قصة دخول الإسلام أوكرانيا وأزمة الحجاب
كتبت – آمال سامي:
يعتبر المسلمون في أوكرانيا من الأقليات الدينية بها، إذ لا يتجاوز عددهم نصف مليون نسمة من واقع 44 مليون نسمة تقريبًا وهو عدد مجمل سكان أوكرانيا، وأغلب مسلميها من التتار وترجع أصولهم لشبه جزيرة القرم وقليل منهم من المهاجرين من الدول المجاورة، ويعتقد أن دخول الإسلام أوكرانيا كان في القرن العاشر الميلادي، وكان ذلك عن طريق التجار المسلمين والرحالة الذين كانوا يتوافدون على البلاد.
تعد هذه الرواية الكلاسيكية لانتشار الإسلام في بلاد عديدة، إلا أن هناك رواية أخرى اعتمدتها بعض المصادر التاريخية، وهي أن ملك الخزر لما حاصره المسلمون من جهة، والبيزنطيون من جهة - باعتبار مملكته مملكة وثنية - أرسل إلى اليهود والنصارى والمسلمين يطلب منهم إرسال من يشرح دينه لشعب الخزر، واختار الملك في الأخير اليهودية، وسمح للفقيهين المسلمين اللذين أرسلا إلى المملكة بالبقاء فيها، ودخل على أيديهم جمع من الخزر الإسلام، وتذكر بعض المصادر التاريخية الأوكرانية أن مدينة لوهانسك شرق البلاد شهدت بناء أول مسجد للمسلمين في تلك الفترة، ما يعني أن عمر الإسلام هناك يصل إلى ألف سنة بإقرار بعض الكتاب من القوقاز أيضاً.
وحسب مركز مسلمي أوكرانيا فإن حال المسلمين بدأ في التدهور حين وقعت أوكرانيا وجزيرة القرم تحت سيطرة الإمبراطورية الروسية، إذ تنازلت تركيا عن القرم لروسيا حسب اتفاق يونيو عام 1774م، وعندها هاجر كثير من المسلمين وتعرضوا للإبعاد والتهميش وترك بعضهم الدين واعتنق المسيحية، وتعرض المسلمون عام 1890م إلى حملات تطهير عرقي وديني، إذ تم ابعاد الأئمة والمعلمين المسلمين وتم ترحيلهم إلى روسيا وإجبارهم على مخالفة تعاليم دينهم أثناء تأدية الخدمة العسكرية، لدرجة أن تم تأسيس رابطة تسمى "رابطة ضد المسلمين" عام 1901م مما أدى إلى موجة جديدة من الهجرة، فحسب مجلس مسلمي أوكرانيا قدر عدد المسلمين الذين هاجروا في تلك الفترة ما بين السيطرة الروسية وحتى عام 1917 حوالي أربعة ملايين مسلم.
وكانت الثورة البلشفية عام 1917 القاصمة في شن حرب كبيرة ضد الدين والمتدينين بشكل عام وضمنهم المسلمين، وتم حينها إغلاق المساجد والمدارس الإسلامية والقبض على زعماء المسلمين وتعذيبهم، ويقول مجلس مسلمي أوكرانيا أن النظام الشيوعي لم يتوان عن اتهام المسلمين بالتواطؤ مع الألمان في الحرب العالمية الثانية وتم ترحيل كثير منهم إلى أوزباكستان وكازاخستان وسيبيريا.
لكن وفي مرحلة البيريسترويكا "إعادة البناء" عادت الحرية الدينية لمسلمي أوكرانيا مرة أخرى، إذ استطاع المسلمون في تلك الفترة إعادة بناء مؤسساتهم وممارسة شعائرهم الدينية بحرية، ويقول مجلس مسلمي أوكرانيا: "لم يستطع المسلمون ممارسة شعائرهم الدينية بحرية إلا بعد أن أعلنت أوكرانيا استقلالها بعد سقوط الإتحاد السوفيتي وإنتهاء الحقبة الشيوعية".
أزمة "الحجاب" في أوكرانيا
قاتل مسلمو أوكرانيا للقبول بحجاب النساء دون تمييز ضدهم، وكذلك من أجل اعتماده في الصور الرسمية للنساء، فقام الاتحاد العالمي لمسلمي أوكرانيا بتنظيم يوم عالمي للحجاب منذ عدة سنوات لكسر الأحكام المسبقة تجاه النساء المسلمات مثلما ذكرت "تنزيلة عيسى" ممثلة الاتحاد، ويتم إحياءه في الأول من عبراير من كل عام عن طريق ارتداء الحجاب من قبل النساء من شتى الدول والأديان تضامنا مع المسلمات اللاتي يتعرضن للتمييز بسببه في أوكرانيا.
وفي عام 2019 أقر الحجاب رسميًا في الوثائق الرسمية الأوكرانية، عبر معركة قضائية استمرت شهور طويلة، وأصبح من حق المسلمات في أوكرانيا التصوير بالحجاب بشكل مباشر دون البحث عن جهة توافق على ذلك، وكانت السيدة التي ناضلت من أجل ذلك هي "أولغا فرينداك" رئيسة اتحاد المسلمات في أوكرانيا.
أشهر مساجد أوكرانيا
مسجد الرحمة في كييف
يعد مسجد الرحمة من أشهر مساجد أوكرانيا إذ يقع في عاصمتها كييف، وهو يعتبر المسجد الأول الذي اجتمع فيه المسلمون بعد سنوات كثيرة من الاضطهاد حين تم افتتاحه عام 1897م، ولم يكن على وضعه الحالي وإنما كان فقط مجرد منزل خشبي، والبناء الحالي للمسجد تم بناءه خلال الفترة من 1996 وحتى عام 2011، وبدأت الصلاة فيه منذ عام 2000م، ويتسع لنحو ثلاثة آلاف مصلي.
مسجد كاتدرائية خاركيف
حين أصبح هناك مجتمعًا مسلمًا نشطًا في خاركوف ، تم انشاء المسجد، وتم بناءه عام 1906 قبل أن يدمره النظام السوفيتي بالكامل عام 1936، ليعاد بناءه مجددًا في عام 2006.
مسجد السلطان سليمان
هو أحد أكبر المراكز الثقافية في أوكرانيا، وبني على شرف السلطان سليمان القانوني في ماريبول، تم افتتاحه عام 2007م، وهو يستوعب حوالي 4500 مصلي، واستمر بناءه ثلاث سنوات كاملة من رخام تم جلبه من تركيا.
فيديو قد يعجبك: