من القرآن والأحاديث الصحيحة..كيف سيحاسب اللهُ الناسَ يوم القيامة ؟
كتب – هاني ضوه :
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) .. آية تدعونا إلى الاستعداد ليوم الحساب (لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)، وهو يوم عظيم تختلف فيه المواقف ويختلف فيه الحساب كل شخص بحسب عمله في الدنيا.
ولكن هل سيحاسب الناس جميعًا بنفس الطريقة؟ أم ستختلف محاسبة الله سبحانه وتعالى لعباده؟
بين لنا القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة أن هناك أصنافًا من الحساب يوم القيامة يستعرض مصراوي بعضها في هذا التقرير:
جنة بغير حساب
أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هناك قسمًا من الناس سيدخلون الجنة بغير حساب، وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأحسنوا التوكل على الله سبحانه وتعالى، وعنهم قال النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في الحديث الصحيح الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب. هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون".
حساب ومغفرة
وصنف آخر من الناس سيحاسبهم الله بعرض أعمالهم عليهم وكل ذنب فعلوه ويقررهم به، ثم يسترهم ويغفر لهم ويدخلهم الجنة، وهو ما رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه – ستره - فيقرره بذنوبه ، تعرف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، رب أعرف مرتين، فيقول: سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته".
زادت السيئات وقلّت الحسنات
ومن الناس يوم القيامة من تزيد سيئاتهم على الحسنات لما اقترفوه من ذنوب ومعاصي فاستحقوا العقاب، وقد يكونوا من عصاة المؤمنين فيكونون تحت مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم. أو يدخل بعضهم النار لمدة ثم يخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بكرم الله ورحمته سبحانه وتعالى، وعن ذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيمًا).
أصحاب الأعراف
وهناك صنف من الناس تتساوى حسناتهم وسيئاتهم وهم الذين يسمون بـ "أصحاب الأعراف" فهؤلاء يقفون على مرتفع بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله الجنة برحمة منه سبحانه، وقد أخبر عنهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فقال في سورة "الأعراف": (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) ۞ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ).
حساب الكافرين
وقسم آخر لا يحاسبهم الله محاسبة من توزن حسناته وسيئاته وإنما تعد أعمالهم وتحصى عليهم، ثم يُدْخلون النار، وهؤلاء هم الكفار الذين لم يؤمنوا بالله سبحانه وتعالى ولا بأنبياءه، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) النساء:168- 169).
الميزان
بعد أن يحاسب الله سبحانه وتعالى العباد ينصب الميزان الذي توزن عليه أعمالهم، وهو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه الإمام الحاكم في المستدرك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ويوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكة: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي، فيقول: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
وهو ميزان دقيق، فلا يزيد ولا ينقص، قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).
فيديو قد يعجبك: