الأرقام .. "الخدعة" التى تقتل روح كرة القدم
كتب - محمد يسري مرشد:
"حسام باولو هو المهاجم الأفضل فى مصر فى أخر 4 سنوات ، 48 هدفاً سجلها مهاجم الداخلية وسوحة والزمالك الأسبق بداية من عامه الـ 31 ، فاز بلقب الهدف موسمين متتالين مع فريقين مختلفين لأول مرة فى تاريخ الدوري" .
لا أدعم المقولة السابقة الحقيقة الرقمية أقدمها فقط كنموذج لهوس الأرقام واختزال كرة القدم والتقييم فى خانات الذى بات يهدد كرة القدم نفسها ويحولها إلى لعبة أشبه بكرة السلة، يفرغها من ثوابت وقيمة والسبب أن البعض الذى لا يعي سوى الأرقام أراد اقتحام هذا العالم ولم يجد أسهل من المنطق الحسابي فى الحكم على الأشياء.
أحمد شديد قناوى هو أفضل مدافع فى الدوري الموسم الماضي مدافع صلب قام بقطع 112 كرة يليه حمادة السيد قلب دفاع أسوان الذى تفوق على أحمد حجازي وعلي جبر ثنائى المنتخب، كوبور فاروق لاعب الشرقية أفضل من طارق حامد وحسام عاشور، اسلام طارق أفضل حارس وتصدي لكرات أكثر من الشناوي وإكرامي والحضري نفسه، عينة أخري من الأرقام.
لست ضد الأرقام كعامل مساعد فى التقييم فى حالات معينة وتدعم تحليل الأداء الفنى في مواقف أخري ولكن ضد تحول كرة القدم لأرقام واختزالها فى مجموعة من الخانات دون النظر إلي روح اللعبة، الجهد والعوامل والظروف والدوافع الإرادية، نعم قد أمرر 100 تمريرة صحيحة لزميلي إلى الأمام والخلف منهم 90 تمريرة مباشرة ،قذيفة فى قدم زميلي أو غير منضبطة أو يلهث ورائها وبالكاد يلمسها قبل تخطيها الملعب وهنا التسجيل الألكتروني يحتسبها صحيحة.
رقميا أيضاً فاز الأهلي بدوري المجموعات بفارق هدف واحد عن سموحة، والأهلي الأن متقدم على الثاني بفارق 14 نقطة، إذن المحصلة أن أهلي 2013 هزيلاً والأن مرعباً .
الحيلة التى تستخدم للتأكيد على وجهة النظر، الحق الذى يراد به باطل، فى الظاهر يبدو صحيحاً أن الفارق بين الأهلي 2013 و2018 كبيراً ولكن بالتدقيق والتحليل الصحيح ستجد أن الأحمر حقق الفوز بالدوري فى ظروف غاية فى الصعوبة وقائمة أقل بسنوات ضوئية من 2018 ، صفقات أقل من ربع الفريق الذى كون قبل الموسم الحالي استقرار غائب بسبب الإطاحة بيوسف والاستعانة بمبروك، يتم غض البصر عن العوامل والظروف تطمس من أجل الأرقام فقط، الأهلي كان بطلاً وتحول لبطلاً بأرقام أفضل لماذا؟ الإجابة هنا لا يرد عليها بأرقام الأن وأرقام الماضى.
المنافسة فى الدوري الحالي غائبة والاستقرار مفقود فى معظم الأندية المنافسة للأهلي، مراكز عديدة فشلت جميع أندية الدوري فى تقديم مواهب بها، الأهلي ذاق الأمرين للبحث عن مدافع ولم يجد ضالته سوى فى الدرجة الثانية، الظهير الأيسر إنقرض ولا أحد يعلم من سيعتمد عليه كوبر، المهاجم الصريح غائب ولا يوجد من لفت الأنظار فى مركز 9 بالبطولة المحلية.
النظام مفقود، المنطق الذى يحكم به هؤلاء باعتبار أن الأرقام حقيقة كرة القدم ينسفه غياب النظام، دوري على ملاعب متهالكة، لوائح غامضة ومتغيرة، فريق يلاعب منافسه فى الدوري مباراتين الدوري الأول والثاني فى 4 أيام، عراك ومشادات على الاستادات التى تستضيف المباريات، ضغط للدوري وإصابات بالجملة وتأجيل مفاجىء ومع كل هذا يحكم البعض بتطور هذا الفريق وهذا المدرب، والدليل الأرقام.
العشوائية كلمة مضادة للتطور والتطوير ولا يمكن أن تفرز العشوائية تطوراً ولا يمكن الحكم المطلق بتطور شىء وسط مناخ عشوائي، وصفها الراحل صالح سليم سابقاً بـ "أعور وسط عميان".
ستبقى بطولات أفريقيا هي المعيار للعمل الذى يقدم فى الأندية المحلية وتحديداً الأهلي، اللعب تحت ضغط فى مستويات أعلي على ملاعب بجماهير بفرق تبدو مستقرة ومن يعشق الأرقام فعليه التحول لكرة السلة فروح كرة القدم لن تسلبها الآلة الحاسبة .
فيديو قد يعجبك: