بعد تهديد داعش للأقباط.. محللون: محاولة جديدة فاشلة لاختراق مصر
كتب- محمد قاسم:
بعد أكثر من شهرين على تفجير كنيسة البطرسية الذي راح ضحيته أكثر من 29 شخصًا، عاد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مجددًا للظهور على مسرح الأحداث في مصر بعدما نشر تسجيلًا مصورًا الأحد الماضي هدد فيه المواطنين الأقباط، فضلًا عن عرضه للرسالة الأخيرة للانتحاري "أبو عبد الله المصري" منفذ التفجير.
التسجيل مدته 20 دقيقة، ظهر فيه رجل ملثم قِيل إنه أبو يحيى المصري وهو يدعو المسلحين في أنحاء العالم لتحرير "الإسلاميين المعتقلين في مصر" وشن مزيد من الهجمات، فيما اعتبره محللون دعاية ونوع من "البروباجندا" في وقت يعاني التنظيم المسلح من تراجع في الشعبية، ويعاني على الأرض جراء الضربات الأمنية المتلاحقة التي تسددها له قوات الأمن.
وقال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، في بيان أمس الاثنين، إن الإصدار المرئي الجديد يعد التسجيل الأبرز من التنظيم فيما يتعلق بتفجير الكنيسة البطرسية ويستهدف "الوقيعة بين مسلمي الوطن ومسيحييه"، داعياً إلى "التمسك بالوحدة الوطنية وعدم السماح للدعاية الخبيثة والهدامة من الدخول إلى هذا الوطن"
ويرى أشرف الشريف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن "تزامن نشر الفيديو مع تراجع نشاط التنظيم المسلح في معقله بسوريا والعراق وندرة عمليات الذئاب المنفردة حول العالم يؤكد أن التسجيل لا يخرج عن كونه نوع من الدعاية أو البروباجندا والمزايدة التي اعتادها التنظيم منذ ظهوره على الساحة."
وأضاف الشريف أن التنظيم يحاول تصدير أزمة بين المسيحيين والمصريين من جديد، وإثبات تواجد أنصاره ومتابعيه من خلال بث مقطع تحريضي جديد في ظل التراجع الملحوظ.
كان التنظيم أعلن مسؤوليته عن تفجير الكنيسة بعد التفجير بأسبوع ونشر صورة للانتحاري مُنفذ العملية والمكنى بأبي عبد الله المصري، وذلك بعدما أعلن الرئيس السيسي في اليوم التالي للحادث أن المنفذ يُدعي محمود شفيق محمد مصطفي، 22 عاما وفجر نفسه داخل الكنسية بحزام ناسف.
الباحث في شأن الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، علي بكر، شكك في هوية الملثم الذي أظهره الفيديو منفذًا لهجوم البطرسية، موضحًا أن الذئاب المنفردة ومنفذي العمليات الانتحارية التابعين لداعش، طالما ظهروا في رسالتهم الأخيرة غير ملثمين، مثلما حدث مع منفذ هجوم الدهس في ألمانيا أنيس العامري، وعبد القادر ماشاريبوف منفذ الهجوم في تركيا.
وبعد نشر الفيديو، نفت أسرة محمود شفيق محمد مصطفى - طالب العلوم بجامعة الفيوم والذى أعلنت السلطات أنه مفجر الكنيسة البطرسية بالعباسية، معرفتهم بأي معلومات تؤكد بقائه على قيد الحياة.
وتأكيدا على ما قاله الأستاذ بالجامعة الأمريكية، قال بكر إن التسجيل مجرد دعاية يستقطب خلالها التنظيم مزيدا من المجندين وفي نفس الوقت رفع معنويات مقاتليه في سيناء وسوريا ويدل على ضعف التنظيم وعدم قدرته على تنفيذ عمليات مثلما كان يفعل في السابق.
وزاد بكر أن عاملين رئيسيين وراء تراجع نشاط الذئاب المنفردة التابعة للتنظيم والفرع التابع له في سيناء، أولهما الضربات الاستباقية التي تجريها قوات الأمن داخل القاهرة وخارجها للمشتبه بانتمائهم للتنظيم، وثانيها تراجع عدد المنضمين إليه بالتزامن مع هروب عدد من مقاتليه وعودتهم إلى بلادهم، بحسب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية.
ويخوض التنظيم حربا شرسة على جانبين في مدينة الباب السورية حيث يواجه القوات الحكومية السورية تدعمها روسيا وفصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا. في العراق، تحاصر القوات الحكومية مدعومة بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وقوات البيشمركة الكردية، التنظيم في مدينة الموصل بعد سلسلة من الهزائم والانسحابات من المدينة التي سيطر عليها إبان ذيوع صيته عام 2014.
ذهب أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، بأن التنظيم انتقل من مرحلة الهجوم والانتشار إلى مرحلة الدفاع والانحسار، مضيفا أن أي وعيد يخرج منه ليس سوى رسالة "صمود" لعناصره التي ملت طول الحرب وتضييق الخناق عليها.
وأوضح بان أن قيادات التنظيم المتطرف ومروجي أفكاره وجدت بيئة خصبة من البلدان التي تضم عرقيات وطوائف دينية مختلفة مثل العراق وسوريا لذلك انتشرت بسرعة، لكن المجتمع المصري متجانس ومتوحد وأصحاب الديانات المختلفة منصهرين في الدولة لذلك فشلت محاولات كثيرة للإيقاع بين المسيحيين والمسلمين.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن المسيحيين يشكلون أكثر عشرة في المئة من إجمالي سكان مصر الذين يتجاوز عددهم 92 مليون نسمة.
وأضاف بان "ذلك التسجيل محاولة جديدة لداعش لاختراق مصر لكن مصيرها الفشل مثلما حدث بعد حادث البطرسية وتضامن المسلمين مع الأقباط في ضحاياهم".
فيديو قد يعجبك: