بالفيديو.. قصة الأسطورة حمدتو.. بطل قهر المستحيل.. وسطر مجدًا بفمه
كتب- علي البهجي:
بوجه تعلوه ابتسامه رضا، لرجل أربعيني أكل الدهر على وجهه وشرب، يسير واثق الخطى ملكًا، حاملاً على عاتقه حقيبة بين ثناياها أحلام تأجلت لسنوات طوال، يمكن البوح بأن الزمن أجهز عليه لسنوات، لكنه رغم كل ذلك عقد العهد أن يحيى مرفوع الرأس، يسطر مجدًا دون وجود أنامل لذلك.
عين يحيطها جفن اتعبه السهد في ليالي كادت أن تودي به للهلاك من الفكر وانتظار رؤية بريق أمل في نهاية النفق المظلم، تحامل على كل ذلك وصنع مجدًا كان أشبه بالمستحيل، السنوات مرت وهو يعيش في ممرات النسيان حتى اقترب من رفع راية الاستسلام.
بفم ومضرب، عقد العزم أن يحيى.. نعم يحيى بطلًا لا غير ذلك، جعل العالم الذي تنساه لسنوات يلهث ورائه لرؤيته، أصبح حديث القاصي والداني بعدما فعل ما كان مستحيلاً قبل سنوات.
الأول من يوليو لعام 1973 يشهد مولد الأسطورة، إبراهيم الحسيني عبد الخالق حمدتو، في محافظة دمياط، أحب كرة القدم في سن صغير كغيره من أبناء جيله، لكن القدر كان له دورًا في تغير مساره للأبد، حادث قطار حين بلغ العاشرة من عمره كلفه بتر ذراعيه ليجعله مجبرًا أن يكمل حياته بدونهما.
يروي حمدتو أن تلك الفترة كانت من أصعب الفترات التي مرت عليه بعدما تعرض لبتر ذارعيه في سن صغيرة، لكنه لم ييأس وقتها وحاول أن يكمل حياته ولعب كرة القدم، الأمر لم يستمر طويلاً بسبب صعوبة مجاراة قرنائه في الملعب؛ لعدم قدرته على الحفاظ على توازنه أثناء الجري أو الالتحام مع باقي اللاعبين ليكون مجبرًا على عدم استكمال السير في هذا الطريق.
المعاناة
بعد ترك ممارسة كرة القدم، كان يذهب إبراهيم حمدتو لمشاهدة أصدقائه وهم يمارسون رياضة تنس الطاولة ومع مرور الوقت جذبته تلك اللعبة وكان في البداية يدير المباريات كحكم، بسبب تواجده بشكل شبه دائم مع أصدقائه.
حمدتو:" شخص ما كان هو سبب ممارستي اللعبة، بعدما تحداني بأنني لن استطيع اللعب أمامه، ولذلك قررت التدريب لأكون قادرًا على مجاراته وهذا بالفعل ما حدث، لكنني اصطدمت بحقيقة وهي صعوبة الإمساك بالمضرب بيدي، فحاولت عدة مرات لأتوصل في النهاية للإمساك به بفمي وانتزاع الكرة من الأرض بقدمي".
يكمل :"بعد فترة طويلة من التدريبات استمرت لثلاث سنوات، والتأكد بالفعل من القدرة على اللعب أمام هذا الشخص، قررت مواجهته في مباراة تحدي وذلك في عام 1986 وبالفعل تمكنت من الفوز عليه في تلك المباراة.. لتكون بعدها البداية الحقيقة".
بداية الطريق
يتذكر: " لا أنسى أول بطولة أفريقية شاركت فيها والتي كانت في عام 1991، وحصلت وقتها على الميدالية الذهبية الشرفية، لتكون بمثابة دافع كبير لي لاستكمال المشوار ومحاولة تحقيق الانجاز بعد ذلك".
يضيف: "بعد تلك البطولة شاركت في العديد من المنافسات لكن سيظل أهمها حصد الميدالية الفضية في بطولة أفريقيا عام 2015 والتي أهلتني للمشاركة في دوري الألعاب البارالمبية في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 2016".
النسيان
يحكي البطل عن معاناته :" كنت أسافر من دمياط إلى لقاهرة بشكل شبة يومي من أجل التمرين، وهذا الأمر يعد صعبًا للغاية ومرهق في نفس الوقت، فأقضي تقريبًا اليوم بالكامل ما بين السفر ذهابًا وإيابًا في الطريق وساعتين على أقل تقدير في المران".
يضيف": هناك صعوبات أخرى غير السفر وهي توفير الأدوات اللازمة للتدريب تحتاج للكثير من المال وهذا لم يكن متوفر بشكل سهل قبل عام 2015".
ولا ينسى حمدتو تلك الفترة التي كان قريبًا من ترك اللعبة بشكل نهائي، ويحددها بأنها كانت ما بين أعوام 2013 وحتى عام 2015، ويصفها بأنها لم تكن سهلة فكان شعوره بأنه لا عائد من كل تلك المحاولات التي يقوم بها، وعدم التفات أحد له، بالإضافة للصعوبات المادية التي كان يواجهها لمواصلة المران بالتوازي مع الالتزامات الخاصة بحياته كزوج ورب أسرة.
بصيص أمل
تبدل الحال بعد سنوات من التعب والجد، ففي عام 2015 فاز حمدتو بالميدالية الفضية دورة الألعاب الإفريقية البارالمبية وبعدها أصبح حديث الشارع، ليكمل الإنجاز ويتأهل للمشاركة في الألعاب البارالمبية في ريو 2016، ليرى بذلك بعدها بأن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق.
يصف حمدتو تلك الفترة بأنه من أعظم اللحظات التي مرت عليه بعد روية الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لتنس الطاولة ينشر مقطع فيديو خاص به ويشيد بأدائه وإصراره، الأمر الذي جعله يواصل سعيه للحفاظ على ما وصل إليه واستكماله في باقي السنوات.
بطل قهر المستحيل
يعد إبراهيم حمدتو هو اللاعب الوحيد الذي خاض منافسات دورة الألعاب البارالمبية مستخدمًا فمًا في رياضة تنس الطاولة وينافس لاعبين أخرين إعاقتهم أقل منه بمراحل، لكنه رغم ذلك ظهر بمستوى جيد خلال المنافسات.
يؤكد:"اعتبر نفسي مظلومًا كوني اللاعب الوحيد الذي أخوض المنافسات مستخدمًا فمي وهذه مقارنة غير عادلة وبقية اللاعبين يمسكون المضرب بأيديهم".
حلم لا زال يراوضه
لا يزال إبراهيم حمدتو يحلم بتحقيق ميدالية أولمبية، رغم الإخفاق في ذلك في عام 2016، لكنه ازداد إصرارًا عن ذي قبل، وهو الآن يكثف الجهد أضعاف ويحاول التدريب في المنزل والسفر أيضًا للقاهرة للحصول على بعض التدريبات حتى يكون جاهزًا للمنافسة التي سيشارك فيها ببطولة أفريقيا والتي من المقرر أن تؤهله لأولمبياد طوكيو 2020.
فيديو قد يعجبك: