هل يسقط تاج "الملك" نتنياهو قريبا؟
لندن (بي بي سي)
هيمن بنيامين نتنياهو على المجال السياسي في إسرائيل لعقد من الزمن.
وكان إحكام قبضته على السلطة في إسرائيل استثنائيا، إذ قلل عدد المناصب الحكومية العليا في البلاد، لينتهي اجتماع بين رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والصحة إلى حوار داخلي يقوم به نتنياهو مع نفسه.
واتفق مؤيدوه ومعارضوه على أن لديه القدرة على السيطرة على أغلب مناحي الحياة في إسرائيل، بما في ذلك مؤسسات الأعمال، والمؤسسات الأمنية، وجزء من قطاع الإعلام في البلاد ، ناهيك عن كونه ذلك الشخص المتعلم، فصيح اللسان، متحدث اللغة الإنجليزية الذي أصبح على مدار تلك السنوات واجهة دولية لإسرائيل.
ولا عجب إذن أن يطلق عليه البعض "الملك بيبي" الذي أصبح كنية معروفة له.
ولكن الملك بدا شاحب الوجه الأربعاء الماضي وسط قاعة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) باقتراب منتصف الليل، وهو يفقد زمام الأمور مع كل دقة من دقات الساعة.
كان ذلك اليوم هو الموعد النهائي لتشكيل ائتلاف حكومي خامس يرأسه نتنياهو كرئيس للوزراء، ما يُعد رقما قياسيا.
وكان تشكيل الائتلاف الجديد مهمة مباشرة بحسابات الورقة والقلم. فعندما احتفل رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفوز في الانتخابات الشهر الماضي، كانت الأحزاب اليمينية والدينية - الحلفاء السياسيون التقليديون لحزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو - قد حصلت على 65 مقعدا، ما يضمن لرئيس الوزراء العدد المطلوب للسيطرة على أغلبية الكنيست الذي يتكون من 120 عضوا.
مع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق وانهارت الحكومة الجديدة قبل تشكيلها.
فما الذي حدث؟
نقطة الخلاف
تكمن المشكلة الأساسية في المخاوف حيال انقسام يزداد عمقا في المجتمع الإسرائيلي بين اليهود الأرثوذكس المحافظين المتشددين دينيا، الذين تزداد أعدادهم في إسرائيل، واليهود العلمانيين الذين يشبهون في نمط حياتهم دول الغرب إلى حدٍ بعيدٍ.
فمن ناحية، يدعم أفغيدور ليبرمان، رئيس حزب قومي علماني، مشروع قانون جديد يحدد "حصة" لشباب الأرثوذكس المتشددين الذين يخدمون في الجيش.
في المقابل، يعترض اليهود الأرثوذكس، الذين يمثلون كتلة كبيرة من الاتئلاف الحكومي، على التجنيد الإجباري لأسباب دينية.
واحتاج نتنياهو إلى المجموعتين في ائتلافه الحاكم اليميني المتشدد . لكن صداما وقع بينهما.
وقالت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة إنها فعلت كل ما في وسعها لاستيعاب مشروع قانون الخدمة العسكرية، لكن ليبرمان يرى أنها لم تفعل ما يكفي.
في النهاية، لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي من الخروج من هذا المأزق، ما أدى إلى انهيار محادثات الائتلاف.
سحابة من الشك
لكن خلف هذا الغضب، كانت هناك منافسة سياسية محتدمة. كما أن هناك إحساسا لدى بعض المراقبين بأن تاج نتنياهو بدأ في السقوط.
وكان نتنياهو وليبرمان، وزير الدفاع السابق، حليفان في الماضي. لكنهما تحولا إلى خصمين في تيار اليمين السياسي الإسرائيلي.
ويواجه نتنياهو اتهامات فساد بينما يريد الموالون له من شركاء الائتلاف الحكومي أن يوافقوا على تحصين رئيس الوزراء ضد المثول أمام المحكمة أثناء وجوده في المنصب.
وتضعف هذه الاتهامات موقف نتنياهو السياسي وسط تضاؤل الخيارات الموجودة أمامه لتشكيل الائتلاف الحكومي. وُيرجح أنه سوف يكون أكثر مرونة حيال المطالب المحتملة للشركاء في الائتلاف.
أما بالنسبة لخصومه السياسيين، مثل ليبرمان، فقد بدأوا يستشعرون الضعف السياسي لرئيس الوزراء الذي يتزايد في الفترة الأخيرة.
ويعتقد هؤلاء أن عصر نتنياهو سوف ينتهي قريبا، ما يدفعهم إلى المناورة للحصول على مناصب سياسية.
إضافة إلى ذلك، كانت الورقة الوحيدة التي رمى بها نتنياهو للناخبين هي أنه هو الضمانة الوحيدة لأمن إسرائيل.
وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي صرف انتباه العالم عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والتقليل من شأن القضية وتحريكها إلى الأجندة المحلية.
ويُضاف ذلك إلى تزايد الإحساس بأنه لا يلوح في الأفق أي حل سياسي واقعي للصراع.
"حصن إسرائيل"
غالبا ما يقيم شركاء نتنياهو في ائتلاف اليمين المتشدد رئيس الوزراء استنادا إلى أدائه في ملف الدفاع.
واستقال ليبرمان من منصب وزير الدفاع العام الماضي، واصفا نتنياهو بأنه غير فاعل في التعامل مع المسلحين في غزة.
في مثل هذا المناخ، برزت على الساحة في انتخابات إبريل/ نيسان الماضي قوى سياسية جديدة، هي حزب وسطي يقوده رئيس الأركان السابق بالجيش الإسرائيلي بيني غانتز، الذي حاول التفوق على نتنياهو، مدعيا اتباع نهج سياسي أكثر قوة.
في المقابل، يرى ليبرمان أنه يستطيع الفوز بـ 18 مقعدا في الانتخابات المقبلة (بدلا من المقاعد الخمسة التي حصل عليها في إبريل / نيسان الماضي)، مروجا لنفسه بأنه سوف يكون حصنا لإسرائيل مما يراه تطرفا دينيا يحكم البلاد.
واتهم حزب الليكود ليبرمان بأنه يحاول "الإطاحة" برئيس الوزراء بدافع من رغبته في "الاستيلاء على السلطة".
وبتضاؤل شعبية أحزاب اليسار الإسرائيلي، التي تتضمن أحزاب عرب إسرائيل والأخرى المؤيدة للسلام، قد تدور الانتخابات الإسرائيلية الثانية حول خطاب عن البراعة العسكرية والهوية الوطنية.
فيديو قد يعجبك: