عقل المباراة: الزمالك وبيراميدز.. لأن كل شىء يدور حول العقل
تحليل- أيمن محمد:
في تحليلات عقل المباراة.. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة، ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتى تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القاريء.
(لم أشاهد أي خطط فنية، كنت فقط أري حماسا في الملعب) هكذا قام بالتعليق مالك بيراميدز بعد انتهاء مباراة الفريق أمام الزمالك متصدر الدوري بثلاثية لكل فريق، في مباراة هي الأشرس في الخمس سنوات الأخيرة.. ولكن هل معنى ذلك أنك شاهدت مباراة تكتيكية كبيرة؟ بالطبع لا.
لا يهم، فإذا رجعت بالذاكرة ما يقرب من 3 أشهر وتحديدا في ملعب البونبونيرا في مباراة ذهاب نهائي كوبا ليبرتادورس ستجد أن التكتيك لم يكن له الكلمة العليا فالهجمات كانت كر وفر.. التحولات كانت هي صاحبة الكلمة العليا.. بالأمس وكي تصبح التحولات هي صاحبة الكلمة العليا يجب أن تقوم بإحصاء كم الفرص التي جاءت من خلالها لن نتحدث عن التهديف.. ستجد فعليا أن ذلك لم يحدث.
فقط هجمات متبادلة حتى دون أدنى خطورة.. إيقاعا سريعا في اللعب لكن دون هدف، الزمالك كان أكثر تنظيما تعرف من يتواجد في تلك البقعة من أرض الملعب وذلك يرجع إلى العقل الذي يدير ويقود ..كريستيان جروس.
رغم أني أراه غير مجد في الدفع بمحمد إبراهيم بديلا لأوباما كلاعب بلاعب بغض النظر عن المنافس.. إلا أني أجد أن جزء من المنطق جعلني أوافق على ذلك اعتمادا على تشكيلة بيراميدز، التي تخلو من لاعب يميل إلى الدفاع سوى دونجا في خط الوسط.
تواجد إبراهيم ولو نظريا شغل دونجا وبالتالي ستظهر المساحات كافية لساسي كي يتقدم ويسدد ليس مرة بل مرتين دون أدني ضغط رغم وجود 9 لاعبين يشكلان خطين من لاعبي بيراميدز قبل 30 ياردة من المرمي.. فلتحدثني أكثر عن التكتيك المستخدم من قبل حسام حسن.
4-1-4-1.. كثير من الناس يعتقدون أن الأمر متعلق بالخطة نفسها وليس بكيفية الخروج بالكرة، بمواجهة المنافس إذا كان يضغط من الأمام أو يقبع في الخلف.. العديد من الأشياء التي فطن لها جروس لتواجد جهاز متكامل معه ولا يعتمد فقط على الحماس والكرة الثانية، واستقبال المحترفين من مطار القاهرة إلى أرض الملعب دون خطة أو دراية.
سيفونتي دبابة بشرية.. طريقة لعبه لن تعتمد على بناء اللعب من الخلف للأمام.. وأنت تمتلك عبدالله وقفشة في خط الوسط وكينو وخربين في الأطراف.. وكي تهرب من ضغط الزمالك العالي عليك بتحريك تراوري إلى الوسط أثناء بناء الهجمة لدعم الوسط.. على أن يكون التمرير على الأرض لسيفونتي للقادمين بوجوههم وأعني قفشة وعبدالله ليصبح كينو وخربين في مواجهة أضعف نقاط الزمالك (أطرافه الدفاعية).
ما فعله حسام تقليدي أمام منافس لا يترك فرصة للاعبين كي يستمتعوا بعنصر الوقت، كي يفكرون في التمرير وخلق المساحات وهي أهم ميزة في وجهة نظري أضافها جروس لأبناء ميت عقبة هذا الموسم.
تغير سيفونتي بين الشوطين لإقحام عمر جابر ليس كارثة.. الكارثة كانت في تغيير مركز كينو وعبدالله السعيد مع أن الأسهل والأيسر لو أردت أن تقوم بدعم الوسط في اللعب بـ4-2-2-2.. بتواجد تراوري ودونجا ارتكازين أمامهم في العمق عبدالله وقفشة علي أن يلعب خربين وكينو بين قلب الدفاع وظهير الجنب في كل جهة.. بذلك سيصبح أمام ثلاثي الزمالك (طارق وساسي وإبراهيم) الرباعي (دونجا وتراوري وقفشة وعبدالله) .
الحل الأخر كان في إشراك خربين نفسه كرأس حربة، خاصة وأن ذلك كان خيار حسام نفسه قبل المباراة وهو ما تحقق بعد إشتراك بينافونتي بدلا من قفشة وعودة كينو لمركزه الطبيعي كجناح أيسر! .
كل ما سبق يؤكد أن العميد لم ينجح في فهم طبيعة مركزه.. فبنظرة سريعة على الدوري السعودي ستعرف أن المدرب إذا تعثر مباراة وإثنين وثلاثة سيقال من منصبه، حتى لو كان اسمه بيب جوارديولا!.
كان على حسام حسن أن يتفهم طبيعة النادي الذي يعمل به. في أن مالكه سيضخ الكثير من المحترفين في كل فترة انتقالات، إذا لم يكن الأداء والنتائج كما يريد.. لذلك عليه دوما الاستعداد لذلك بفهم طبيعة كل لاعب جديد سيأتي إليه من خلال أفراد معاونين يوفرون له وقتا في التعرف على هؤلاء القادمين من المجهول.
في المقابل جروس فهم اعتراض كهربا متأخرا..كما يبدو أو كما قيل من معلق المباراة أن كهربا حاول إثناء الجهاز الفني عن إخراج إبراهيم حسن والدفع بمحمد عبدالسلام.. وأرى ذلك منطقيا، حيث أن التغيير الأول كان لا بد أن يكون محمد إبراهي، باعتبار أن إبراهيم حسن أكثر دفاعية من محمد، وبالتالي في ظل اللعب ب10 لاعبين فقط يصبح من الواجب والضروري بقاء حسن.. وقد تم تصحيح ذلك من خلال الدفع بعنتر وتلك إحدى عيوب جروس كما ذكرنا في عقل المباراة من قبل.
مجرد الاستمرار في اللعب بثنائي ارتكاز أمام فريق منقوص من أحد لاعبيه كارثة.. العميد استمر على تلك الفكرة حتى بعد أن قام جروس بتعديل خط دفاعه بإشراك عبدالسلام، ثم تعديل خطأ التبديل الثاني عندما قام بإخراج محمد إبراهيم وأدخل عنتر.. العميد استمر على ثنائية تراوري ودونجا حتى أصيب الأول فدفع بناصر منسي في الهجوم في الدقيقة 83 !.
نعم المباراة كانت مليئة بالحماس وبالرغبة المتبادلة في الهجوم.. أشعلتها حماسة الجماهير.. ألا ترى معي أن تلك هي البديهيات، أن ترى مباراة كرة قدم مليئة بالحماس وبالرغبة المتبادلة في الهجوم مع وجود جماهير ترغب بمساندة فريقها حتى لو كان لديها شيزوفرينيا سب المنافس مع الاحتفاء بذكري ضحايا الملاعب في الدقيقتين 20 و 74.
أخيرا.. ما رأيناه في المباراة كان النسخة الأفضل منذ عدة سنوات، ولكن تاريخ الكرة المصرية ملىء بالمباريات الأكثر تكتيكا ووعيا وحماسا وجمهورا.
للتواصل مع الكاتب على الفيس بوك
وعلى تويتر
فيديو قد يعجبك: