خواطر رمضانية مع الشيخ محمود الهواري.. شهر الارتقاء الإيماني (2)
كتب- محمد قادوس:
اختص الدكتور محمود الهواري، عضو المكتب الفني لوكيل الأزهر الشريف، مصراوي بالحديث عن خواطر إيمانية رمضانية، وفي الحلقة الثانية يتحدث الهواري عن الخاطرة الثانية بعنوان "شهر الارتقاء الإيماني":
قال الهواري: من قبل أن يدخل شهر رمضان ترى الأرض بما فيها من شوارع وبيوت وطرقات تستعد لرمضان، وتتزين له، حتى كأنَّها تضحك فرحا لقدوم هذا الضيف الكريم!
وقلب العبد المؤمن أولى بهذا الفرح، وبعض القلوب اليقظة تكاد ترقص فرحا وطربا وسعادة لإدراك هذا الشهر.
وأضاف عضو المكتب الفني لوكيل الأزهر الشريف: كان الصالحون من قبلنا يعرفون قيمة هذا الشهر فيذكرونه دائما، حتى إنهم كانوا يدعون الله دعاء خاصا لشهر رمضان، وقد أثر عن يَحْيَى بن أَبِي كَثِيرٍ أنه كان يَدْعُو حَضْرَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْ لِي رَمَضَانَ، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلا».
وفرح المؤمنين بهذا الشهر إنما يكون من ناحية أنه شهر يزيد فيه الإيمان والتقوى؛ لما فيه من شتَّى أنواع الطاعات، ولما فيه من مضاعفة الأجر والحسنات.
وبين الهواري أن الإيمان صمَّام أمان للأفراد والمجتمعات على السواء، فهو يمد صاحبه بقوة هائلة لا تتزعزع أمام المغريات والشهوات والملذات، انظر إلى الصائم وقد امتنع طواعية عن الحلال، وقد خلا بنفسه لا يطلع عليه أحد من خلق الله!
وتابع الهواري: يعيش الإنسان شهرا كاملا يمنع نفسه ما أحله الله له ثم يضعف أمام الحرام؟ لا شك أن الإيمان الذي منعه الحلال قادر على أن يصونه من الحرام.
إن الإيمان يدفع بالمؤمن دفعا إلى الطاعات، فإذا هو مقبل عليها مع انشراح صدر، وسعادة قلب، وطمعا فيما عند الله من أجر.
وأضاف فضيلته إن صاحب القلب المؤمن تراه هادئَ البال، بَشوشَ الوجه، يسعى في الأرض وأقدامه فيها وقلبُه يرفرِف في عنان السماء يناطح الجوزاء ثقة في الله أنه رازقه، وفرحا بدينه وطاعته، وعندئذٍ لا يبالي بمشكلات الحياة الفانية، ولا يضعف أمام فِتنها ومغرياتها.
وبدون هذا الإيمان سوف يكون الإنسان في الحياة حائرًا، وفي كل وادٍ مُتخبطًا؛ فتراه ضائق الصدر، خائرَ العزيمة، هشَّ الإرادة.
وكثيرا ما نادى رب العالمين عباده بوصف الإيمان فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، وأهل التفسير يسمون هذا النداء نداء الكرامة، أي أنهم كرماء على ربهم فهو يكرمهم ويجلهم بوصف الإيمان.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إذا سمعتَ الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، فأرعِها سمعك - يعني: استمِع لها - فإنه خير يَأمر به، أو شرٌّ يَنهى عنه»
وفي نهاية خاطرته الثانية، قال الهواري: إن الإيمان ليس بالكلام ولا بالأحلام، وإنما هو عمل والتزام، فمن ادعى الإيمان وجب عليه أن يقدم دليلا من نفسه وعمله على دعواه، قال الحسن البصري: «ليس الإيمان بالتمنِّي؛ ولكن ما وقَر في القلب وصدَّقه العمل، وإن قومًا خرجوا من الدُّنيا ولا عمل لهم وقالوا: نحن نحسِن الظَّنَّ بالله، وكَذَبوا؛ لو أحسَنوا الظَّنَّ، لأحسَنوا العمل».
اللهم حبِّب إلينا الإيمانَ وزيِّنه في قلوبنا، واجعل رمضان زيادة في إيماننا، وكرِّه إلينا الكفرَ والفسوق والعصيانَ، واجعلنا من الرَّاشدين.
فيديو قد يعجبك: