هل يمكن أن تتعافى السياحة المصرية بعد حادث الطائرة؟
لندن (بي بي سي)
أيا كانت الأسباب التي أدت إلى سقوط طائرة الرحلة MS804 التابعة لشركة مصر للطيران، فإنه من المتوقع أن يكون لهذا الحادث تأثير قاس على قطاع السياحة في مصر.
وكانت السياحة لفترة طويلة الدعامة الأساسية للاقتصاد المصري، الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي بعد المملكة العربية السعودية.
لكن في ظل الهجمات الأخيرة ضد السياح الغربيين، وسيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مساحات كبيرة من ليبيا المجاورة لمصر، فإن شركات السياحة الأجنبية مترددة في العمل في مصر.
قبل سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، في عام 2011، كجزء مما يعرف بثورات الربيع العربي، كان قطاع السياحة يستحوذ على 10 بالمئة من قوة العمل في مصر، ويساهم بحوالي 12.5 مليار دولار سنويا في إيرادات الدولة.
وفي تلك الفترة كانت مصر قادرة على زيادة عدد السائحين إلى 15 مليون سائح في العالم، من خلال العديد من المقومات السياحية الجذابة مثل الأهرامات في الجيزة والمنتجعات السياحية في شرم الشيخ.
لكن الصورة الآن مختلفة تماما، مازالت شرم الشيخ مازالت ضمن الوجهات التي حذرت وزارة الخارجية البريطانية من السفر إليها خاصة جوا، بعد حادث سقوط طائرة الركاب الروسية التي أقلعت من مطار المدينة في أكتوبر الماضي.
كما شهد منتجع الغردقة على البحر المتوسط هجوما لمسلحين يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة طعنوا ثلاثة سياح غربيين، يناير الماضي، لكن جراح المصابين لم تكن خطيرة.
وقالت الخارجية البريطانية :"الإرهابيون مستمرون في خططهم لتنفيذ هجمات بمصر، وهناك احتمال لوقوع المزيد من لهجمات".
خسائر حتمية
ومازال من غير الواضح أسباب سقوط الطائرة المصرية وهل جاء بسبب عمل إرهابي أو بسبب حادث آخر.
لكن في كل الحالات سوف يعاني الاقتصاد المصري كنتيجة لسقوطها، وفقا لما يراه الدكتورة يغاني موراكاباتي، خبير العلاقات والمخاطر والإرهاب الدولي في جامعة بورنيموث.
وقالت لراديو 5 لايف في بي بي سي "إذا كان عملا إرهابيا، فإن مصر ستكون ضحية".
وأضافت "أما إذا كان خللا فنيا، فسوف يلقي الإعلام والناس باللوم على نقص الكفاءة المصرية، واشعر أن الخلل الفني لن يكون جيدا أبدا للاقتصاد المصري".
وأبدى مايك بوغسغانغ، الرئيس التنفيذي لرابطة مجموعة منظمو الرحلات قلقه أيضا من العواقب المحتملة على السياحة المصرية.
وقال لبي بي سي "من الواضح أن ما حدث حالة فظيعة، ولم يثبت بعد أنه كان عملا إرهابيا، ولكن إذا صح الأمر، فقد يشكل ذلك أزمة كبيرة لصناعة السياحة المصرية وهي مستمرة بالفعل خاصة مع الأحداث التي وقعت مؤخرا".
لا عجب، إذن، أن عدد السياح في مصر يتراجع. بحلول عام 2013، كان قد انخفض بمقدار الثلث ليصل إلى أقل من 10 مليون سائح في العام، ومما لا شك فيه أن هذا الرقم تراجع بشكل أكبر منذ ذلك الحين.
وبلغت إيرادات العام الماضي من السياحة 6.1 مليار دولار، وهو أقل قليلا من نصف الإيرادات عام 2010.
ويمكن لمنظمي الرحلات السياحية الدوليين الصمود أمام هذا النوع من انهيار الطلب: يمكنهم ببساطة تعزيز وجهات بديلة ينظر إليها على أنها أكثر أمانا.
كما يقول بوغسغانغ، بدل زوار الشواطئ وجهاتهم لدول مثل أسبانيا، التي شهدت "طفرة ضخمة" في حجوزات صيف هذا العام، وكذلك إلى بلغاريا.
بالطبع هذه أخبار سيئة لجميع المصريين الذين يعتمدون على الزوار الأجانب لكسب عيشهم ومنهم: عمال الفندق، والمرشدين السياحيين وسائقي سيارات الأجرة وأصحاب الأكشاك في الأسواق والبازارات المحلية.
المستفيد الوحيد مما يجري في مصر هي الجماعات الإسلامية المسلحة، المصممة على إلحاق الضرر الاقتصادي وزعزعة استقرار الحكومة، ليس فقط في مصر، ولكن أيضا في وجهات شعبية أخرى في المنطقة، مثل تونس.
حملة أمنية
ولن تقف السلطات المصرية مكتوفة الأيدي وتسمح بانهيار صناعة السياحة. يجري الإعداد لتحديثات أمنية جديدة، بما في ذلك برنامج لإضافة المزيد من كاميرات المراقبة التلفزيونية المغلقة وغيرها من التدابير، مثل الكلاب البوليسية، بقيمة 20 مليون استرليني.
يجري تنفيذ الإجراءات الأمنية المعتادة على الأشخاص الذين يدخلون شرم الشيخ، والشرطة تفتش بانتظام المركبات في مدينتي شرم الشيخ والغردقة.
ويقول الوزير المصري الجديد السياحة، يحيى الراشد، المدير التنفيذي السابق لشركة ماريوت العالمية، الذي بدأ عمله قبل شهرين بهدف تنشيط هذه الصناعة :"لقد أدخلنا الكثير من المعدات الجديدة، وسوف نستمر في وضع الكثير من المعدات. ونحن نقوم بتدريب وإعادة تدريب العاملين".
لكن على الرغم من تصريحاته بأن مصر آمنة مئة بالمئة، فإن الزوار يحتاجون إلى بعض الإقناع.
من جانبه يؤمن بوغسغانغ أنه بإمكان مصر التعافي من اضطرابات السياحة الحالية، لكن الأمر يحتاج بعض الوقت.
ويقول :"الوجهات السياحية متنوعة للغاية ومرنة في الارتداد."
موضحا أن هناك الكثير من الأمثلة على مدار أعوام، وهناك حقيقة أن مصر تحظى بشعبية كبيرة بين رواد الشواطئ من السائحين البريطانيين.
ويشير إلى أن المصريين يستثمرون "مبالغ مالية ضخمة" في أنظمة الأمن، معربا عن ثقته "في أن صناعة السفر البريطانية ستواصل دعم تحرك مصر للأمام بكل السبل الممكنة، ولكن وفقا لنصائح وزارة الخارجية".
وقال في النهاية :"واثق من قدرتها على العودة، رغم أن الأمر لن يكون في المستقبل القريب".
فيديو قد يعجبك: