باحث يروي لـ "مصراوي" عن إيميل زويل السعيد ورسالته للأمريكان
حوار - مصطفى الجريتلي:
لم يمر خبر وفاة العالم المصري، أحمد زويل، مساء أمس الثلاثاء، مرور الكرام على العديد من محبيه؛ حيث تذكّر الدكتور معتز عطا الله، أستاذ صناعة المواد المتقدمة بجامعة برمنجهام في المملكة المتحدة، لقائهم الأول حينما دعا العالم المصري، لحضور ورشة طلابية:" كنت في السنة الثالثة بكلية الهندسة في الجامعة الأمريكية عام1998م أشغل منصب رئيس جماعة البحث العلمي في الجامعة وفكرت مع الزملاء في دعوته لإلقاء محاضرة عن الشباب المصري ودوره في الألفية القادمة، فبعثت له هذه الدعوة عبر البريد الإلكتروني الخاص به موقعًا أسفلها طالب في الجامعة الأمريكية..وكانت الدهشة بالنسبة لي رده علينا بالموافقة وتوجيه الشكر لنا".
ولكن العالم المصري كان له شرط وحيد للحضور إلى تلك المحاضرة:" كنا جميعًا سعداء لم نكن نتوقع ذلك ولكنه اشترط أن يكون باب الجامعة مفتوحًا للجميع وليس فقط لطلاب الجامعة الأمريكية وهو ما تم الموافقة عليه من قبل الإدارة وحضر ما يزيد عن 1000 طالب من الجامعات القومية ناهيك عمن في الخارج بعد امتلاء القاعة".
ويروي أستاذ صناعة المواد المتقدمة بجامعة برمنجهام في المملكة المتحدة لـ "مصراوي" تطور علاقته بزويل:" بعد ذلك صرت على تواصل معه و ألتقيته عدة مرات وتبادلت مع المراسلات عبر الإيميل.. كما قابلته بعد حصوله على جائزة نوبل وكنت في غاية السعادة حينها.. الله يرحمه كان من الشخصيات الأساسية التي دفعتني لمجال البحث العلمي كان هو المثل الأعلى لي ولكثير من المصريين طوال فترة التسعينات وبعد ذلك ".
وحصل العالم المصري، أحمد زويل، على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999؛ لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو.
ويشعر "عطا الله" بالحزن لعدم استفادة مصر بمن حضر مع زويل تلك المحاضرة:" ثلث الزملاء في الصورة الجماعية مع دكتور زويل حصلوا على الدكتوراه من أفضل جامعات أوروبا وأمريكا وللآسف الشديد غالبيتهم يعيشون خارج مصر والبقية منهم يعملون خارج مصر".
ولم تخل أحاديث العالم المصري مع ذلك الطالب من فضل البلاد عليه :"أكثر الأشياء التي أتذكرها من حواراتي الطويلة معه مقولته : (مصر أعطتني الأصل والأساس وأمريكا أعطتني الفرصة والتقدير) كما كان مصدرًا تشجيعًا له ولزملائه :" زويل كان ولا يزال وسيظل مثلاً أعلى لكل شاب مصري قرر أن يدرس العلوم والطب والهندسة وقرر أن يتفوق في مجاله كان يعطينا الأمل أن العمل الجاد كاف للنجاح حتى رغم الصعاب".
وتتدافع الذكريات في ذهن الشاب الذي سافر من مصر عام 2003 حاملاً معه كتاب زويل ( رحلة مع الزمن) الذي لا زال يحتفظ به في مكتبه ـ :" أتذكر عندما كنت آزروه في فندق انتكوننتال مدى الترحيب الذي كان يقوم به وكان دائمًا يذكرنا بأنه لم يكن متفوقًا في كل المواد في تعليمة الثانوي ولم يكن يومًا عبقريًا ـ حسب كلامه ـ ولكنه يعمل بجد وإصرار وكيف عندما ذهب لآمريكما عانى من الصدمة الثقافية ومستواه الضعيف في اللغة الانجليزية.. زويل يجلب قدرًا مذهلًا من الطاقة الإيجابية لكل من حوله وكان دائمًا حريصًا على التقاط الصور معنا وأتذكر أنه آخذ نسخ من الدعوات والبوسترات والصور التي طبعناها لمحاضراته معه قائلاً : (هوري للأمريكان أن الطلبة المصرين أحسن منهم )، حتى الآن صور محاضرته عام 1999 على موقعه الشخصي".
وكان الأستاذ بجامعة برمنجهام وغيره من العلماء يأسفون من الحملات التي تستهدف مخترع "الفمتو ثانية": "يجب أن نفرق بين زويل المثل الأعلى، العالم الجليل وبين زويل الإنسان للآسف تم الزج بدكتور زويل في نزاع مؤسف بينه وبين جامعة النيل ومدينة زويل وتم إدارة هذا النزاع بشكل مؤسف من جهة جامعة زويل مما أساء لأسم هذا الرجل العظيم في رأي.. وقد كتبت مع علماء مصريين أخريين طالبين منه عدم الزج بنفسه في هذا النزاع في مقالات عدة ولكن للآسف كانت الظروف السياسية المضطربة وفوضى الإعلام سببًا في جعل هذا النزاع قضية مُسيئة لرجل عظيم".
لذلك يخشى من الإساءة لزويل بعد وفاته : " أتمنى من الجميع عدم الخوض في أي جوانب سلبية عنه والتركيز على حماية إرثه العلمي والفكري والثقافي لمصر، أعلم أن كثير من المقالات ستذكر حصوله على جائزة وولف من إسرائيل وهو في حد ذاته تكريم لمصر قبل أن يسميه البعض تطبيعًا.. يجب تذكر محاولات تواصله مع كل الرؤساء المصريين بعد الثورة لوضع البحث العلمي على أجندة أولويات البلد".
وتابع الطالب الذي تأثر بالعالم المصري في حياته فصار علمًا لمصر هو الآخر في المملكة المتحدة:" زويل لم ييأس من قضية البحث العلمي في مصر ولكن المرض أتعبه في السنين الأخيرة كما بدا على ملامحه.. حلم مدينته منشور في كتابه منذ عام 1999 وبدقة وتفاصيل متُقنة.
ويشعر ذلك الطالب بالامتنان للعالم الذي لم يكن يتوقع رؤيته بهذه السهولة: "سأحاول زيارة مدينة زويل حينما آتي لمصر في المرة القادمة؛ للتواصل مع أساتذتها والبحث عن فرص التعاون العلمي فهي أهم ما تركه لنا في مصر وأتمنى أن يتحقق حلمه لهذا المكان.. أتمنى الدعاء له بالرحمة".
فيديو قد يعجبك: