لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محمود الهواري يقدم "نفحات رمضانية": تعجيل الفطر وتأخير السُّحور و5 آداب أخرى للصيام (2)

11:10 ص السبت 25 أبريل 2020

الشيخ محمود الهواري

كتب- محمد قادوس:

في حلقات خاصة لـ"مصراوي"، وعلى مدار الشهر الفضيل، يقدم الدكتور محمود الهواري، عضو المكتب الفنى لوكيل الأزهر، وأحد خطباء الجامع الأزهر، إطلالة رمضانية روحانية تتجدد مع أيام هذا الشَّهر الطَّيِّب، متعرضا لنفحات إيمانية قيمة ونصائح نبوية غالية.

يقول الهواري، عبر فيديو خاص نشره مصراوى عبر صفحته الرسمية على فيسبوك:

إن كلُّ عبادة في الإسلام لها آدابها وشروطها، إذا التزم الإنسان بها حقَّق الغاية منها، وأهمُّ آداب الصَّائمين:

الأوَّل: أن يشعر بأنَّ شهر رمضان نعمة من الله، توجب الشُّكر، فهو فرصة للعمل، ودعوة من الله للرَّحمة، فهو نعمة لأنَّ الله –تعالى- مكَّنه من الصِّيام، ووفَّقه له، وأبقاه ليدركه، وقد حُرم كثير من النَّاس منه، إمَّا بموتهم قبل حلول الشهر، أو بعجزهم عنه لمرضٍ أو غيره، أو بإعراضهم عن الامتثال لأمر الله فيه، فليحمد الصَّائم ربَّه على نعمة الصِّيام الَّتي هي سببٌ لمغفرة الذُّنوب وتكفير السَّيئات، ورفع الدَّرجات في دار النَّعيم.

وقد كان رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما يهلُّ هلال رمضان يقول: «اللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله» [الترمذي]، وإذا كان هذا الدَّعاء مع رؤية أيِّ هلال، فهو في رمضان ألزم.

الثَّاني: أن يعزم عزمًا أكيدًا على التَّنافس في الخيرات في هذا الشَّهر، فينوي أن يفتح في أوَّل ساعة منه صفحة جديدة في سِجل أعماله، وفي قلبه همَّة عالية على التزوُّد فيه بصالح الأعمال؛ حتَّى لا يخرج منه خاسرًا، قال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يُغفَر له» [الترمذي].

الثَّالث: تعجيل الفطر، وتأخير السُّحور، وهما من سنن الرَّحمة في ديننا الحنيف، لأنَّهما يتعلَّقان بالالتزام بما فرضه الله تعالى علينا، وشرعه لنا نبيُّنا محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم- دون زيادة أو نقصان، فالزِّيادة إفراط، والنُّقصان تفريط.

فأمَّا تعجيل الفطر فلأنَّه أسرع إلى إعطاء النَّفس حظَّها ممَّا تشتهيه، وامتنعت منه طاعةً لله -عزَّ وجلَّ- يقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» [متفق عليه].

وفي تعجيل الفطر إصابة السُّنَّة، فهكذا كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يصنع، وفيه ترك الغلوّ والتَّنطُّع في الدِّين، فضلًا عن كونه أرفق بالصَّائم.

ويتحقق ذلك التعجُّل بأن يفطر على رطبات؛ فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء، وذلك فعل رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-، يقول أنس بن مالكٍ –رضي الله عنه- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَّلى الله عليه وسلَّم- يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ؛ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ[أبو داود] فإذا صلى المغرب تناول حاجته من الطعام.

وأما تأخير السُّحور فهو إعانة للصَّائم على الصيام، وقدرة على تحمُّل مشقَّة الجوع والعطش، وقد نقل كثير من الصَّحابة -رضوان الله عليهم- تأخير السُحور عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُور؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً» [البخاري].

ولعلَّ الأليق بالصَّائم الَّذي يبغي الثَّواب من الله أن تكون نيَّته في تأخير سحوره امتثال أمر الله -سبحانه وتعالى- والتَّأسي برسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم- حتَّى ينال صلاة الله وملائكته عليه، يقول رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» [مسند أحمد].

وإضافة إلى ذلك فإن السُّحور فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ غيرنا من الأمم السَّابقة.

الرَّابع: ينبغي أن يعلم الصَّائم أنَّ شهر رمضان موسم جدٍّ لا هزل، وعمل لا كسل، فلا يضيع الشَّهر نومًا، أو يضيعه أمام الشَّاشات، فهو شهر جَلَد وصبر، يتسلَّح فيه المؤمن بالإيمان الذي يملأ قلبه، والعمل الذي يستغرق جوارحه.

والمتأمِّل في تاريخ المسلمين يجد أنَّ الغزوات الكبرى بدءًا من غزوة بدر وفتح مكة، وغيرها من الحروب المؤثِّرة الكبرى، والأعمال العظيمة كانت في شهر رمضان، فلم يكن الصوم مانعًا من تحقيق إنجازات كبرى في حياة المسلمين.

الخامس: الإكثار من أعمال البرِّ، والطَّاعات، والأعمال الصالحة، والإكثار من تلاوة القرآن، وذكر الله، والدعاء، والصدقة، وسائر ما يحبُّه الله ويرضاه، وهكذا كان هدي النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» [متفق عليه].

وكان جوده -صلَّى الله عليه وسلَّم- يجمع أنواع الجود كلها؛ من بذل العلم والنفس، والمال لله -عزَّ وجلَّ- في إظهار دينه، وهداية عباده، وإيصال النَّفع لهم بكل طريق؛ من تعليم جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وإطعام جائعهم، وكان جوده يتضاعف في رمضان؛ لشرف وقته، ولمضاعفة أجره، وإعانة العابدين فيه على عبادتهم، والجمع بين الصِّيام وإطعام الطَّعام.

السَّادس: القصد القصد، لا سيَّما في الطعام والشَّراب، فحكمة الصَّوم التخفيف عن المعدة في الطعام والشراب، فإن البطنة وامتلاء البطن أصل الداء، والحمية وتقليل الطَّعام والشَّراب أصل الدَّواء، يقول رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: «مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثُ طَعَامٍ فَثُلُثُ طَعَامٍ وَثُلُثُ شَرَابٍ وَثُلُثٌ لِنَفْسِهِ» [الترمذي وابن ماجه].

ومتى انكَّب الصَّائم على الطَّعام والشَّراب عند الإفطار، يوشك أن يرغب في النَّوم، فيكسل عن الطَّاعة، ولا يستطيع أداء صلاة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان