ماذا سيحدث لو دفع كل منا زكاة أمواله؟ .. تجربة عملية من تاريخ المسلمين

بقلم – هاني ضوه :

حالة من ضيق الحال والفقر تعيشها الكثير من العائلات والأسر في بلداننا العربية والإسلامية، رغم أننا نرى كل يوم ونمسع عن ذوي الثروات الذين ينفقون مئات الآلاف بل والملايين على حفلات الزفاف والعزومات أو قضاء العطلات في جزر خاصة يقومون بتأجيرها، في مشهد متناقض يدعو إلى الحسرة.

هذا التباين والتناقض الذي نراه أدى إلى ظهور الكثير من الأمراض المجتمعية وانتشار لجرائم كثيرة من قتل وسرقة واختلاس ونصب ورشوة كافة أشكال الفساد في المجتمع، على الرغم من أن الإسلام قد وضع حلًا لكل هذا وأرشدنا إلى أمر نظام للتكافل يجعل المودة والرحمة والتعاون يسود المجتمع مما يؤدي إلى الرخاء الذي سيشمل الجميع، ولكن غفلنا عن هذا المقصد والحل.

عندما بخل الأغنياء وامتنع كثير من الأغنياء عن أداء زكاة أموالهم وصدقاتهم عم الفقر، وضاع التكافل فتردت الأوضاع وزادت الفجوة بين الطبقات مما أدى بمجتمعاتنا إلى هذا الحال.

ولكن ماذا سيحدث لو دفع كل غني زكاة ماله وصدقاته للمحتاجين وصرفها في المصارف الثمانية التي حددها الشرع الشريف؟ 

تعالوا للنظر إلى تطبيق عملي في فترة تاريخية نادرة من تاريخ المسلمين لنرى كيف كان سيصبح حالنا إذا ما أدى الكل زكواتهم وصدقاتهم ..

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو بالعراق: أن أخرج للناس أعطياتهم -ما يستحقونه من زكاة-، فكتب إليه عبد الحميد: إني قد أخرجت للناس أعطياتهم وقد بقي في بيت المال مال، فكتب إليه عمر: أن انظر كل من أدان في غير سفه ولا سرف فاقض عنه، قال: قد قضيت عنهم وبقي في بيت المال مال، فكتب إليه: أن زوج كل شاب يريد الزواج، فكتب إليه: إني قد زوجت كل من وجدت وقد بقي في بيت مال المسلمين مال، فكتب إليه بعد مخرج هذا: أن انظر من كانت عليه جزية - من أهل الكتاب- فضعف عن أرضه، فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه، فإنا لا نريدهم لعام ولا لعامين.

هذا ما حدث في عهد الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه بعد أن تولى الخلافة بسنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام فقط، لأن الكل قد عرف ما له وما عليه فأدوا حقوق الفقراء ودفعوا زكاة أموالهم ليكفلوا غيرهم من الفقراء وذوي الحاجة حتى اختفى الفقر من دولة الإسلام في عهد هذا الخليفة.