إعلان

حال المستوردين بعد تعويم الجنيه.. "إشادة وترقب وتضارب بشأن توافر الدولار"

06:02 م الإثنين 14 نوفمبر 2016

تعويم الجنيه

كتبت - إيمان منصور:

بعد مرور عدة أشهر تأثرت فيها أعمال العديد من المستوردين بعد القرارات التي أصدرها وزير الصناعة في يناير الماضي بشأن ترشيد الاستيراد وأزمة ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، قررت الدولة تحرير سعر صرف الجنيه وسط عدة إجراءات من شأنها القضاء على السوق السوداء للعملة وتوفير الدولار في البنوك.

ويرى مستوردون أن تحرير سعر الصرف وتوفيره بالبنوك أحد القرارات الصائبة التي انتظروها منذ فترة، خاصة بعد توقف نحو 80 بالمئة من عمليات استيرادهم منذ بداية العام الحالي والذي وصفوه بعام الخسائر، بينما يرى البعض أنهم ينتظرون نتائج هذا القرار ويترقبون ماذا سيحدث لهم بعد تطبيق القرار.

"نحن مستهلكون قبل أن نكون مستوردين حيث أننا نستورد سلعة واحدة ونستهلك مئة، ومصر دولة مستوردة من الدرجة الأولى فكلما شهد سوق سعر الصرف استقرارًا كلما انخفضت أسعار السلع، وكلما أحس المواطن بتحسن في الحياه المعيشية" هكذا عبر بعض المستوردين.

واختلف البعض منهم، استطلع مصراوي رأيهم، حول مدى التزام البنوك بتوفير العملات الأجنبية اللازمة لإتمام صفقاتهم بعد قرار تحرير سعر الصرف الخميس قبل الماضي، فمنهم من تم له فتح اعتمادات مستندية له، ومنهم من رفضت بعض البنوك توفير الدولار له كمستورد.

التعويم أنقذنا من السوق السوداء

يقول فتحي الطحاوي مستورد ونائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة، وأحد المستوردين، إن قرار تحرير سعر صرف الجنيه بالبنوك يعد بمثابة إنقاذ لهم من أيدي تجار السوق السوداء "القومسيونجية" (أي الوسطاء)، كما أن الارتفاع التدريجي لسعر الجنيه سيعمل على تخفيض أسعار السلع خلال الفترة المقبلة بشرط التزام البنوك بتوفيره.

ويضيف الطحاوي أن مخاطر تعويم العملة تكمن في الفرق في سعر الدولار الجمركي قبل وبعد التعويم، حيث أن فرق التكلفة ما بين سعر 9 جنيهات و16 جنيهًا لنفس السلع، بفارق أيام قليلة سيتسبب في تضارب أسعار هذه السلع بالأسواق.

ويتم محاسبة المستوردين بالجمارك "الدولار الجمركي" بناءً على سعر صرف الدولار الرسمي بالبنوك، ويحسب من خلاله قيمة السلعة وقت تقييمها لمحاسبة مستوردها جمركيًا، وارتفاع سعر الدولار الجمركي يرفع من قيمة السلع وبالتالي يزيد الرسوم الجمركية عليها.

وأشاد الطحاوي بترحيب البنوك بفتح اعتمادات الاستيراد لأي سلعة وتوفير الدولار للمستوردين، مؤكدًا أنه تم تنفيذ صفقات بمبالغ 17 ألف دولار، و40 ألف دولار، ومبالغ أخرى منذ التعويم.

ونوه إلى أن ارتفاع أسعار السلع بالأسواق خلال الفترة الماضية كان له عدة عوامل منها ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء وصعوبة الحصول عليه، إلى جانب القرارات التي صدرت بشأن ضوابط الاستيراد من البنك المركزي ووزارة الصناعة مما ساهم في إحداث ندرة من معروض السلع بالسوق بجانب تغير معدل دوران رأسمال المستوردين بسبب كساد حالة السوق.

وتوقع الطحاوي أن يصل سعر الدولار بالبنوك خلال شهر إلى 12.5 جنيه، وأن تطبق وزارة المالية نظامًا خاصًا لضبط سعر الدولار الجمركي، متوقعًا أن استقرار هذه العوامل سيؤدي إلى انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن العديد من المصانع التي تقوم بالتصدير لمصر قامت بالتسجيل وفقًا للشروط التي حددها قرار وزير الصناعة لضبط الاستيراد، وذلك لإتمام عمليات التصدير لمصر وتوفير السلع التي عانى السوق من قلتها خلال فترة تراجع الاستيراد الماضية.

تراجع الاستيراد وقرارات الحكومة

كان وزير التجارة والصناعة طارق قابيل أصدر قرارًا في شهر يناير الماضي بوضع ضوابط لاستيراد مجموعة من السلع، تتضمن إنشاء سجل في هيئة الرقابة على الصادرات والواردات تسجل فيه المصانع المصدِرة لمصر، بناءً على شروط محددة، تشمل "إقرار المصنع المصدِر لمصر بقبول التفتيش من فريق فني، للتأكد من استيفاء معايير البيئة وسلامة العمل".

ونشرت الجريدة الرسمية يوم 4 يناير الماضي ، قرار وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل رقم 992 لسنة 2015، بشأن القواعد المنظمة لتسجيل المصانع المؤهلة لتصدير منتجاتها إلى مصر بهدف تنظيم عمليات استيراد السلع من الخارج، وذلك بعد ارتفاع قيمة الاستيراد في ظل أزمة نقص العملة التي عانت منها مصر في الفترة الأخيرة.

وكان البنك المركزي أعلن أن حجم الواردات انخفض خلال النصف الأول من عام 2016 إلى 27.7 مليار دولار مقابل 28.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2015 بنسبة تراجع بلغت 3 بالمئة.

وقال المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، خلال اجتماعه مع وفد أمريكي زار مصر في أكتوبر الماضي، قيمة الواردات المصرية شهدت تراجعاً بقيمة 7 مليار دولار خلال الـ 9 أشهر الأولى من عام 2016، كما شهدت الصادرات زيادة بقيمة مليار دولار خلال نفس الفترة ليصل إجمالي الانخفاض في الميزان التجاري إلى 8 مليار دولار.
"البنوك: وفرنا الدولار"

ومن جانبه، أكد يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلي، أنه تم فتح اعتمادات للمستوردين بنحو 220 مليون دولار منذ قرار تحرير سعر الجنيه حتى الخميس الماضي.

وأضاف أبو الفتوح، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أنه تم فتح الاعتمادات لكافة السلع المستوردة دون تمييز، ولكن كانت الأولوية في البداية توفير العملات الأجنبية لمستلزمات الإنتاج وعلى رأسها الأدوية وصناعات أخرى، ثم بعد ذلك أصبح توفير العملة متاح لجميع السلع.

وأوضح أنه يتم الآن توزيع حصيلة بيع الدولارات على عمليات الاستيراد الخاصة بجميع القطاعات حتى تستطيع البنوك تلبية كل الاحتياجات.

"محاولات فاشلة"
وعلى العكس، شكى مستوردون آخرون من عدم توفير البنوك العملات الأجنبية اللازمة لهم للاستيراد خلال فترة ما بعد تحرير سعر الصرف.

"وإيه الفائدة من تحرير سعر الصرف والبنوك رافضة تبيع" هكذا علق محمد عويس مستورد أدوات كهربائية على قرار تعويم الجنيه، واصفًا كل القرارات التي تتخذها الحكومة بأنها تأتي لصالح كبار المستوردين "الحيتان" كما أطلق عليهم.

وأكد عويس، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أنه جرت محاولات من بعض المستوردين لشراء الدولار من البنوك لإتمام عمليات الاستيراد خلال الأيام القليلة الماضية بعد التعويم ولكن البنوك رفضت، لافتًا إلى أن البنوك توفر الدولار فقط لاستيراد لسلع الأساسية وللمسافرين للخارج.

وقال إن أسعار أي منتجات دخلت السوق المصري عقب التعويم ارتفعت بمعدل 30 بالمئة وذلك بسبب فرق سعر الدولار الجمركي ما بين الأيام التي سبقت التعويم وبعد التطبيق، والذي تسبب في اختلاف الأسعار لنفس السلع.

وأضاف أن بعض التجار دفعوا رسومًا جمركية بسعر الدولار عندما كان 9 جنيهات بالبنوك، وآخرون دفعوا لنفس البضاعة رسومًا بحساب سعر الدولار بقيمة 17 جنيهًا، وهو ما يزيد حالة الركود والكساد الذي يعاني منها السوق منذ فترة طويلة.

ووصف عويس استمرار البنوك في عدم بيع الدولار للمستوردين بإعادة بناء سوق سوداء أخرى، حيث أن كبار المستوردين لهم العديد من الطرق التي يستطيعون بها إتمام صفقاتهم، حتى أنه عندما أصدر وزير الصناعة قرارًا بتنظيم استيراد بعض السلع كان هؤلاء لهم طرقهم الخاصة التي استوردوا بها حتى ولو كانت مخالفة أو عن طريق تكلفة أكبر.

وعن حاله قبل التعويم، أشار عويس إلى أن صغار المستوردين أمثاله دائمًا هم المتضررون من تنفيذ القرارات، وهم أيضًا من يقومون بإنشاء عروض وتخفيضات لأسعار المنتجات، ولكن دائمًا المكاسب تتحقق للكبار فقط، وتابع: "أنا شغال في 2016 بنحو 20 بالمئة من حجم شغلي في 2015، فكان من الطبيعي رفع الأسعار والتي زادت بالفعل في العام الحالي إلى الضعف وذلك بسبب قلة المعروض".

وأضاف: "إحنا مش مستعجلين ومنتظرين الإجراءات التي تتخذها الحكومة الفترة المقبلة بشأن سعر الدولار الجمركي.. احنا كنا متوقفين عن الاستيراد من فترة كبيرة، وسنرى هل ينقذنا التعويم أم سيكمل على حالنا الواقف أصلًا".

حالة ترقب

ومن جانبه، قال حمدي النجار رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، إن المستوردين في حالة ترقب الآن، منتظرين ما الذي ستشهده الأيام المقبلة من التزام البنوك بتوفير الدولار لديها، وعدم إعطاء فرصة لظهور السوق السوداء مرة أخرى أو بشكل آخر.

وأوضح النجار خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن بعض البنوك قامت بإجراء اتصالات مع بعض المستوردين تأكيدًا على توافر الدولار لديهم.

وأشار إلى أن القرارات التي عكفت الحكومة على اتخاذها، مثل إصدار ضوابط لاستيراد بعض السلع، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع، وخفض دعم المواد البترولية، أودت بأسعار السلع إلى الارتفاع الشديد والذي رفضه المستهلكون مما تسبب في ضعف القوى الشرائية وربط السوق.

"نحن نستورد سلعة ونستهلك مئة" هكذا عبر النجار أن المستهلكين والمستوردين في كفة واحدة، وأن ارتفاع الأسعار يلقي بآثاره على الجميع.

وتوقع النجار أن تشهد الفترة المقبلة حالة من الاستقرار في أسعار الدولار والتي تؤدي بدورها إلى استقرار أسعار السلع.

وأكد وزير الصناعة، أمس الأحد، خلال مشاركته بمؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي، أن الوزارة ليس بمقدورها اتخاذ قرارات بمنع الاستيراد خاصة في ظل التزامات مصر الدولية تجاه منظمة التجارة العالمية، وكذا اتفاقات التجارة الحرة الموقعة مع العديد من الدول، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات في حدود ما تتيحه هذه الالتزامات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان