"إنا أنزلناه في ليلة القدر".. تعرف على علم القراءات والأحرف السبعة التي نزل بها القرآن (1)
إعداد- حسن محمد
اختلاف القراءات، والقراءات المتواترة، والأحرف السبعة... مصطلحات تدور في الذهن حينما يقبل المسلم على قراءة القرآن الكريم، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، وفي إحدى الليالي الوترية من الأيام العشر المباركة، التي قد تكون ليلة القدر التي نزل فيها كتاب الله العزيز على رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم.
ويستعرض مصراوي في التقرير التالي في هيئة سؤال وجواب أهم الأسئلة التي تهم قارئ القرآن حول أحد علومه ومصطلحات، اعتمادا على كتب علوم القراءات: غاية المريد في علم التجويد لـ د. عطية قابل نصر.. وقواعد التجويد لـ د. عبدالعزيز القاري.. وكتاب الوافي للشيخ القاضي؛ استتباعا لما سبق من جهد، ومحاولةً لإزالة اللبس حول بعض المصطلحات:
س: من هم واضعو قواعد علم التجويد؟ ولماذا؟
ج: هم الأئمة الفضلاء السابقون الخليل بن أحمد الفراهيدي، وأبوالأسود الدؤلي، وأبوعُبيد القاسم بن سلام.
وقد لجأوا لوضع قواعد هذا العلم؛ بعدما كثرت الفتوحات الإسلامية، واختلط العرب بالعجم، وانتشر التحريف على الألسنة، فانبرى هؤلاء العلماء متصدين لهذا التحريف بهذا العلم صونًا لكلام الله- تعالى- وقواعد اللغة العربية.
س: ما معنى "القراءات المتواترة"؟
ج: هي طرق وكيفيات للتلاوة القرآنية، ونسبة هذه الطرق إلى قائليها الذين يتصل سندهم في القراءة برسول الله- صلى الله عليه وسلم.
س: على يدِ مَن تمّ جمع هذا العلم؟
ج: كان أول من جمع هذا العلم في كتاب مخصوص وسماه "القراءات" هو الإمام أبوعبيد القاسم بن سلام الذي قال عنه الحافظ الذهبي- رحمه الله: "ليس هناك مثل كتاب القراءات في الكوفة".
وترجح الأقوال أن لكل قرن علماءه، وإحقاقا لبعض حق هؤلاء العلماء الذين نذروا أنفسهم لخدمة كتاب الله نذكر منهم:
القاسم بن سلام، وأبوعمرو حفص الدوري في القرن الثالث الهجري.
الحافظ أبوبكر البغدادي في القرن الرابع الهجري.
أبوعمرو عثمان الداني في القرن الخامس الهجري.
القاسم بن خلف الشاطبي، صاحب الشاطبية (حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع)، في القرن السادس الهجري.
ثم توالى بعد ذلك الأئمة الأعلام لخدمة هذا العلم تحقيقا وتصنيفًا.
س: ما عدد القراءات القرآنبة المتواترة؟
ج: هي سبع قراءات، وهي المشهورة والمتواترة وهي التي تحدث عنها الشاطبي في كتابه.
لكن هناك ثلاث قراءات أخرى تضاف إليها وهي شاذة وغير مقروء بها.
س: وما سبب اختلاف تلك القراءات؟
ج: إن المصاحف التي كتبت في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان- رضي الله عنه- كانت ترسل إلى أمصار وجهات مختلفة، وكان مع كل مصحف صحابي جليل يُعلّم أهل تلك الجهة بلهجة قومه، وكانوا يتلقون عنه.
وكانت المصاحف خالية من النقط والضبط أو التشكيل؛ فكانوا يحفظون القرآن بِناءً على ما سمعوه من هذا الصحابي، ولكن دون مخالفة لرسم المصحف العثماني.
س: وهل اختلاف القراءات هو اختلاف تضادٍ أو تناقضٍ؟
ج: بالطبع لا، فهذا أمر محال؛ فالقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكنه اختلاف تنوعٍ وتغايرٍ؛ كأن تقول- مثلا: هلمّ، أو أقبل، أو تعال... كلها بمعنى واحد.
إذن، هناك شرط يجب توافره في كل القراءات وهو موافقة القراءة لرسم المصحف العثماني، دون هوًى أو تحريف.
ومثال لذلك: يقول الله- تعالى: "... إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..."، فلو حذفنا النقاط من كلمة فتبينوا لقرأها أحدنا فتثبتوا، وهو موافق للمعنى والرسم والسماع والتلقين.
س: ماذا يقصد بالمصطلحات الآتية في علم القراءات: "القراءة- الرواية- الطريق"؟
ج: القراءة: هي الطريقة التي قرأ بها الصحابي، ونقلها عنه أحد علماء القراءات، فنقول مثلا، قراءة عاصم عن فلان عن فلان عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
الرواية: هي ما تنسب للشخص الذي روى عن أحد علماء القراءات المعروفين والمتصل سندهم برسول الله- صلى الله عليه وسلم.
الطريق: هو ما يتعلق بالناقل الذي ينقل عن الراوي.
وملخص ذلك: رسول الله – الصحابي الذي سمع من رسول الله – عالم القراءات- الراوي – ثم الناقل.
س: ما المقصود بالأحرف السبعة؟ وما دليلها؟
ج: الحرف بمعنى الطريقة التي تنطق بها كلمة معينة.
فمثلا: كلمة "مسكين" نطقها جبريل على رسول الله "مساكين".
وقد نزل القرآن على سبعة أحرف بعضها يُقرأ والأغلب صار منسوخا لا يُقرأ به.
وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "أقرأني جبريلُ على حرف، فراجعتُه، فلم أزل أستزيده ويَزِيدُني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
س: هل يمكن معرفة تلك الأحرف أو حصرها؟
ج: هناك علامات حصَرها العلماء لمعرفة هذه الوجوه السبعة، وهي:
1- اختلاف الأسماء (إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا) مثل:
مسكين... تٌقرأ مساكين بالجمع... أخويْكم... تقرأ إخوتكم بالجمع.
2- اختلاف تصريف الأفعال، مثل: "قَال... تقرأ قُل".
3- اختلاف وجوه الإعراب، مثل: "ولا تُسألُ عن أصحاب الجحيم"... تقرأ: "ولا تَسْألْ عن".
4- الاختلاف بالنقص أو الزيادة، مثل: "وسارعوا"... تُقرأ: "سارعوا".
5- التقديم والتأخير، مثل: "وقاتَلُوا وقُتِلوا" ... تقرأ: "وقُتِلوا وقاتلوا".
6- الاختلاف بالإبدال لحرف مكان حرف، مثل: "هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت"... تُقرأ "تَتْلوا كل نفس".
7- اختلاف اللهجات في نطق الكلمة، مثل: بُيوت... وبِيوت".
س: ما الحكمة من نزول القرآن بتلك الأحرف السبعة؟
ج: لو أن الله كلف العربَ على اختلاف لهجاتهم طريقةً واحدة في نطق الكلمات القرآنية لشق ذلك عليهم، وهو- سبحانه- لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
كما أن من رحمة الله بعباده التخفيفَ والتيسيرَ؛ فأذِن لنبيه أن يُقرئ كل قبيلة بما يوافق لهجتها ويوائِم لسانها.
ولا يفوتنا أن نوضح أيضا أن ذلك من باب الإعجاز؛ فالنبي القرشي الهاشمي الذي لم يكن يقرأ كتابا أو يكتب خطا "وما كنتَ تتْلوا من قبله من كتابٍ ولا تَخطُّه بيمينك" حاز بفضلٍ من الله ومنةٍ جميعَ لهجات العرب.
س: وما الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات؟
ج: الأحرف السبعة- كما بيّنا- نزلت للتيسير على الأمة. وكذلك القراءات.
الأحرف السبعة نُسخ أغلبها ولم يُقرأ به، أما القراءات فلم يُنسخ منها شيء ويقرأ بها جميعا.
الأحرف السبعة كانت أشمل وأعم من القراءات المتواترة.
فيديو قد يعجبك: