رئيس البعثة الطبية المصرية بالأولمبياد: "الشهابي" تعرض لضغط كبير ولم نصطحب طبيب نفسي (حوار)
حوار - محمد مهدي ورنا الجميعي:
في كل صورة لإنجاز مصري داخل ملاعب أولمبياد ريو 2016، كان حاضرًا، في كل لحظة صعبة يمر بها لاعبو منتخباتنا، كان هناك، بجوارهم، يطمئن عليهم، يساعدهم ويعالج إصاباتهم خلال مبارياتهم، بمساعدة زملائه، وبين صالات الأولمبياد كثيرًا ما شوهد الطبيب حسن كمال -رئيس البعثة الطبية المصرية في الأولمبياد- يتحرك مسرعًا للحاق بمباراة جديدة في لعبة مختلفة، فكان شاهدًا وفقا لطبيعة عمله على كافة تفاصيل البعثة المصرية في البرازيل.
مصراوي حاور "كمال" للوقوف على تفاصيل عمله خلال مشاركة مصر في الأولمبياد، دوره في متابعة كافة اللاعبين المصريين، كواليس ما جرى مع اللاعب "إسلام الشهابي" قبل مباراته مع خصمه الإسرائيلي، ولحظة فوز "هداية ملاك" بالميدالية البرونزية والصورة الأبرز التي جمعته معها ومدربها.
كما تطرق رئيس البعثة الطبية المصرية، في حواره لـ "مصراوي" إلى تجهيزاته قبل السفر إلى البرازيل، والأمصال التي حصل عليها اللاعبون، اللغط المثار حول وجود طبيبة أطفال ضمن البعثة، وسر عدم اصطحاب طبيب نفسي برفقتهم.. وتفاصيل أخرى في السطور التالية.
- منذ متى تشغل منصب رئيس اللجنة الطبية؟ وهل هي المرة الأولى التي تشارك فيها بالأولمبياد؟
هذه هي المرة الثالثة التي أشارك فيها بالأولمبياد، في بكين ولندن وريودي جانيرو. في 2012 كنت جزء من البعثة الطبية للتايكوندو فحسب، وشغلت منصبي كرئيس اللجنة الطبية خلال الدورة الحالية.
- ما الاختلاف بين هذه المرة والدورات السابقة؟
هذه الدورة البعثة أكبر والضغوط أكثر، فمنصبي كرئيس للبعثة الطبية له بُعد تنافسي سياسي "تلاقي الناس بتهاجمك دون سبب"، كما أن المرشحين للنتائج أكبر "كل يوم فيه لعب وأحيانًا 11 لعبة في وقت واحد".
- ما هي التجهيزات التي أعدتها البعثة الطبية المصرية في أولمبياد ريو دي جانيرو؟
التزمنا بتوصيات منظمة الصحة الدولية واللجنة الأوليمبية ووزارة الصحة المصرية، كنا نملك خلال سفرنا إلى البرازيل نحو 165 صنفًا من الأدوية المختلفة، فضلا عن معدات ومستلزمات نحتاج إليها خلال الكشف على اللاعبين وعلاجهم.
- عند الذهاب إلى البرازيل هل هناك أي أمصال يحصل عليها اللاعبون؟
قمنا بإجراءات احترازية خاصة بـ "قرص" الناموس، وهو أكبر تحذير وصل إلينا عن الأولمبياد، لذا حصل جميع اللاعبين على تطعيمات الحمى الصفراء والملاريا.
- وهل تعرّض أحد المشتركين لأمراض خاصة بطبيعة البلد المقيم فيها؟
أصيب لاعب ورئيس أحد الاتحادات الرياضية بعدوى فيروسية، حيث ارتفعت حرارتهما لـنحو 40 درجة، وقمنا بعمل اللازم معهما بتركيز خاص، وتدريجيًا تحسنت حالتهما. وساعدنا كثيرًا في ذلك وجود طبيبة لها خبرة كبير بالأمراض الفيروسية.
- قلت أثناء عرض الخطة بالمؤتمر الصحفي، أن هناك لاعبين كانوا خارج مصر ولم يتعرضوا للكشف الطبي، فكيف يتم ضمان سلامتهم الصحية، ومن هم؟
مسؤولية الكشف الطبي للاعبي مصر في الخارج تقع على عاتقهم والاتحادات التي ينتمون إليها، لدينا أحمد كرم وفريد يتواجدان في أمريكا، وكريم زغبي في هولندا، الأخير قام بفحص طبي بمصر قبل السفر، أما الآخرين نرسل لهم متطلبات الكشف والتأكيد على الالتزام بها لضمان السلامة. كما أن غالبيتهم لاعبين دوليين يتم متابعتهم بشكل جيد.
- جمعتك صورة شهيرة مع "هداية ملاك" ومدربها عقب فوزها.. حدثنا عن تلك اللحظة.
كنت أجلس بجوار المدرب وفق قانون التايكوندو، نتابع المباراة بترقب شديد، حتى رأينا ضربة الفوز بالمباراة، لم نتمكن من تمالك أنفسنا من الفرحة، قفزنا وانطلقنا نحوها، فوجدناها تبكي بشدة، وكان "الكوتش" يدرك مدى التزام اللاعبة فلم يتصرف بطبيعته كرجل أجنبي، وقام بتقبيل "جوانتي" التايكوندو الخاص بها.
- بوصفك طبيبها.. ما مدى الإصابة التي تعرضت لها "هداية" في مباراة الفوز؟
"هداية" أصيبت أثناء المباراة في يدها، أثناء تصديها لإحدى ضربات اللاعبة المنافسة، وقمنا بعمل جبيرة لها وإجراء أشعة في المركز الطبي بالقرية الأولمبية، واكتشفنا وجود تمزق في الأربطة سيتم الشفاء منه خلال أسبوعين.
- بواقع تعاملك مع اللاعب إسلام الشهابي، حدثنا عن حالته النفسية قبل لقاء الاسرائيلي؟ وهل تناقشت معه في قرار اللعب أو الانسحاب؟
كان متحمسًا للمباراة، ولكنه شعر بضغط كبير، حيث وصف لي المباراة قائلًا "في شعوب مستنيه الماتش دا"، ولا صحة لما أُشيع عن نيته الانسحاب رغم معرفته بكفاءة الخصم، كان لديه عزيمة لمواجهة أي صعوبات.
- استبعد أحمد قطب، لاعب الكرة الطائرة، لتعرضه لتمزق في أربطة الكاحل، هل كان الاستبعاد الوحيد من البعثة ؟ كذلك حدثنا عن حالته النفسية بعد قرار الاستبعاد؟
أحمد هو الاستبعاد الوحيد من البعثة، كان يريد أن يستكمل دوره مع الفريق لكننا وضحنا له أن صحته أهم من المباريات، وقد تقبل الأمر. وخضع لعلاج مكثف استغرق 9 أيام، وتمكن بعدها من المشي ثم الجري قبل عودتنا إلى القاهرة. وصارت حالته جيدة.
- نشاهدك مع أبطالنا في أغلب مبارياتهم.. كيف يمكنك المواظبة على حضور هذا الكم من المباريات؟
دوري كرئيس البعثة الطبية الاطمئنان على كافة الأمور المتعلقة بسلامة اللاعبين، ومن الأمور التي سهلت عملي وجود الملاعب بجوار بعضها، وكنت أتحرك بينهم، فضلا عن أن فترات الراحة للاعبين في أوقات مختلفة مما مكنا من متابعتهم جميعًا.
- هل تضم البعثة طبيب نفسي لتأهيل اللاعبين قبل المباريات؟ أو التعامل مع الخاسرين؟
لا تضم البعثة الطبية طبيبًا نفسيًا؛ نظرًا لأن "الكوتة" قليلة، فلدينا 5 أطباء فقط، الدكتور مصطفى المنيري، استشاري العظام والطب الرياضي، وليد رضا أستاذ مساعد جراحة عظام بكلية طب جامعة القاهرة، الدكتور أحمد أبوالفضل، أخصائي جراحة العظام، والدكتورة أماني عبدالفتاح. بالإضافة إلى اثنين دورهما تدليك وتأهيل اللاعبين.
- وما تعليقك على اللغط المثار حول ضم طبيبة أطفال ضمن أفراد البعثة؟
الدكتور أماني عبدالفتاح، ليست طبيبة أطفال فقط، هي طبيبة محنكة في مجال الطب الرياضي، حصلت على عدد من الدورات، فضلا عن دبلومات في المجال ذاته، وكانت لاعبة سابقة وبطلة العالم مرتين في لعبة التايكوندو، وهي خبرة كبيرة. فضلا عن تفوقها في علاج الأمراض المعدية.. وكانت الترشيح النسائي الوحيد من جميع الاتحادات الرياضية عندما خاطبناهم لإرسال ترشيحاتهم، وفي مارس أعدنا الطلب فكرروا الترشيح نفسه.
- لديك دور نفسي مع اللاعبين وعلاقة طيبة -بعيدًا عن دورك كرئيس البعثة الطبية.. هل واجهت أي اعتراضات من المدربين في هذا الشأن؟
كنت بطلاً رياضيًا لفترة طويلة في لعبة التايكوندو، شاركت مع منتخب مصر ولدي خبرات كبيرة تؤهلني لمعرفة عقلية اللاعب والمدرب واحتياجات كلا منهما. لذلك أقوم بالتنسيق مع المدربين في أي خطوة، أطرح عليهم وجهة نظري، بشأن اللاعبين، وأتواصل مع أبنائنا لنقل التعليمات. ولا أواجه أية أزمات مع المدربين.
من المفترض أيضًا أن يتفهم الطبيب دوره وطبيعة عمله ويحترم رغبة المدربين أحيانًا في عدم المشورة أو الحديث مع اللاعبين، من المهم أن نُدرك أن المدرب هو قبطان السفينة، لكن في حالات الإصابة تتبدل الأدوار ويحصل الطبيب على المكانة نفسها.
- صرّحت لأحد المواقع أن التخوفات من فيروس زيكا لا يدعو للقلق سوى على السيدات الحوامل، فهل يُمكن أن تنطلق أي بعثة بسيدات حوامل؟
التحذيرات بشأن فيروس زيكا قادمة من منظمة الصحة الدولية، واللجنة الأوليمبية الدولية، أما ما يخص السيدات الحوامل، أو من هن في سن الحمل، يُمكن للفيروس أن يؤثر على الأجنة بعمر الشهرين أو الثلاثة، وطبعًا يُمكن أن تنطلق البعثة بسيدات حوامل، لكن المرافقات أو الإداريات لا المشتركات، مثلما رأينا هداية وأسرتها، لو فرضنا أن شقيقتها حامل، أو إحدى الموظفات الإدارية أو المدربة.
- هل تُجرى حالات الكشف عن المنشطات تحت إشرافك؟
حالات كشف المنشطات تُجرى تحت إشراف اللجنة الطبية الدورة، ونَدفع بمرافق له لمتابعة أخذ العينات بشكل مناسب دون أخطاء.
- عقدت اللجنة الأولمبية الدولية حلقة نقاش تخص الجديد في الطب الرياضي، ما الجديد الذي تتناوله؟ وما الذي أضافته لك بشكل مهني وشخصي؟
عقدت اللجنة الأوليمبية سلسلة اجتماعات متتالية، نوقش فيها بعض الموضوعات منها الإدارة الطبية الرياضية، كما رأينا تجارب المنتخبات الأخرى، لمعرفة كيفية تكوين فريق طبي رياضي، وبشكل شخصي هذه المناقشات تُضيف لي، حيث أتعرف على ثقافات مختلفة تساعدني في مجالي.
- خلال النقاش الخاص باللجنة الأولمبية الدولية، سجلت اعتراضك على تعريف اللجنة الأولمبية للإصابات، لماذا؟
كنت قد قدمت اعتراض على اللجنة الدولية، بسبب طريقة تسجيل الإصابات، حيث تكون الطريقة بتسجيل أي مرة يتم فيها دعوة الطبيب للتدخل في المباراة أنها إصابة "بعض اللاعيبه بتتمارض وتبقى عايزة تضيع وقت"، ومن غير المعقول أنه في كل مرة يقع فيها اللاعب يجب عليّ تقييم الحالة "لازم يبقى فيه علامة من علامات الإصابات عشان تسجل"، وبلغتهم باعتراضي على هذا التعريف، وأجابوا أنه جاري النظر فيها.
- بجانب منصبك تعمل كعضو في اللجنة الطبية بالاتحاد الدولي، فكيف يحدث الجمع بين المنصبين؟
أنا أجمع بين عدة مناصب بالإضافة لرئاسة البعثة الطبية المصرية، حيث أشغل منصب رئيس اللجنة الطبية في التايكوندو، ومسئول في اللجنة الطبية بالاتحاد الدولي، ورئيس اللجنة الطبية في الاتحاد الأفريقي، هذا الجمع بين التخصصات موجود، لأن الاتحاد الدولي يعقد اجتماعات دورية سنوية فقط، ولا يوجد تعارض بينهم، ودورنا في الاتحاد الدولي هو التخطيط وتعديل القانون ومستلزمات اللعب للوصول لأفضل نتيجة لتقليل معدلات الإصابات.
- فضلًا عن الطب، تكتب أيضًا ولك عدة مؤلفات، أشهرها رواية "المرحوم".. كلمنا عن السر في المزج بين الأدب والطب، وهل يمكن الكتابة عن الأولمبياد بشكل أدبي ؟
المزج بين الطب والأدب هي ظاهرة عالمية، هناك كتاب كبار في العالم هم أطباء، داخل مصر لدينا المنسي قنديل، محمد المخزنجي، علاء الأسواني وإبراهيم ناجي، لا أقدر على تحديد سبب بعينه من المزج بين الطب والأدب، لكن "يمكن لإن الطب بيشوف كتير"، وتغلب الإنسانية على المشاهد أمام عينيك، يمكن الرؤية أكبر. أنا أستفيد بخبراتي في الحياة وفي الرياضة في أعمالي، لديّ عمل اسمه "العمر رفعة" يتحدث عن بطل رفع أثقال، والمسافة التي تتكون بينه وبين رفع الوزن "ايه الأفكار اللي بتدور في باله"، وهذا بسبب التأثر بالأولمبياد، وتلك تعتبر كتابة أدبية عن الأولمبياد.
- وهل هناك عمل قريب سيدور عن الرياضة أو الأولمبياد؟
نعم، روايتي التي أكتب فيها حاليًا "هتكون ليها علاقة بشكل ما بالرياضة"، لأنها مأخوذة عن قصة حقيقية.
فيديو قد يعجبك: