رغم حسم الإفتاء.. لماذا يتجدد الجدل حول موعد أذان الفجر؟
كتبت – آمال سامي:
انتشر اعتقاد خاطئ أنه يجوز أن يستمر المسلم في الأكل والشرب إذا أذن عليه أذان الفجر ولا يبطل صومه، ويرجع البعض ذلك الاعتقاد إلى اختلاط الأمر بين الأذانين اللذين كانا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، آذان بلال وآذان ابن أم مكتوم، حيث كان آذان الأخير هو إشارة الفجر الصادق والتوقف عن الأكل والشرب، بينما يذهب آخرون إلى أن توقيت صلاة الفجر في مصر خاطئ، وهي قضية تجدد كل حين وآخر حيث يذهب أصحابها إلى أن توقيت آذان الفجر في مصر متأخر عن وقته الحالي بحوالي خمسة عشر إلى عشرين دقيقة، ويستشهد بعضهم بأن توقيت الفجر في مكة هو نفسه توقيته في مصر تقريبًا كدلالة على خطأ توقيت الفجر في مصر خاصة أن هناك فارق توقيت بين مصر ومكة، وكذلك اختلاف في توقيت باقي الصلوات.. وهو ما يدفعهم إلى تأخير صلاة الفجر، أو الاستمرار في الأكل والشرب تلك الفترة بدعوى أن أذان الفجر في توقيت مبكر عن طلوع الفجر الصادق.
ليست مصر وحدها
أثيرت قضية توقيت صلاة الفجر في عدة دول عربية أيضًا، حيث يزعم كثيرون بين الحين والآخر بتقدم أوقات التوقيت الرسمي لصلاة الفجر عن توقيت الفجر الصادق، وهو أمر ليس بالجديد ايضًا، ففي الكويت، تقدم الشيخ عبد الملك علي الكليب عام 1975 رسالة إلى وزارة الأوقاف الكويتية يعترض فيها على موعد صلاة الفجر في الكويت، وهو ما يوافق توقيتها في دول إسلامية أخرى، بل ذهب الكليب إلى القول بأن الزاوية الصحيحة لصلاة الفجر هي 16.5 وليست 18 وهي الزاوية المعتمدة فلكيًا عند المسلمين، وتمت دراسة هذا الأمر من قبل أحد أشهر علماء الفلك في المغرب وهو السيد الحاج محمد بن عبد الوهاب ابن عبد الرزاق الأندلسي، ليرد عليه في كتيب بين فيه بالتفاصيل والأدلة أن الفجر الصادق يطلع بزاوية 18 أو 19.
وأشار مركز الفلك الدولي بدبي إلى أن جميع تقاويم الدول الإسلامية تجعل صلاة الفجر على زاوية ما بين 19.5 و 18، ولا توجد ولا دولة إسلامية واحدة تعتمد للفجر زاوية أقل من 18، بل حتى جمعية "إسنا" في الولايات المتحدة التي شاع أنها تعتمد الزاوية 15، فقد تمت مخاطبتهم رسميا وتم الاجتماع مع المدير التنفيذي للجمعية الدكتور ذو الفقار شاه، والذي أكد أن المعتمد في "إسنا" لصلاة الفجر هو الزاوية 18، إلى أن تم تعديلها مؤخرا عام 2011م لتصبح 17.5. فمصر تعتمد الزاوية 19.5، والمغرب تعتمد الزاوية 19، والسعودية تعتمد الزاوية 18.5، في حين تعتمد الزاوية 18 كلا من: الأردن وفلسطين والكويت وسلطنة عمان والبحرين وقطر والعراق واليمن والسودان وتونس والجزائر وتركيا وغيرها من الدول الإسلامية، وأكد المركز كذلك أن ظاهرة الفجر الكاذب معروفة للمسلمين منذ القدم وهي تحدث قبل الزاوية 19 بكثير، وعليه فأكد المركز أن كل توقيتات الفجر في الدول الإسلامية صحيحة ومثبتة بالأدلة الشرعية والعلمية.
دار الإفتاء توضح سبب تقارب توقيت فجر القاهرة بفجر مكة
"ما يثار من التشكيك في ذلك بدعوى أن توقيت الفجر في القاهرة يسبق أحيانًا توقيتَه في مكة المكرمة، مع أن القاهرة تقع غرب مكة، فقلت الإفتاء: فهذا ليس اعتراضًا علميًّا؛ إذ من المقرر في علوم الفلك والجغرافيا: أن تحديد المواقيت مبني على خطوط الطول ودوائر العرض معًا؛ حيث تدل خطوط الطول على فوارق التوقيت، ودوائرُ العرض على طول النهار، وهذا يقتضي أن مقارنة خطوط الطول إنما تكون بين المدن الواقعة على دائرة عرض واحدة؛ لتساوي طول النهار فيها"، وأعتبرت دار الإفتاء أن هذه الدعاوى تطعن في العبادات والشعائر وأركان الدين التي أداها المسلمون عبر قرون طويلة، وكذلك تجهيل لعلماء المسلمين سواء علماء الشريعة أو الفلك.
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن توقيت الفجر الصادق المعمول به في مصر حاليًا هو التوقيت الصحيح "قطعًا" مبينة انه يحدث عنذ زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5، وهو ما اتفق فيه مركز الفلك الدولي مع ما ذكرته الدار.
أذان بلال وابن أم مكتوم والتباس خاطئ
يستمر بعض الناس في الأكل والشرب استنادًا على أن الفجر لم يدخل بمجرد الأذان لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، ويوضح عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن من قال أن الصائم يأكل ويشرب أول ذلك على أذان بلال، ولكنه لا يماثل أذاننا في الوقت الحالي، ففي عهد الرسول كان يؤذن بلال الفجر الأول والذي يسمى بالفجر الكاذب، ثم يؤذن ابن أم مكتوم آذان الفجر الصادق وهو الأذان الذي نسمعه الآن بتوقيت الصحيح في مصر.
فيديو قد يعجبك: