رئيس وزراء كندا الجديد يتعهد بهزيمة ترامب في الحرب التجارية
مارك كارني
(بي بي سي)
فاز مارك كارني في الانتخابات الكندية ليخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء. وكان أول ما تعهد به كارني هو الفوز في الحرب التجارية ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمجرد أن أعلن عن توليه المنصب الجديد في وقت تسود اضطرابات شديدة البلاد.
وتغلّب المحافظ السابق لبنك كندا وبنك إنجلترا على ثلاثة منافسين في السباق إلى زعامة الحزب الليبرالي بأغلبية ساحقة.
وخصص كارني مساحة كبيرة من خطاب النصر لمهاجمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي فرض تعريفة جمركية على كندا، وقال إن ترامب يريد أن يجعل من كندا الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة.
وقال كارني: "على الأمريكيين ألا يقعوا في هذا الخطأ. ففي التجارة، كما هو في الهوكي، سوف تفوز كندا".
وسيؤدي كارني اليمين الدستورية كرئيس للوزراء خلال أيام. وسيقود الليبراليين في الانتخابات العامة المقبلة التي من المتوقع الدعوة إليها خلال الأسابيع التالية.
ولم يسبق لكارني، الذي أصبح الآن رئيساً للوزراء، أن شغل منصباً بالانتخاب على الإطلاق.
وبدأ سباق قيادة الحزب الليبرالي في يناير/ كانون الثاني الماضي بعد استقالة رئيس الوزراء جاستن ترودو بعد حوالي عقد من الزمن في حكم البلاد. وكان ترودو قد واجه ضغوطاً داخلية للاستقالة بسبب عدم شعبيته بين الناخبين، الذين سيطر عليهم الإحباط إزاء أزمة الإسكان وارتفاع تكلفة المعيشة.
وفاز كارني في الجولة الأولى من الانتخابات مساء الأحد الماضي، إذ حصل على 85.9 في المئة من أصوات الناخبين وتغلّب على المنافِسة الأقرب له وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند.
وانطلقت هتافات عالية عندما أُعلنت النتائج أمام حشد من حوالي 1600 من أتباع الحزب الليبرالي في العاصمة الكندية أوتاوا.
وقال الحزب إن أكثر من 150 ألف شخص أدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات.
ويمكن لكارني، الذي سيقود حكومة أقلية في البرلمان، أن يدعو إلى انتخابات عامة مبكرة بنفسه أو أن تضغط أحزاب المعارضة في اتجاه ذلك من خلال تصويت بحجب الثقة عن الحكومة في وقت لاحق من هذا الشهر.
وشهد الحزب الليبرالي الحاكم تحولاً سياسياً ملحوظاً منذ خروج ترودو، إذ استخدم تحفيز الكنديين من خلال تهديدات دونالد ترامب التجارية ودعمه لضم بلدهم من أجل زيادة شعبيته.
وتخلف الليبراليون عن المحافظين بقيادة بيير بواليفير بفارق أكثر من عشرين نقطة في استطلاعات الرأي.
كما نجحوا منذ ذلك الحين في تضييق هذه الفجوة، وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى تعادلهم إحصائياً مع حزب بواليفير.
وخصص كارني جزءاً كبيراً من خطابه على ما أسماه "الرسوم الجمركية غير المبررة" التي فرضها ترامب على كندا، الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة.
وفرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على السلع الكندية الثلاثاء الماضي، لكنها تراجعت عن القرار بعد أيام لإعفاء السلع الخاضعة لاتفاقية تجارية قائمة بالفعل بين البلدين.
وردت كندا بفرض رسوم جمركية تصعيدية بعد أن اتهم ترودو نظيره الأمريكي بمحاولة الدفع بالاقتصاد الكندي نحو الانهيار.
وأكد كارني ذلك في خطاب النصر، قائلاً إن ترامب "يهاجم العُمال والأُسر والشركات الكندية".
وأضاف وسط صيحات الاستهجان من جانب الحضور: "لا يمكننا أن نسمح له بالنجاح".
وتعهد بأن تُبقي حكومته على الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية "حتى يُظهر لنا الأمريكيون الاحترام".
وقال كارني "أعلم أن هذه أيام مظلمة. أيام مظلمة بسبب دولة لم نعد نستطيع أن نثق بها".
وأضاف: "لقد تجاوزنا الصدمة، ولكن دعونا لا ننسى الدروس المستفادة: يتعين علينا أن نعتني بأنفسنا وأن نهتم ببعضنا البعض. ويتعين علينا أن نتكاتف في الأيام الصعبة المقبلة".
وتعهد كارني أيضاً "بتأمين حدودنا" - وهو مطلب رئيسي لترامب الذي اتهم كندا بالفشل في السيطرة على تدفق المهاجرين والفنتانيل المتجه جنوباً.
وبلغت حدة هجوم كارني على الرئيس الأمريكي حد ذكره له أثناء الهجوم على زعيم حزب المحافظين بواليفير.
وقال كارني إن "خطة بيير بواليفير ستجعلنا منقسمين وجاهزين للهزيمة".
وأضاف: "لأن الشخص الذي يتعبد على مذبح دونالد ترامب سيركع أمامه، ولن يقف في وجهه".
وقبل أن يصعد كارني إلى المنصة بدقائق، ألقى ترودو خطاب وداع عاطفياً تحدث فيه عن 12 سنة قضاها زعيماً للحزب الليبرالي.
وحذر ترودو من أن كندا تواجه "تحدياً وجودياً" من قبل الولايات المتحدة في عهد ترامب.
واضطر المحافظون إلى تغيير موقفهم السياسي منذ استقالة ترودو، وهم يهاجمون كارني باعتباره "مثل جاستن"، في حين يتهمون الليبراليين بأن لديهم خطة "ماكرة" للفوز بولاية رابعة بمجرد استبدال زعيمهم.
كما اتهم حزب بواليفير كارني بالكذب بشأن دوره في نقل المقر الرئيسي لشركة الاستثمار بروكفيلد لإدارة الأصول من تورنتو إلى نيويورك. ويقول كارني إن القرار الرسمي بنقل الشركة اتخذ بعد استقالته من مجلس الإدارة في بداية هذا العام.
وقال وزير الأمن العام الفيدرالي دايفيد ماكغينتي، الذي يدعم كارني، لبي بي سي إنه "يجسد هذا النوع من الإصرار الهادئ، لكنه الفولاذي الذي يوفر الكفاءة اللازمة للتعامل مع بعض القضايا الكبرى".
وأضاف: "أنا متحمس للغاية لما هو قادم. وبصراحة، لقد حان الوقت لإجراء انتخابات".
سياسات كارني؟
ترشح محافظ البنك المركزي السابق وهو يحمل أجندة وسطية إلى حدٍ كبيرٍ، مما يشير إلى تحول عن نهج ترودو، الذي مال بالليبراليين إلى اليسار.
ومن أهم الوعود الرئيسية التي أطلقها كارني المضي قدماً في مشاريع الطاقة الكبرى مثل خطوط الأنابيب، التي واجهت عقبات سياسية في السنوات الأخيرة.
كما وعد باستثمارات كبيرة في مشاريع الإسكان والطاقة النظيفة، وتحرير التجارة داخل كندا، إذ لا تزال هناك حواجز بين المقاطعات، فضلاً عن تنويع الاقتصاد بعيداً عن الولايات المتحدة.
وأثناء السباق إلى قيادة الحزب الليبرالي، وعد كارني بوضع حد أقصى لحجم الحكومة الفيدرالية، التي توسعت بنسبة 40 في المئة في عهد ترودو.
فيديو قد يعجبك: