قصص القرآن (10): زيارة الملائكة لإبراهيم عليه السلام.. وإحياء الطير وبناء الكعبة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب – إيهاب زكريا:
في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم مصراوي للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي، وفي الحلقة العاشرة يقدم "مصراوي" قصة إبراهيم -عليه السلام- إذ أفردت سور القرآن ما حدث لإبراهيم بعد زيارة الملائكة له وهجرته مع أهله وابن أخيه لوط عليه السلام، وإحياء الطيور الميتة له، وبناء الكعبة.
قصة زيارة الملائكة
جاء في كتاب "الحكمة في دعوة إبراهيم" لنجود فارس أحمد السردي عن قصّة لقاء إبراهيم -عليه السلام- مع الملائكة في القرآن الكريم في عدّة مواضع؛ قال تعالى في سورة هود: "وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)"، حيث جاءته الملائكة مُبشِّرين، ومن حُسن إكرامه للضيف، سارع وجاءهم بطعام يأكلونه، وحين امتنعوا عن الأكل شعر -عليه السلام- بالخوف، والريبة منهم، فأخبروه أنّهم رُسُل الله -تعالى- إلى قوم لوط عليه السلام وهو نبي الله لقرية سدوم، وقوم لوط عليه السلام حقّ عليهم عذاب الله -تعالى- فراجعهم إبراهيم في ذلك؛ لأنّ فيهم لوطاً -عليه السلام-، وأهله، وهم مؤمنون، فبشّروه وزوجته بدايةً أنّ الله سيرزقهم بإسحاقَ -عليه السلام-، ومن بعد إسحق يعقوبَ -عليه السلام- فسكن قلبه، واطمأنَّ لهم، ثمّ عاد يجادلهم في عذاب قوم لوط، فرَدّوا عليه بأنّا نعلم بمن في القرية وأن هذا أمر الله -تعالى- فقُضِي الأمر، وانتهى الجدال.
قصة إحياء الطيور الأربعة
أوردت سورة البقرة قصة الطيور مع إبراهيم عليه السلام وجاء في تفسير السعدي لعبدالرحمن السعدي: ورد في القرآن الكريم الكثير ممّا يدلّ على قدرة الله -عزّ وجلّ- على البعث، ومنها ما ورد في قصّة إبراهيم -عليه السلام-؛ فقد طلب من الله -سبحانه- أن يُرِيَه كيفيّة إحياء الموتى، فرغم أنّه كان إيمانه فإنّه أراد أن يطمئنّ قلبه بالأدلّة المؤكدة، قال -تعالى- في كتابه الكريم: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"،[سورة البقرة:260]، فأمره الله -تعالى- أن يأخذ أربعة طيور، ويمزّقها، ويخلط أجزاءها معاً، ثمّ يجعل كلّ جزء من هذه الأجزاء على جبل، وأمره بعد ذلك أن يدعوها إليه، ففَعَل -عليه السلام- ما أمره الله به، فجاءته الطيور وقد عادت إلى ما كانت عليه من الصورة، والحركة، والحياة، قال -تعالى-: "قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".[سورة البقرة:260]، وجاء في تفسير الطبري: قال مجاهد وعكرمة: كانت الطيور حمامة، وديكا، وطاوسا، وغرابا.
قصة هجرة إبراهيم عليه السلام في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم
تحدثت سورة إبراهيم عن بيانٌ قصّة هجرة إبراهيم عليه السلام مع زوجته، وابنه إسماعيل عليه السلام. فجاء في كتاب: "فتوح مصر والمغرب" لابن الحكم ذكر الله -سبحانه- هجرة إبراهيم في ثلاثة مواضع من القرآن؛ حيث قال على لسان إبراهيم: "وأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ"، [مريم: 48]، وقال: "وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي"، [العنكبوت: 26]، وقال: "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ"، [الأنبياء:71]، وفيما يأتي بيان الهجرات الثلاث:
هجرة الشام مع لوط عليه السلام
خرج إبراهيم -عليه السلام- بنفسه، وزوجته سارة، وابن أخيه لوط -عليه السلام- إلى بلاد الشام، فارًّا بدينه يدعو إلى الله، ليعبده، فأقام فيها حتى تعرضت البلاد للقحط، والجوع، فارتحل -عليه السلام- وأهله إلى مصر.
هجرة مصر والملك الذي تحجرت يداه
خرج إبراهيم -عليه السلام- من أرض الشام إلى مصر برفقة زوجته سارة، وحين علم ملك مصر آنذاك بقدوم إبراهيم ومعه امرأة حَسنة جميلة، بعثَ في طلبها؛ ليتزوّجها، وكان هذا الملك يأخذ نساء الرجال غصبًا، فأخبره إبراهيم بأنّها أخته، فحاول الملك أن يلمس سارة، فلم يستطع؛ إذ تحجّرت يداه، فطلب منها أن تدعوَ الله أن يعيدهما إلى ما كانت عليه، ففعلت، وكرّر فعلته مرّة أخرى، فلمّا تحجّرت يداه مرّة أخرى، طلب منها أن تدعو له، فدعَت له، فأُطلِقت يداه مرّة أخرى، ثمّ أعطى لها هاجرَ؛ لتخدمَها.
هجرة مكّة والذبيح إسماعيل
قال عثمان بن محمد الخميس في كتابه: "فبهداهم اقتده": أهدَت سارة زوجها إبراهيم -عليه السلام- هاجر الجارية؛ ليتزوّجها، فحملَت منه، وأنجبَت نبيّ الله إسماعيل -عليه السلام-، ولأنّ سارة كانت عاقرًا فقد غارت من هاجر، فأخذ إبراهيم هاجر وابنها، وخرج بهما إلى الشام، ثمّ إلى مكّة المُكرَّمة وتركهما هناك، ثمّ عاد، وحين نفد ما كان عندهم من الماء والطعام، صار طفلها يتلوّى من شدّة العطش، وطفقت هاجر تسعى بين جبليَن، وهما ما يُعرَفان بالصفا، والمروة، وتدعو الله، فأتاها جبريل بعد أن أنهَت سبعة أشواط عند موضع زمزم، وفجّرَ لها بأمر الله ماء زمزم، فجعلت تحوطه بيدها، ومرّت السنون وإسماعيل وهاجر في مكّة، ولمّا كبر إسماعيل -عليه السلام-، وبلغ أَشدّه، رأى إبراهيم -عليه السلام- في المنام أنّه يذبحه، فامتثل أمرَ الله، وأخبر ابنَه برؤياه، فامتثل الآخر لأمر الله، وحين وضعه على الأرض، وأمسك السكّين؛ ليذبحَ ابنه، أنزل الله ذِبحًا عظيمًا؛ فداءً له؛ إذ لم يكنِ القصد إزهاق روح إسماعيل، بل كان ابتلاءً من الله لهما؛ ليرى إخلاصهما، واستسلامهما لأوامره.
بناء الكعبةَ
تصدرت قصة بناء الكعبة بعض الآيات من سورة البقرة كما ورد كتاب "إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وبناء البيت العتيق": بنى إبراهيم وإسماعيل عليهما أساسات البيت الحرام التي كانت قد دُفِنت في الأرض منذ وقت طويل وبينها الله لهما، ثمّ أمرهما ببناء الكعبة المُشرَّفة؛ فكان إسماعيل يجمع الحجارة، ويأتي بها إلى أبيه الذي كان يرفع البناء، فلمّا ارتفع البناء وضعَ إبراهيم حجرًا ووقف عليه، وقد عُرِفَ هذا المكان بـ(مقام إبراهيم)، وكانا يبنيان الكعبة، ويدعوان الله -تعالى-: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، [ البقرة: 127].
وقد طهّرا البيت ممّا لا يليق به من النجاسات، والقذارات؛ امتثالاً لأمر الله؛ ليكون مكاناً مناسباً للصلاة، والعبادة، ودعَوا الله أن يجعل من ذريّتهما أمّة مسلمة مُوحِّدة لله لا تُشرك به شيئاً، فاستجاب -سبحانه- لهما، وجعل في ذُرّية العرب من نَسل إسماعيل أمّة مُوحِّدة، كما بعث من ذُرّيته محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، فورد في قوله -تعالى-: "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"،[البقرة: 128-129].
فيديو قد يعجبك: