قائد الكراكة مشهور يحكي عن أكبر مخاوف تعويم "Ever Given": شعرنا بالرعب
كتبت– شيماء حفظي:
"كنا أشبه بسيارة تحفر أساس عمارة وننتظر سقوطها في أي لحظة"، هكذا يصف أحمد منصور، قائد الكراكة مشهور، أكبر مخاوفه وطاقم الكراكة أثناء تعويم السفينة الجانحة في قناة السويس "Ever Given" والتي انتهت أزمتها الاثنين الماضي.
يقول منصور، الذي نشأ في الإسماعيلية، ويعمل في إدارة الكراكات منذ 8 سنوات إنه لم يختبر حدثًا كهذا من قبل، وما حدث مع السفينة "Ever Given" جعله يشارك لأول مرة في تعويم سفينة بعرض القناة.
لم يكن منصور غريبًا عن أعمال البحر، فوالده –المحال إلى المعاش حاليًا- عمل في شركة القناة للموانئ، وإن لم يلتحق الولد بالعمل كأبناء عاملين، لكنه سلك طريقًا موازيًا للعمل في هيئة قناة السويس.
في 2011، بدأ منصور تدريبًا في أكاديمية هيئة قناة السويس لتخريج البحرية، لمدة عام، وبدأ العمل في 2013، في إدارة الكراكات، كأحد أفراد طاقم الكراكة مشهور؛ ليتنقل في عدد من المهام حتى وصل إلى غرفة القيادة، ومساعدًا لرئيس التكريك، ثم رئيس التكريك والقيام بأعمال التكريك الرئيسية.
وبينما كانت جوانب السفينة البنمية ترقد بمقدمتها غارقة في رمال قناة السويس، كان منصور عالقًا في البحر في وردية عمل لمدة يومين بمنطقة الملاحات، ما لبث أن عاد منها مع تحول قصة السفينة الجانحة إلى "حدث دولي".
تم استدعاء منصور ورفاقه، لحل معضلة السفينة بعدما فشلت محاولة الاعتماد على الكراكة "العاشر"، وتم توجيه استخدام الكراكة مشهور، والتي تعد أكبر كراكة في الشرق الأوسط، وتتمكن من تعميق المجرى الملاحي حتى 35 مترًا تحت سطح الماء.
يتكون طاقم التكريك، وفقًا لمنصور، من قائد الكراكة ومعه في غرفة القيادة مساعد تكريك، إضافة إلى 75 فردًا يتناوبون على العمل على الكراكة وبينهم مهندسون وبحرية وميكانيكية وكهربائية.
مهمة منصور وفريقه على الكراكة، تتمثل في إزالة الصخور والترسبات بجوار السفينة والتي تحول دون وصول تيار الماء إلى جسم السفينة "كانت مهمتنا تعميق المجرى الملاحي مرة أخرى؛ ليتمكن تيار المياه من دفع السفينة".
خلال أول نظرة للسفينة الجانحة، أصاب القلق منصور وطاقم الكراكة، وازدادت مخاوفهم بعدما كشفت أجهزة المراقبة أن مقدمة السفينة و70 مترًا من جسمها "على الأرض"، وهو ما يعني أننا بحاجة لتكريك كل هذه المسافة بعمق وصل إلى 12 مترًا.
يقول منصور: "حين سمعنا عن الأمر في البداية لم نكن نتوقع أن السفينة بحاجة لتكريك، لكن عندما رأينا الرقم على الأجهزة، شعرنا بالرعب، ورغم ذلك كنت أثق أنه يمكن للكراكة مشهور حل الأمر؛ لأنها نفذت مشروعات ضخمة، بينها مشروع شرق التفريعة وغيرها، الرعب كان من حجم السفينة".
وتابع: "كنا نرفع مقاسات العمق كل فترة لنتأكد من توازن السفينة، أنت تشعر بالخطر وتفعل ذلك في وسط الماء، كانت هذه المخاطرة، خاصة مع اضطرارنا أن نقترب من جسم السفينة مع الوقت" بحسب منصور.
يقول منصور، إن الكراكة بعدما وصلت إلى عمق 14 مترًا على بعد 15 مترًا من السفينة، توقفنا عن العمل بسبب "معدلات الأمان" لكن خلال يوم كامل من محاولات قطر السفينة لم تتحرك أيضًا، فعدنا مرة أخرى للعمل لكن بمسافة أقرب، وهذه كانت مخاطرة أكبر.
ومضى يقول: "وصلنا بعد فترة من المحاولات إلى العمل على بعد 5 أمتار من السفينة، وطبيعة الأرض متماسكة جدًا فكان من الصعوبة تكسيرها، ولأننا نعمل من ناحية واحدة كنا متوقعين في أي وقت انقلاب السفينة ونحن بجوارها مثل سيارة تحت برج".
ومع إعلان نجاح عملية التكريك في تخليص السفينة الجانحة من قيود الأرض، وإمكانية أن تعود إلى حيث يمكنها أن تبحر، أصبحت هذه علامة فارقة في تاريخ منصور المهني، ورفاقه.
يقول: "بالطبع نشعر بالفخر، ينتابني إحساس بأنني رأفت الهجان وأنا أحكي قصة تعويم السفينة، لكن كل هذا أكد أهمية وقيمة قناة السويس، وما نقوم به".
فيديو قد يعجبك: