عمرو خالد: الهادي سبحانه وتعالى يهدي كل مخلوق إلى طريق الخير.. والكائنات إلى ما يصلح معيشتها
كتب- محمد قادوس:
قال الداعية الدكتور عمرو خالد، إن من أسماء الله الحسنى، اسم "الهادي"، ومعناه في اللغة الذي يدل على طريق الخير برفق.
وأضاف في الحلقة الخامسة والعشرين من برنامجه الرمضاني "كأنك تراه"، ان العرب يطلقون على الدليل "الهادي"؛ لأنه يدل من يتبعه على الطريق الصحيح برفق، مبينًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته إلى المدينة هربًا من أذى قريش بصحبة أبي بكر الصديق، قابلهما رجل من قبائل العرب يعرف أبو بكر فسأله عن سيدنا محمد، فردّ عليه: هذا هاد يهديني الطريق.
وأشار إلى أن العربي فهم أن النبي هو دليل يستعين به أبو بكر ليدله على الطريق، وفي اللغة العربية يهديني الطريق، أي يدلني على الطريق، فكلمة هداية لابد أن ترتبط بكلمة طريق وأن أدلك على الطريق برفق "... وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ"(الأحزاب:4).
ولفت خالد إلى أن الهادي سبحانه وتعالى يهدي كل مخلوق إلى طريق الخير، يهدي الكائنات إلى ما يصلح معيشتها في الحياة الدنيا، يهدي الطيور، والأسماك، والحيوانات، والنملة في جحرها، والنحلة في خليتها، يهدي كل مخلوق إلى وظيفته في الحياة، الله الهادي للبشر يهديهم إلى طريق الجنة.
واعتبر أن "هداية الكائنات لوظيفتها في الحياة تشعرك بعظمة الله: "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" (طـه:50). إذ أن الله أوجد كل مخلوق وغرس فيه الهداية بالفطرة، ودله على الوسيلة التي يعيش بها، فكل مخلوق معه هداية طبيعية لوظيفته التي خلق من أجلها. خلقه ودله على الطريق".
وذكر أن كثيرًا من الطيور يهاجر من جنوب أفريقيا مسيرة 17 ألف كم ويصل إلى بيروت لا يخطىء درجة واحدة، حتى أن العلماء لم يستطيعوا التوصل إلى سر هذا الأمر، فاعتقدوا أنه ربما أن هذه الطيور تسير بمحاذاة الشمس، فقاموا بمراقبتها فوجدوا أنها تسير أيضًا في الليل.
وقال خالد إنهم وضعوا جهازًا لإحدى مجموعات هذه الطيور تقوم بإصدار إشارات كهربائية لرصد إن كان في المخ بوصلة طبيعية، إذ أن الطير لو أخطأ ثلاث درجات في مسيرته لابد أنه سيخطىء سيره، مشيرًا إلى أن العلماء إلى اليوم عاجزون عن تفسير هذه الظاهرة، وأحيانًا الإعجاز عن الإدراك إدراك، ما اعتبره دليلاً على عظمة الله.
واستشهد بما نقله القرآن حكاية على لسان النبي موسى عليه السلام عندما واجه فرعون بالأدلة على وجود الخالق: "..رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"، ليؤكد أن الذي فعل هذا مع الكائنات الضعيفة على بساطتها كي تعيش وهى أدنى منك مرتبة أيها الأنسان، فبالعقل والمنطق ألن يهديك وأنت أكرم مخلوقاته إلى طريق الجنة؟
وروى ما نقله أحد العلماء المتخصص في علم "القنافد"، إذ يحكي عن مراقبته لقنفد كان يأكل من ثعبان ميت، كان يراه يتوقف ثم يذهب إلى شجرة يأكل من ورقها ثم يعود ويأكل من الثعبان ويعاود الكرة. وعندما قطع العالم هذه الشجرة مات القنفد!! متسائلاً: من الذي هدى القنفد أن ورقة الشجرة تعطيه توازن بين لحم الأفعى وبين احتياجات جسمه؟!
كما ضرب مثلاً آخر بسمك السلمون الذي يولد في برك ومستنقعات بجانب مصبات الأنهار في أمريكا الشمالية، يبدأ السلمون الصغير ينمو، والأم تقوم على رعايته لمدة سنة، حتى إذا بلغ عامه الأول تموت الأم، ويبدأ هذا السمك الصغير بالخروج من الجدول ثم ينطلق بعد ذلك في رحلة طويلة إلى شواطئ أوروبا حتى سواحل فرنسا في رحلة تصل إلى 3200 كم، يخرج من نهر إلى نهر، يمر بمرتفعات، يسير باتجاه التيار ويصل إلى نفس المكان الذي ولدت فيه أمه؛ لأن مورد رزقه هناك.
وقال خالد إن السمك في مسيرته لو ضل درجة واحدة ينتهي، حتى قيل إنه أقوى مهاجر في الكون، وأحيانًا تكون رحلة العودة في عكس التيار فيبدأ بالقفز ثلاثة أو أربعة أمتار لكي يقاوم الشلالات، حتى يعود إلى مكانه الذي ولد فيه فيضع بيضه فيربيه لمدة سنة وتتكرر العملية، كيف يتم هذا؟!
واستشهد خالد أيضًا بالنحل، لاقتًا إلى أن هناك نوعًا اسمه النحل المستكشف وظيفته اكتشاف أماكن الرحيق، فيقطع مسافات طويلة، ويقوم بإحضار عينات من هذا الرحيق إلى خليته، يحفظ المسافة جيدًا، ودرجة حركة الشمس، ثم يعود إلى الخلية ليتذوق النحل طعم هذه العينة، ثم يقوم بحركات معينة يُعَرِف بها بقية النحل الجهة التي جاء منها بهذ الرحيق.
وفيما تساءل: فهل هناك تفسير لهذا؟، أجاب خالد بقوله تعالى: "رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"، "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ " (الأنعام: 91). فالذي هدى الكائنات لمعيشتها ألن يهديك أنت؟ فالهادي مثلما هدى هؤلاء هداك أنت والوسائل كثيرة.
وبين أن هناك هداية إيمان: يدلك الله من خلالها على طريقه.. هداية توفيق لمزيد من الإيمان.. "وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً..." (مريم: 76)، "... إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً" (الكهف: 13).
وذكر أن سورة الفاتحة كل هدفها الدعاء بالهداية.. ليست هداية دين فقط لا هداية حياة.. إذ أن الله لا يحرم أحدًا من هدايته.. حتى لا تقول لم يشاء الله.. فهو يرسل رسائله للهداية لكل البشر منهم من يستجيب ومنهم من يغفل "سرحان" ومنهم من يرفض.
وأشار إلى أن الهداية تبدأ من الإنسان نفسه، وذلك من خلال الفطرة.. واستقبال الرسائل والإشارات الربانية.. ثم منه إليه.. ثم يدفعنه "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ".
وقال إن صلاة الإستخارة جاءت من أجل ليهديك.. عمل الخير ليهديك.. وكذا العبادة والتقوى ليهديك "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" .
وختم خالد مبينًا أن "اسم الله الهادي يدعوك للتعلق بالله ليهديك دنيا وآخرة.. ويدخل بك إلى منزلة العبودية.. اعبده ليهديك "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم".
شاهد الحلقة:
فيديو قد يعجبك: