حماس تواجه أزمتها المالية بفرض المزيد من الضرائب على سكان غزة
لندن (بي بي سي)
يقف حمام اليازجي في مخزنه الكبير شبه الفارغ تقريبا، حيث يكافح من أجل إبقاء مشروعه مستمرا.
وليست صعوبات الحياة اليومية من أجل كسب العيش في غزة المحاصرة هي فقط ما يرهق الرجل، لكن أيضا الضرائب المرتفعة التي تفرضها حركة حماس التي تحكم القطاع الضيق.
وزادت حماس مؤخرا من الضرائب، عقب تراجع الدعم المالي من حلفائها مثل إيران وجماعة الإخوان المسلمين، وانتهاء تجارة الأنفاق عبر الحدود مع مصر.
ويقول اليازجي، الذي يقيم شمالي مدينة غزة "لقد اعتدت أن استورد عشرات الأنواع من المواد الغذائية من أنحاء العالم، لكن خلال العامين الأخيرين جعلت حماس من المستحيل تقريبا أن أحقق ربحا، بسبب الضرائب المرتفعة التي تفرضها".
ويعاني المستهلكون الأفراد والشركات في غزة من ارتفاع قيمة الضرائب إلى ثلاثة أمثالها.
وتجمع إسرائيل ضرائب على الواردات إلى قطاع غزة والضفة الغربية نيابة عن السلطة الفلسطينية، ثم تقوم بنقل هذه الأموال إلى السلطة الفلسطينية، بعد خصم رسوم إدارية منها.
ويقول اليازجي: "نحن ندفع ثلاثة أنواع من الضرائب على المنتجات المستوردة: إلى إسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية وإلى حماس".
ووفقا لـ يوسف الكيالي المسؤول بوزارة المالية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، فإن الحركة تجمع نحو 15 مليون دولار شهريا كحصيلة للضرائب.
ارتفاع الأسعار
وكانت حماس والسلطة الفلسطينية قد اتفقتا على تشكيل حكومة وحدة وطنية عام 2014، لإنهاء سنوات من التوتر، لكن لم يتم تنفيذ الاتفاق، ومن ثم ظلت حماس هي القوة الفعلية في القطاع.
كما تواجه حركة حماس حصارا خانقا من إسرائيل ومصر، وعقوبات مالية من دول أخرى، منذ فوزها في الانتخابات الفلسطنية عام 2006.
وحينما زادت حماس من الضرائب منذ نحو ثلاثة أشهر، أدى ذلك إلى رفع أسعار نحو 400 سلعة مستوردة، بنسبة 20 في المئة.
ومن بين السلع الأكثر تأثرا بزيادة الضرائب السجائر، التي زاد سعرها بنسبة 35 في المئة منذ مارس الماضي، وكذلك السيارات التي زاد سعرها بنحو 25 في المئة.
كما فرضت حماس رسوم ترخيص سنوية، بنحو ألف دولار على المقاهي والمطاعم والفنادق.
وتقول حماس إن هذه الأموال سوف تستخدم في دفع رواتب نحو 40 ألف موظف مدني في أجهزتها الحكومية، والذين لم يتسلموا رواتبهم بشكل كامل ومنتظم منذ أكثر من عامين.
وقال أحمد أبوحلبية، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس: "سنجمع ضرائب على السلع غير الأساسية فقط، مثل الملابس والفواكه والأجهزة الكهربائية، لكن الدقيق والأرز والسكر والأدوية والسلع الأساسية الأخرى لن نفرض عليها ضرائب".
وأضاف أن زيادة الضرائب "سوف تفيد مواطني غزة، خاصة الموظفين المدنيين وقوات الأمن، الذين يحتاجون الأموال لإطعام عائلاتهم".
فقدان الدعم
وتنفق حماس مبالغ غير معروفة من الأموال على الأسلحة والبنية التحتية العسكرية، لكن هذه المبالغ أيضا تواجه ضغوطا.
ووفقا للمحلل السياسي الفلسطيني فتحي صبَّاح، فإن إيران قدمت دعما ماليا وعسكريا مهما لحماس منذ مطلع عام 2006، يصل إلى 23 مليون دولار شهريا.
لكن طهران، الداعم الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد، خفضت من دعمها لحماس بشدة منذ مطلع 2012، حينما رفضت الحركة أن تأخذ جانبا في النزاع الدائر في سوريا.
ويقول صبَّاح إن الحركة فقدت نحو 10 ملايين دولار شهريا، بعد الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي عام 2013.
ويتحمل مواطنو غزة فاتورة سد النقص المتزايد في الموارد المالية لحماس.
وبعد إزاحة مرسي عن الحكم، فقدت حماس مصدرا رئيسيا ثانيا للدخل، حيث دمرت قوات الأمن المصرية الأنفاق، التي قالت إن المسلحين يستخدمونها في تهريب الأسلحة إلى سيناء.
واعتادت حماس على تحصيل ملايين الدولارات، من الضرائب التي تفرضها على السلع المجلوبة عبر الأنفاق.
لكن الزيادات الأخيرة في الضرائب كان لها تكلفة.
ويقول صبَّاح: "فقدت حماس قدرا مهما من شعبيتها، بعد فرض ضرائب جديدة لدفع رواتب الموظفين العموميين".
ومن غير المرجح أن تنتهي الأزمة المالية التي تواجهها حماس قريبا، في ظل استمرار حصار إسرائيل ومصر لحدودهما مع القطاع، وسط مخاوف من شن هجمات من جانب مسلحين من غزة.
ولذلك فإن حركة حماس مضطرة لتسيير أمورها في حدود ما هو متاح، على أمل أن تتغير الأحداث في الشرق الأوسط لصالحها يوما ما.
فيديو قد يعجبك: