هل تحتاج مصر لقرض جديد من صندوق النقد الدولي؟
كتبت- ياسمين سليم:
برز الحديث عن إمكانية عودة مصر إلى صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاق جديد، مع صدور تقرير من وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الأسبوع الماضي عن أن اعتماد مصر على التمويلات الخارجية يعرضها لتغيرات الظروف النقدية العالمية الحالية وهو ما قد يجعلها بحاجة إلى تعاون جديد مع الصندوق.
ويقول التقرير إن تراجع السيولة العالمية والظروف النقدية الحالية، يبرزان كعوامل مخاطر رئيسية لمصر.
وحصلت مصر خلال العام الماضي على تمويلين من صندوق النقد أولهما ضمن آلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار وذلك لمواجهة صدمة فيروس كورونا والثاني ضمن برنامج الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة عام.
كما حصلت على 2.8 مليار دولار من مخصصات السحب الخاصة التي وزعها صندوق النقد الدولي على دول الأعضاء في أغسطس الماضي.
هل تعود مصر لصندوق النقد؟
بحسب الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ومستشار صندوق النقد الدولي السابق، فإن مصادر مصر الأساسية من العملة الأجنبية تشهد تعافيًا وهو ما يجعلها تتحمل الصدمة التي يمكن أن تحدث في العالم نتيجة الموجة التضخمية أو موجة ارتفاع أسعار الفائدة في العالم.
وقال الفقي لمصراوي إن نقص السيولة العالمي كان متوقعًا نظرًا لأنه عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الفائدة يحدث نقص سيولة، وهذا يعني أن أي دولة من دول الاقتصادات الناشئة لديها دين ضخم أو فجوة تمويلية كبيرة، ستتجه إما للاقتراض العادي من المؤسسات والهيئات أو من خلال طرح سندات دولارية.
وكان مسؤولون بالمركزي الأمريكي توقعوا رفع أسعار الفائدة 3 مرات العام المقبل وبمجموع 8 مرات في السنوات الثلاث المقبلة.
وعادة عندما ترتفع الفائدة على الدولار، تتجه شهية المستثمرين إلى الاستثمار في الدولار بدلًا من الأصول عالية المخاطر في الأسواق الناشئة، والتي تعتبر مصر من ضمنها.
وقال الفقي إن مصادر مصر من العملة الأجنبية تتعافى والدليل على ذلك أن واحدة من أبرز هذه المصادر وهي السياحة تسجل تعافيًا مع عودة السياحة القوية لمصر.
وكانت مصر حققت إيرادات سياحية بلغت ما بين 3.5 مليار إلى 4 مليارات دولار في النصف الأول من العام الجاري، وفقًا لتصريحات سابقة لغادة شلبي، نائبة وزير السياحة والآثار لرويترز.
ويعد هذا الرقم تعافيًا من نحو 4 مليارات دولار في 2020 بعد أن تضررت السياحة بشدة بسبب جائحة كورونا.
وقال الفقي إن تحويلات العاملين في الخارج لمصر تحقق أرقامًا قياسية، بعد أن حققت العام الماضي 31.4 مليار دولار، ومتوقع لها أن تحقق 33.5 مليار دولار هذا العام.
وتظهر بيانات البنك المركزي اليوم أن إجمالي التحويلات خلال أول 9 أشهر من 2021 بلغ نحو 24 مليار دولار بزيادة قدرها نحو 1.9 مليار دولار عن نفس الفترة من العام الماضي.
كما تتجه قيمة الصادرات المصرية لتجاوز قيمة 30 مليار دولار.
وكانت صادرات مصر وصلت إلى 25.2 مليار دولار في العام الماضي، وتوقعت نيفين جامع، وزيرة التجارة، تجاوز الصادرات هذا العام 30 مليار دولار لأول مرة في تاريخها.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الصادرات المصرية خلال أول 9 أشهر من العام بلغت 29.7 مليار دولار.
وفقًا لما قاله الفقي فإن قناة السويس التي تعتبر ضمن أبرز مصادر مصر من العملة الصعبة حققت 6 مليارات دولار حتى منتصف شهر ديسمبر الجاري، مقابل 5.5 مليار دولار خلال العام الماضي بأكمله.
كيف تعود مصر لصندوق النقد؟
بحسب الفقي فإن مصر لو عادت لصندوق النقد الدولي سيكون من خلال آلية برنامج صدمة السيولة والذي يتيحه الصندوق في حال النقص المفاجئ في السيولة العالمية للأسواق الأكثر عرضة لهذه المشكلة.
ويشير تقرير فيتش إلى أن مصر من الممكن أن تعود إلى صندوق النقد من خلال برنامج حالات صدمة السيولة.
ويُعرف صندوق النقد الدولي برنامج "خط الوقاية والسيولة" بأنه يقدم لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات الفعلية والمحتملة في البلدان ذات السياسات السليمة، وقد أنشئ ليوفر التأمين اللازم ضد الأزمات أو المساعدة في حلها.
وتتراوح مدة البرنامج بين ستة أشهر أو ما يتراوح بين عام وعامين، وسبق وأن حصلت عليه عدة دول منها المغرب.
وقال الفقي إن برنامج صدمة السيولة هو نافذة متاحة لكل الدول، واللجوء لصندوق النقد ليس معناه أن الدولة لديها أزمة أو مشكلة ومضطرة للجوء للصندوق.
وأوضح أن المشاورات الفنية بين مصر وصندوق النقد لا تنقطع باعتبارها عضوًا في الصندوق.
وفي يونيو الماضي توقعت سلين آلار، رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر، عدم حاجة مصر لأي تمويل خارجي في الآونة الحالية، وذلك بعد أن استكملت برنامج الاستعداد الائتماني مع الصندوق.
وقال الفقي إن مصر لديها برنامجها الوطني للإصلاح الهيكلي الذي بدأت تنفيذه من يوليو الماضي ومدته 3 سنوات ويهدف لتحسين البنية الأساسية ومناخ الاستثمار حتى يكون الاقتصاد أكثر قدرة على مقاومة الصدمات الداخلية والخارجية.
وتظهر أرقام الموازنة العامة أن العجز الكلي بلغ 2.35% خلال الربع الأول من العام المالي الجاري مقابل 2.11% في نفس الفترة العام الماضي.
وقال محمد معيط، وزير المالية، لموقع اقتصاد الشرق إن مصر لم تحقق فائضًا أوليًا في ميزانية الربع الأول من العام الجاري.
وكانت فيتش حذرت من أن التدفقات الوافدة لمصر يمكن أن تنسحب استجابة لأي صدمة ثقة أو تحول في ظروف السيولة العالمية، مما قد يضع السيولة من العملات الأجنبية وأسعار الفائدة والصرف تحت الضغط.
فيديو قد يعجبك: