدائية، الخاصة بالعام الدراسي الجديد البالغة نحو 30 ألف جنيه "لكنّها زوّدت على الطلاب الجدد، يعني كإن دي مكان دي"، على ما تقول، في الوقت الذي رفعت فيه المدرسة، مصروفات "الباص" المدرسي ألفين جنيه عن العام الماضي، علماً بأن جهاز حماية المستهلك كان قد قرر قبل أيام إلزام المدارس والجامعات برد 25% من مصروفات "الباص" أو خصمها من العام الدراسي الجديد، بسبب توقّف الدراسة منذ منتصف مارس الماضي وحتى انتهاء العام الدراسي، فيما حدد عقوبة للمدارس التي لن ترد المبلغ لأولياء الأمور تبدأ من الغرامة بمبلغ 20 ألف و تصل إلى مليون جنيه.
تنتظر السيدة هبة رجب تطبيق المدرسة للقرار، فيما تذكر أنه لم يتم تحديد بعد شكل العام الدراسي الجديد، وعدد الأيام التي سيذهب الطلاب فيها إلى مدارسهم "لكنها أكيد مش هتبقى الأسبوع كله، فليه الزيادة؟ّ"، كذا فإن هناك مخاوف لدى أولياء الأمور، كما غيرهم، من أن يطلّ الوباء برأسه مجدداً في موجة ثانية تُعيد فرض إجراءات الإغلاق وتعطيل الدراسة.
النسبة التي حددها "حماية المستهلك" استبشر بها خيراً عدد من أولياء الأمور، حتى وإن كانت "نسبة قليلة وغير عادلة مقارنة بالمصروفات اللي بندفعها، كان نفسي تكون 50%. كمان فيه ناس مش مشتركة في الباص المدرسي، فدول موقفهم إيه"، يقول "محمود ماهر"، أحد أولياء الأمور.
يقول محمود إن المدرسة أمهلتهم حتى أواخر شهر يونيو الماضي بدفع القسط الأول من المصروفات، لكنهم أبدوا اعتراضهم، لم تستجب المدرسة، فيما ينتظر أولياء الأمور تدخلاً من وزارة التعليم، التي كانت قد قررت عدم تحصيل أي مصروفات دراسية قبل بدء شهر سبتمبر "وناس كتيرة رفضت ونقلت لأولادها مدارس تانية، وأنا لسه مدفعتش لغاية ما أعرف السنة الجاية هتبقى عاملة إزاي؟"، على ما يذكر محمود.
فيديو قد يعجبك: