لماذا ترتفع معدلات الانتحار بين الشباب في العالم؟
كتبت- نرمين الجلاد:
تستعد السلطات اليابانية مع اقتراب حلول شهر سبتمبر من كل عام لاتخاذ تدابير وقائية لمواجهة حالات الانتحار، فهو موعد بداية الفصل الدراسي الجديد، ويعرف الأول من سبتمبر بأنه "يوم انتحار المراهق في اليابان"، وتشير إحصاءات إلى أنه خلال الفترة بين عام 1972 و 2013 انتحر أكثر من 18 ألف طفل في اليابان
وعلى الرغم من التراجع العالمي في معدلات الانتحار خلال السنوات الماضية، مازال الانتحار سببا رئيسيا لوفاة الشباب بين الفئة العمرية 15 و 29 عامًا في شتى أرجاء العالم، حسب ما جاء في هيئة الاذاعة البريطانية "BBC".
وتقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 800 ألف شخص ينتحرون سنويًا وإن أكثر من 78 % من حالات الانتحار تحدث في دول منخفضة ومتوسطة الدخل.
تكشف البحوث أن أسبابا كثيرة ربما تدفع الشخص إلى الانتحار، وفي الدول ذات الدخول المرتفعة هناك علاقة بين الانتحار والإصابة باضطرابات عقلية.
غير أن ضغوط الحياة مثل الاضطرابات المالية والعلاقات العاطفية والأمراض فضلا عن المشكلات الثقافية مثل التعرض لمواقف تمييزية قد تلعب دورا كبيرا في الانتحار.
وفي كوريا الجنوبية، يلعب أيضا النظام التعليمي التنافسي جزءا في حدوث الانتحار في البلاد، مع تسجيل أعلى معدلات بين الدول الأكثر تقدما (32 لكل 100 ألف شخص)، ويعد هذا المعدل أعلى ثلاث مرات مقارنة بالمتوسط العالمي.
ويعد الانتحار سببا رئيسيا للوفاة بين المواطنين في كوريا الجنوبية بين الفئة العمرية 10 إلى 30 عامًا.
وتحتل نيوزيلندا مرتبة أعلى معدلات الانتحار بين الفئة العمرية 15 إلى 19 عامًا، بواقع 15.6، وهي ضعف النسبة في الولايات المتحدة وخمسة أضعاف النسبة في بريطانيا.
بيد أن بعض الخبراء أشاروا إلى مشكلة خاصة تتعلق بالشباب، وهي مشكلة ذات صلة بأسباب بيولوجية أكثر من كونها اجتماعية، وعلى نحو أكثر تحديدا تتعلق بنمو مخ المراهق، كما لاحظ خبراء الأمراض العصبية بالفعل أن المخ ينمو بطريقة غير متوازنة.
وقال تيموثي وايلينس، طبيب نفسي للأطفال في مستشفى ماساتشوستس العام، في ورقة بحثية نشرتها دورية الأكاديمية الأمريكية لطب النفس للأطفال والمراهقين، إن النمو غير المتماثل للمخ يجعل المراهقين أكثر عرضة للإدمان والمشكلات العقلية، بما في ذلك الاكتئاب، وجميعها عوامل ذات صلة بالانتحار.
والأسوأ من ذلك أن البحوث أظهرت أن معظم الأطفال لديهم القدرة على فهم معنى الانتحار بدءا من سن الثامنة فأكثر.
وتقول دراسة شارك فيها عالم النفس الأمريكي جون توينج ونشرتها مؤخرا دورية علم النفس السريري، إن ثمة زيادة في معدلات الاكتئاب ومحاولات الانتحار.
وتقول إرشادات منظمة الصحة العالمية إن الوقاية من الانتحار تحتاج تنسيقا وتعاونا بين جميع قطاعات المجتمع المتعددة "لأنه لا يوجد نهج واحد يمكن أن يؤثر بمفرده على القضية".
وتتباين الإجراءات الموصى بها بين جهود غير مباشرة، مثل سياسات الحد من الاستخدام المضر للكحول، إلى التدخل في "مواقع الانتحار" كالجسور ومحطات القطارات.
وفي ذات الوقت، لا تملك الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية برنامجا وطنيا لمكافحة الانتحار مع عدم توافر الاستثمارات للتعامل مع قضايا الصحة العقلية.
وتقول المنظمة إن نحو نصف سكان العالم يعيشون في دول يوجد بها طبيب نفسي واحد تقريبا لكل 100 ألف شخص.
وقال نيوري بوتيجا، خبير في الصحة لنفسية بجامعة يونيكامب البرازيلية: "سنوات المراهقة هي بالفعل فترة تتسم بالاضطراب، لكن الشباب هذه الأيام يعانون من الكثير من الضغوط الأسرية والمجتمعية".
وفي أبريل هزت البلاد مجموعة من حالات الانتحار في المدارس الخاصة في مدينة ساو باولو، ثلاث حالات في أسبوع واحد.
فيديو قد يعجبك: