مدرب الأهلي المنتظر .. لماذا استهدف الأهلي الكنز المدفون في البرتغال؟ (تحليل)
سار الأهلي وشركة الكرة ضد التيار وفي الاتجاه المعاكس ، ترك الحديث حول الأسماء الرنانة وهو ينقب عن كنز يناسبه ليمنحه عملاق القارة الفرصة لنفض الغبار عن نفسه داخل نادي القرن ويصنعه كما صنع من قبله ،وتوجه نحو البرتغالي ريكاردو سواريس.
فبعد ارتباطه بروي فيتوريا وباولو سوزا، رودي جارسيا وفاجنر وذهب الأمر لماركو روزه وأبل فيريرا جاء اسم سواريس الواعد الذي نشرته صحيفة "أبولا " البرتغالية ليثير الجدل ولكن مع التريث وقراءة السيرة الذاتية التكتيكية للمدرب ستجد أن الأهلي اتجه إلى المنبع مباشرة.
خوسيه ريكاردو سواريس ريبيرو يبلغ من العمر 47 عاماً حيث إنه من مواليد 11 نوفمبر 1974 ، ولد في مدينة فيلجيراس البرتغالية وجاءت مسيرته كلاعب متواضعة حيث لعب "الجناح" في الدرجة الثالثة في بلاده قبل أن يعتزل عام 2005 بعد 12 عام لعب خلالهم 232 مباراة مع 7 فرق في هذه المسابقة مكتفياً بتسجيل 28 هدفًا.
بدأ سواريس التدريب عام 2005 في أحد فريق الهواة وتنقل بين أندية صغيرة، يتحسس طريقه خطواته لتدريب أندية أكبر، وهو ما تحقق بتولي تدريب تشافيس في 2016 النادي الذي منحه الفرصة للعمل في الدوري الممتاز البرتغالي، ثم عاد للدرجة الأولى لتدريب أفيس في 2017 وأكاديميكا وكوفيلها وفي موسم 2019-2020 بدأ خطوة هامة في مشواره عبر تدريب موريرينسي ليحصل معه على المركز الثامن في الدوري الممتاز في أول مواسمه ثم تركه بعد موسم في نفس المركز لتدريب محطته الأخيرة والأهم جيل فيسنتي .
تولى ريكاردو سواريس دفة القيادة لجيل فيسنتي في نوفمبر 2020 بعد بداية صعبة لسلفه روي ألميدا الذي عمل مساعداً لجوسفالدو فيريرا المدير الفني الحالي للزمالك وسبق له العمل في تدريب النادي الأبيض عام 2015 ، كان سواريس يعاني من مشاكله الشخصية مع إدارة موريرينسي ، وبدأ بشكل إيجابي بما فيه الكفاية ، ودعم فريقه في فترة الانتقالات الشتوية بصفقات ناجحة ليستطيع انقاذ الفريق من الهبوط ويحتل المركز الـ 11 برصيد 39 نقطة بفارق 5 نقاط عن ريو آفي أقرب الهابطة لفريقه.
وفي الموسم الماضي كان العمل استثنائياً ، الحصول على المركز الخامس والتأهل لدوري المؤتمر الأوروبي وهو أفضل إنجاز في تاريخ جيل فيسنتي الذي هزم العملاق بنفيكا ليضع المدرب نفسه كأحد أبرز المدربين في البرتغال الموسم الماضي وهو ما دفع مانويل جوزيه المدير الفني الأسطوري للنادي الأهلي لترشيحه وفق طلبات شركة الكرة التي تواصلت معه واستطلعت رأيه.
كيف قاد ريكاردو سواريس جيل فيسنتي لمجده؟
ريكاردو سواريس مدرب عاطفي يمتلك شخصية صارمة وأسلوب خاص به ، ويقول عن نفسه في تصريحات نقلتها europe-cities مايو الماضي " قيادتي عاطفية جدًا في بعض الأحيان ومن الصعب على اللاعبين التعامل معي هنا أو هناك ، لكنهم يعلمون أنني أعطي كل شيء من أجلهم.
ويضيف ريكاردو "طريقتي أن نجعل كرة القدم لعبة جماعية وحتى نحصل على ذلك لابد أن نتدرب لعدد ساعات طويل، هذه هي طريقة العمل ، أنا متأكد من أن بعض اللاعبيون عادوا إلى منازلهم وهم مستاءون عدة مرات بسبب الفترات الطويلة ، لكنهم اليوم لاعبون أفضل لأن هذه هي طريقة الوجود ، الانخراط في كرة القدم هو الطريق الوحيد لتحقيق أهدافك ".
شخصية ريكاردو العاطفية تبعها عمل تكتيكي أفرد الحديث عنه موقع "totalfootballanalysis" في أبريل الماضي بعد ما أظهره المدرب .
التشكيل والأسلوب
لقد غرس سواريس بعض المبادئ الحديثة منذ توليه قيادة الفريق البرتغالي، الاستحواذ على الكرة والتحلى بالصبر الشديد ، حيث بلغ متوسط حيازة الكرة 53.2 ٪ في المباراة الواحدة هذا الموسم - وهو أحد أعلى المعدلات في الدوري الممتاز البرتغالي.
فلسفة سواريس اعتمدت على الضغط عالياً في حالة عدم امتلاك فريقه للكرة، ضغط بشكل متناسق وفي حالة عدم النجاح في قطع الطرات يعود لوضع كتلة دفاعية منخفضة لحرمان الخصم من فرص التسجيل ، مما يؤدي إلى اختناق المسافات بين الخطوط.
لتنفيذ فلسفته ، يفضل سواريس في 4-4-2 وتتحول 4-4-1-1 في جوانب معينة ، تم استخدام 4-4-2 في 57 ٪ من مباريات جيل فيسنتي في جميع المسابقات هذا الموسم ، تليها 4-4-1-1 بنسبة 23 ٪.
4-2-3-1 هو خيار آخر لسواريس إذا احتاج ثنائي وسط الملعب إلى التراجع أكثر إلى الخلف واندفع الجناحان مع وجود رقم (10) ، ولكن لم يظهر هذا التكتيك كثيراً مع سواريس لأنه يلعب وجد الطريقة المثالية لفريقه ولذلك لم تكن هناك حاجة لاستخدام تكتيكات أخرى ،حتى في المباريات الكبرى ضد بورتو وبنفيكا وسبورتينج لشبونة ، تمسك بأسلوبه حيث يفهم اللاعبون أدوارهم ويقومون بتنفيذها بشكل جيد للغاية.
استعادة الكرة بالضغط العالي
ضغط جيل فيسنتي عالياً لاستعادة الكرة حقق متوسطاً 10.01 هذا يعني أن سواريس يسمح للخصم بلعب ما يقرب من 10 تمريرات في المتوسط قبل اتخاذ إجراء دفاعي وهو ما يوضح في الرسم البياني التالي الذي يقيس مدى نشاط الفريق الذي يسعى لاستعادة حيازة الكرة وعدد الإجراءات الدفاعية.
بلغت نشاط جيل فيسنتي لاستعادة حيازة الكرة 6.3 وهو رابع أعلى مستوى في الدوري البرتغالي حيث إن سواريس يصر على عدم السماح للخصم بالحصول على الكثير من الوقت على الكرة. ولكن كيف؟
يضغط جيل فيسنتي في 4-4-2 داخل الثلث الدفاعي للخصم. إذا بدأ اللاعبون في هذا الشكل ، فلن يتغير شيء ، ولكن إذا كان الهيكل أكثر من 4-2-3-1 أو 4-4-1-1 ، فإن صانع الألعاب أو المهاجم الثاني يضغط للأعلى جنبًا إلى جنب مع مهاجم الوسط أما 4-4-2 ، فيضغط الجناحان ومهاجمي الوسطعلى قلب الدفاع والظهير .
هدف جيل فيسنتي خلال هذه المرحلة هو إجبار الخصم على فتح الملعب ونقل الكرة إليه وهو ما يعني استخدام خط التماس لخنق المساحات لاستعادة الكرة. هذه حيلة تكتيكية معتادة في اللعبة الحديثة ،ومن خلال حيلة سواريس فإن غالبية مناطق حصولهم على الكرة تكون من على الأجنحة ، وهذه الإحصائية في الرسم البياني ضد نادي بيلينينسيش توضح أماكن استعادة الكرة 50 مرة (باللون الأحمر) .
وعندما يتم استدراج الفريق المنافس إلى فخ الضغط ، يعمل جيل فيسنتي إلى سد أي ممرات تمرير والضغط على الكرة بقوة لاستعادة الكرة وفي نفس الوقت يتم توجيه الخط الخلفي أيضًا من للتقدم بشكل مرتفع للغاية لسد أي مسافة بين الخطوط وخنق المنافس مع وقوف المدافعين في وضعية تسمح لهم بالتراجع في حالة لعب الكرة الطويلة.
الدفاع
بمجرد كسر الضغط وعدم استعادة الكرة ، لا يوجد مجال للكسل من اللاعبين ، يطلب المدرب البالغ من العمر 47 عامًا من لاعبيه التراجع في كتلة دفاعية متماسك ، هذا الشكل يشبه 4-4-2 وهو ضيق جدًا أفقيًا وعموديًا ولا تختلف فلسفة سواريس في الضغط العالي عن الدفاع المنظم ، هو يريد الخنق، غلق المساحات، إبعاد الكرة عن العمق إلى الأجنحة والخصم عن المناطق الت تزيد فيها نسية الأهداف المتوقعة ضم خط التماس إلى الدفاع بتوجيه المنافسين إليه.
المواجهات مع الفرق الكبرى وخاصةً ضد الفرق التي تستخدم خطًا أماميًا مكونًا من خمسة لاعبين في الاستحواذ كان له أسلوباً مختلفاً يضم الظهير إلى ويعود الجناح إلى مركزه تماماً كما فعل آبل فيريرا مواطنه ومدرب بالميراس أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية الأخير بالإمارات .
الصبر في الاستحواذ
تمتع جيل فيسنتي ببراعة في الاستحواذ ولكنه مال أيضًا إلى التحلي بالصبر الشديد حيث لا يستعجل الفريق التقدم بالكرة إلى مناطق الخطورة ويأخذون وقتهم عمومًا لشق طريقهم خلال ثلثي الملعب من خلال اللعب الموضعي.
فيما يلي مثالاً على خريطة استحواذ الفريق في مبارته ضد إستوريل، زوايا التمرير المفتوحة وخاصة إلى الظهير والأجنحة نؤكد أن الفريق يميل إلى تدوير الكرة كثيرًا ويفضل البناء من خلال المساحات الواسعة أثناء الاستحواذ.
جنون هجومي
الإسهاب في الحديث عن أسلوب دفاعي سواريس والضغط العالي لا يعني أن المدرب متحفظ بل على العكس وخاصة أمام الفرق التتي تتكتل أمام فهو يهاجم بضرازة ويرسرف فريقه سيلاً من الكرات العرضية وهو ما رفع نسبة فريقه في في هذه الكرات حيث بلغ متوسط تمريرات النادي البرتغالي 17 عرضية لكل 90 تمريرة هذا الموسم في جميع المسابقات وبالمقارنة مع بقية الفرق في دوري الممتاز البرتغالي ، فإن متوسط الدوري هو 11.19.
في مباراة جل فيسيني ضد إستوريل، أيضاً الأخير تكتل أمام فريق سواريس فقدم الأخير مزيجاً من الهجوم الشامل مما يجعل أسلوب المدرب وفريقه غير متوقع وفيما يلي مثال على جميع تمريرات الفريق الـ 12 في منطقة الجزاء ضد إستوريل:
في النهاية فقد أثبت سواريس أنه مدرب واعد ، لقد قدم أداءاً تكتيكياً مميزاً وسط المنافسة مع الثلاثي الكبير في البرتغال ونجح في إيجاد نظام تكتيكي يناسب الأفراد المتاحين له ، ويبدو أنه يسير على خطى من سبقوه والذين بدأوا في أندية صغيرة ثم متوسطة ثم حدثت قفزات هائلة في مسيرتهم ولهذا اتجه الأهلي نحو المنبع مباشرة للاستفادة من مدرب يتطور بشدة.
فيديو قد يعجبك: