محمد فوزي.. طريق النجومية يبدأ بـ"علقة سخنة"
كتبت- هدى الشيمي:
فنان شامل حاول صعود سلم المجد درجة درجة، حتى يصل إلى أعلى مكانة قد يصل إليها مطرب أو محلن أو ممثل في مصر، أو العالم العربي، فبذل مجهودا كبيرا، وسخر نفسه لخدمة فنه، وارضاء جمهوره، فتحول محمد فوزي إلى ألمع وأبرز النجوم، وماتزال أغانيه مسموعة حتى الآن، يٌقبل عليها صغير وكبير.
بصوته باعث بالبهجة، وابتسامته ووجه السمح، الكفيل بإخراج من يسمتع إليه، أو يشاهده من أي حالة مزرية بائسة قد يمر بها، ساعدوه على الوصول إلى الجمهور، ليطير قلبهم طربا، ويرق من عذوبته، وروحه المرحة التي ظهرت في أعماله المختلفة.
وفي حوار نادر مسجل لفوزي، قصّ بعد الذكريات التي حدثت له قبل أن يصبح محمد فوزي، المنتج والملحن، أثناء اقامته في منزله بطنطا، وبدايته في الفن والغناء، فإلى الحوار:
بدأت لاعب كرة قدم.. فكيف أصبحت مطرب؟
عندما بدأت التفكير في الفن، لم أرغب في أن اكون مغنيا وملحنا، إنما الأمنية الكبيرة التي روادتني دائما، هي ترك طنطا، البلد التي عشت بها أيامي الصغيرة، عندما كنت مبتدأ، أغني لعبد الوهاب وأم كلثوم، في الفسحة المدرسية لزملائي، وخاصة أغنية "الليل لما خلي"، و"ياما مر الفراق"، أكثر اغنية احببتها اثناء الدراسة كانت "خايف أقول إللي في قلبي"، وتعبيرات وجههم جعلتني اشعر بضرورة الاتجاه للمغنى.
بالأضافة إلى الغناء، كنت واحد من لاعبي الكرة المهمين جدا في المدرسة، حتى إني في إحدى السنوات أصبحت "كابتن" الفريق، وأثناء رحلاتنا من طنطا لدمنهور أو الزقازيق أو بنها، كنت اغني طوال الطريق، واهتم بي جدا المعلمين وقالوا لي "ما تسيب المدرسة وتروح تشتغل مغني"، وهذا دفعني أكثر إلى ترك المدرسة والسفر للقاهرة، للتركيز على الغناء.
محمد فوزي "خايف اقول اللي في قلبي":
موقف لا تنساه أثناء غناءك في الموالد..
اتذكر مرة أن فرقة صغيرة من المحترفين "أنونجي"، و"عوّاد"، طلبوا مني الغناء معهم في مولد "سيدي الدسوقي"، مقابل جنيه كل ليلة، فقبلت فورًا، لأن أخر الشهر كنت سأحصل على 30 جنيه، وهذا مبلغ كبير لتلميذ في مثل عمري انذاك، وبالفعل اعجب الجمهور بصوتي، وجعلوا لي فقرة، ولقبوني بـ"فوزي الصغير"، وفي إحدى المرات بعد الحفل، كنت مرهق جدًا، إذا بعسكري يطلب مني الذهاب معه للضابط، فرفضت وقلت له إني متعب، فذهب وعاد مرة أخرى، وحاول اصطحابي معه بالقوة، صرخت، "والناس اللي حواليا عملوا زيطة وهيصة"، ففقد الضابط الأمل، و"فض المولد"، مما أثار غضب العوالم والقرداتي، وبائع الحمص، وعندما علموا إني السبب في قطع رزقهم، "جم ادوني علقة محترمة"، فذهبت للضابط واشتكيت له، وسألني عن سبب رفضي للذهاب إليه، فأجبته بإني مرهق، وسألته لماذا يرغب في مقابلتي، قال لي إنه قريب لعائلتي، وإن غنائي "عيب ومايصحش"، ويجب ترك كل شيء والعودة إلى طنطا، فوافقت ورجعت إلى أهلي.
حوار نادر لمحمد فوزي:
كيف كانت مقاطعة الغناء ومتى انتهت؟
لم اقدر على الابتعاد عن المغنى لفترة طويلة، "روحت زايغ من طنطا وهربان"، لألتحق بمعهد الموسيقى في القاهرة، وقبلت فورا، ثم أرسلت تلغراف لوالدي في طنطا أطلعه على ما حدث، وحاولت تدبير أموري.
قابلت أثناء دراستي في معهد الموسيقى، ضابط ايقاع اسمه "مصطفى العقاد"، عندما التقى بي لأول مرة، قال لي "أنا هاستلمك، واعتبرني والدك"، وعرض عليّ المشاركة في حفلات لكي اتمرن، مقابل منحي جنيه في الحفلة، وكان أشهر المغنيين في ذلك الوقت عبد الغني السيد، واحبه الناس بشدة، فحاول العقاد اقناع الجمهور بي، وعندما يسمع أن هناك حفل أو فرح، يقول للناس إنه يعرف "ولد يجنن اسمه فوزي".
ما أبرز المواقف التي تعرضت لها في بداية مشوارك؟
في تلك الفترة ظهرت أغنية وطنية جديدة كلماتها تقول "يا مصر انسك زاد لما زمانك صفالك"، وتصف جمال مصر، والنيل الذي يجري على ضفافها، فطلب مني العقاد قبل إحياء حفل زفاف رجل يُدعى حنا، استبدال كلمة مصر باسم العريس، وفي المقابل سيمنحني جنيه إضافي، وقبل تقديمي، قال للمدعويين إن فوزي سيغني اغنية "مخصوصة" للعريس، فغنيت "يا حنا انسك زاد لما زمانك صفالك، والماية تجري فيك، والنيل من تحتيك"، فضحك الحضور، وسخروا من العريس، "وباظت الليلة".
محمد فوزي "مال القمر ماله":
كيف كانت الانطلاقة الحقيقية؟
أول غنوة من الأغاني الجيدة، كانت "ادي الميعاد قرب ومجتشي"، وتعتبر ثورة في عالم الغناء، لأنها من أول الأغاني القصيرة، والممتلئة بالعاطفة والمشاعر الجياشة، فكانت أربع دقائق، وحققت نجاحاً كبيراً، وبعد فترت قررت العمل في الإذاعة، وكان هذا القرار أهم شيء عندي، وبعد فترة طلبني المسئولين، وعملت بها.
اتذكر، قبل العمل في الإذاعة بشكل متواصل بخمسة أو ستة أعوام، كان مصطفى رضا المسئول والمهيمن عليها، عشق الأغاني القديمة، وفضلها على غيرها، وعلى الرغم إني تعلمت الغناء منها، إلا أني فكرت في تقديم عمل جديد، وأن يكون أغنية كورال مختلفة، وحققت ذلك في أغنية "يا نور جديد في يوم سعيد"، وعندما استمع إليها في الإذاعة لم تنل إعجابه، وقال لي "ده كلام فارغ ما يتسمعش"، واترفدت من الإذاعة، وبعد فترة فكرت في إعادة الأغنية وإذاعتها مرة أخرى، وحققت نجاح كبير، وكانت من أشهر أغاني أحد أفلامي.
محمد فوزي "يا نور جديد":
ما هي أعظم أعمال فوزي من وجهة نظره؟
من أهم إنتاجي في الإذاعة "الهنا ما اعدلك"، وكتبها أبو النواس أثناء طوافه في الكعبة الشريفة، واعتبرها أفضل شيء قدمته، وأشعر بالرضا عن نفسي عندما اتذكرها.
وأرى أن أعظم الأعمال، هي أعمال الأوبريتات المسرحية، ومنذ فترة طويلة تروادني فكرة عمل أوبريت في المسرح، وللأسف لم احقق هذا الحلم، ولكني فاتحت العاملين في الإذاعة بهذه الرغبة، وحققوها لي بتنفيذ أوبريت اعتبره تجربة ناجحة، هو "نور الصباح"، المأخوذ من فكرة سندريلا.
حوار مسجل لمحمد فوزي:
هل العمل على أغاني الأطفال سهلا؟
الأطفال أحباب الله، ولا يوجد من لا يحبهم، فكرة العمل على أغاني الأطفال ساورتني عندما حاولت تقديم أغنية لهم مختلفة، ومراعاة عدم وجود أي أغنية خاصة بهم بصوت المطربين الكبار، الذين يحبهم المستمع وينتظرهم، وأثناء عملي على فيلم من أفلامي قدمت أغنية "ذهب الليل".
محمد فوزي "ذهب الليل":
وفي رحلتي إلى ألمانيا سمعت إسطوانة فيها ضحك وبكاء طفل، ففكرت لماذا لا أقدم أغنية تحمل هذا الضحك والبكاء، وأحضرت حوالي مائة طفل لتسجيل اصواتهم، ولم أعثر على المناسب، فاستعنت بالاسطوانة القديمة، وكتبت اغنية "ماما زمانها جاية".
كل من يعتقد أن كتابة أو تنفيذ أغاني للأطفال سهل أو بسيط مخطئ تماما، لأنها تحتاج لوقت ومجهود يزيد عما تحتاجه الأغاني العاطفية بخمسين أو ستين مرة، لأني أفكر في الأطفال طوال الوقت، هل ستتناسب معهم الكلمات؟، سينال اللحن اعجابهم؟.
محمد فوزي "ماما زمانها جاية":
ما نصحيتك للمطربين بصفة خاصة والفنانين بصفة عامة؟
بعد كل ما مررت به منذ يومي الأول وحتى الآن، أحب أقول إن الفنان يجب أن يبدأ صغيرا، وعليه المكافحة، وبذل مجهود لكي يشعر في النهاية بحلاوة النجاح.
فيديو قد يعجبك: