- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
كنا في نهار رمضاني حار جدًا، من عام 2011، عندما ذهبت إليه في صحراء حدائق الأهرام، حيث يعيش في فيلا على شارع رئيسي بجوار النادي. كانت الساعة الواحدة ظهرًا، عندما استقبلني على الباب شاب صعيدي يعمل لديه. اتفضل. الأستاذ منتظرك.. ثم اصطحبني من ممر ضيق، حتى وصلت إلى مكتب فسيح، يفتح بابه الرئيسي على حمام سباحة متوسط الحجم.
اعتذر الشاب لكونه لن يستطيع أن يقدم لي واجب الضيافة: «رمضان كريم.. يا أستاذ». قلت: الله أكرم. ثم انصرف، وجلست أنا أنتظر.
في هذه الدقائق لفتت نظري مجموعة كبيرة من شهادات التكريم والصور، مختلفة ومتعددة، ومعلقة على حوائط غرفة المكتب، من بينها صورة مجمعة لأبطال مسلسل «ذئاب الجبل»- ذائع الصيت- الذى كان قد كتبه محمد صفاء عامر في مطلع التسعينيات، وأحدث دويًا وضجيجًا غير مسبوق عند عرضه، لدرجة جعلته يدخل التاريخ من زاوية لم يسبقه فيها أي عمل درامي آخر، عندما غير المسلسل في عادات وتقاليد الريف المصري التي كانت ثابتة وراسخة منذ عشرات السنين. حيث كان من المتعارف عليه، إذا ما مات إنسان في القرية، يذهب أحد الأهالي إلى مؤذن الجامع- وغالبًا يكون الجامع الكبير- ويطلب منه أن يعلن نبأ الوفاة، حتى يعلم أهل القرية، ويستعدوا للتوافد على المسجد للصلاة عليه، والسير في جنازته حتى مثواه الأخير.
هذا عرف ثابت وراسخ في الريف المصري منذ سنوات طويلة.. لم يتغير هذا العرف، إلا مع عرض مسلسل «ذئاب الجبل» بجماهيريته الكاسحة. قبل المسلسل كان ينادي المنادي في ميكروفون الجامع قائلاً «لا إله إلا الله.. والدوام لله.. توفي إلى رحمة الله الحاج فلان الفلاني.. وصلاة الجنازة بعد صلاة العصر- مثلاً- في المسجد الكبير».
لكن هذا النداء تغير- بسبب مسلسل ذئاب الجبل- من شدة متابعة وتعلق المشاهدين به، حتى إنه إذا ما حدثت حالة وفاة في القرية قبل أو أثناء عرض المسلسل، يكون النداء كالتالي «لا إله إلا الله.. والدوام لله.. توفى إلى رحمة الله فلان الفلانى.. وصلاة الجنازة هتكون بعد مسلسل ذئاب الجبل»!
وأنا أتذكر هذه المواقف، دخل على الكاتب محمد صفاء عامر «1941 - 2013» فوجدني واقفًا أمام تلك الصورة وأضحك. سلّم علىّ وهو أيضا يضحك ويقول: أنا لا أعرف حتى الآن سر تعلق الجمهور بهذا العمل. قلت: هل فكرة العدالة ومواجهة الظلم المتمثل في شخصية «علوان أبوالبكري» الذي لعب دوره باقتدار الراحل عبدالله غيث، وهي في مواجهة «بدري بدار» الذي لعب دوره الفنان أحمد عبدالعزيز لتجبره وتطارده حتى يترك بيته وأرضه، وأهله ويهاجر الصعيد. هل هذه الفكرة هي التي جعلت المشاهد يتمسك ويتسمّر أمام الشاشات، حتى يرى نهاية الصراع بين الظلم والعدل؟ كان «صفاء عامر» يستمع لي، وهو يأخذ مكانه على مكتبه، وما إن جلس حتى قال: ربما هذا صحيح.
نعم.. تبقى فكرة هزيمة الظلم، ومواجهته، من أعمق الأفكار التي تترسخ داخل النفس البشرية، وتظل حبيسة داخل العقول تنتظر أي إشارات جديدة تدل على أن الحق يواجه الباطل. وأن الخير يواجه الشر.. وأن الحب يواجه الحقد، وأن العدل يواجه الظلم. وما أن تظهر هذه الاشارات، إلا وتجد العقول- والقلوب بالطبع- تنتبه ويزيد تركيزها داخل مشاعر النفس، فتظل متحفزة ومنتظرة نهاية الصراع.. وأظن أن المشاهد، وهو يتابع مسلسل «ذئاب الجبل» كان في حالة معنوية مرتبكة خوفًا من أن ينتصر الظلم، في الخيال، مثلما يرونه ينتصر في الواقع، وهذا هو الذي جعله يشاهد بتركيز الصراع الدائر ما بين «بدرى بدار» الذى يمثل الخير والعدل، وبين «علوان أبوالبكرى» الذي يمثل الشر والظلم.
قلت له: لكن المسلسل دارت أحداثه في فترة ما بين الخمسينيات والستينيات، وهي فترة، فيما يظن البعض كانت- مع ثورة يوليو- تعد فترة خير وعدل. نظر لي نظرة غاضبة، ثم قام من مكانه، وجاء من على أرفف المكتبة التي خلفه بمجموعة من الكتب والدراسات وألقى بها أمامي، وقال: «يا ابنى أنا صايم.. ماتخلينيش أفطر عليك». خذ هذه الكتب واقرأ، أكثر مما تسمع، وأنت تعرف حقيقة تلك الفترة، قلت له: وما هي الحقيقة من وجهة نظرك؟ رد بعدما هدأ بعض الشيء وقال: هذه أسوأ فترة مرّت على مصر، لقد دمّر عبدالناصر الديمقراطية، وخرّب الاقتصاد، وضيّع الاحتياطي النقدي. عبدالناصر ضيّع وطناً بأكمله، لأنه كان يبحث عن الزعامة الكاذبة، من خلال الخطابة الرنانة، التي ما قتلت ذبابة. سكت بعض الشيء إلى أن انتهى من كلماته التي كشفت لي عن رأيه القاسي في عبدالناصر ونظام يوليو، وأنه بوضوح ودون لف أو دوران يرى أن عبدالناصر أسوأ من حكم مصر بغروره وعنجهيته وديكتاتوريته، التي جعلته يعيش في وهم أنه هو الذى علمنا العزة والكرامة. وأنا ساكت لم أتحدث بعده، ثم وجدته يقول بسخرية: عن أي عزة وعن أي كرامة كان يحدثنا؟ أنا مازلت ساكتًا. هو من شدة اندفاعه وغضبه، وحالته المتوترة، التي تهدأ أحيانًا، وتلتهب أحيانًا، لا يعطيني فرصة للكلام أو الرد.. وأنا- بخبث لا أنكره- تركت له فرصة الكلام، حتى يخرج ما لديه، حتى وإن كنت غير موافق على بعض مما قاله.
عاد وسأل: أين الكرامة والعزة التي علمنا إياها الزعيم الملهم، مثلما كان يدعي؟ ثم أجاب هو عن السؤال قائلا: انظر للدول العربية- كنا بعد مرور شهور على ما سُمي الربيع العربي- وأنت تعرف أين العزة والكرامة؟ نساء وأطفال سوريا واليمن والعراق وليبيا وحتى مصر، يُبعن على نواصي الطرق، في أسواق النخاسة العربية، لقد دُمرت الدول العربية ويتم تفكيكها وتحويلها إلى دويلات في يد عصابات تحكم بالسلاح من أجل آبار البترول. قلت: وهل عبدالناصر مسئول عن ذلك؟ رد بعنف قائلا: طبعًا.. عندما غابت الديمقراطية، حضرت الفوضى.
قلت: ولكن عبدالناصر مات منذ عام 1970. رد: هو مات نعم.. لكن ترك لنا زعامات فارغة، سارت على دربه ونهجه وسياساته، فأفقروا الشعوب، ولم يعلموهم. قالوا لهم إن الحرية حرام، والديمقراطية رجس من عمل الشيطان، والتعليم جريمة، والأمية عظيمة.. فكانت النتيجة هي الفوضى التي نراها اليوم في الشوارع العربية، تحت اسم ثورات الربيع العربي، ولو كانت الأمة المصرية- وبالتالي الأمة العربية- تتحرك على خطى الديمقراطية التي بدأت بعد ثورة 1919، ما كنا رأينا الكوارث التي حلت بنا في السنوات الماضية.
الساعة كانت اقتربت من الثالثة عصرًا، وأنا أسكن في ضاحية المعادي. ودرجة الحرارة في الخارج شديدة، والعطش من الصيام أرهقني كثيرًا، وكلام «عامر» أرهقني أكثر من عطش الصيام.. وهو مازال يتحدث، وأنا مازالت أستمع.. والوقت يمر بنا سريعًا.
قلت له: ولكن يبقى أن عبدالناصر- في نظر البعض- صانع العزة والكرامة، والوحدة، والتضامن، من أجل أمة عربية اشتراكية، وشعب عربي واحد، حر يحافظ على ماضيه، ويصنع حاضره، ويخطط لمستقبله. سكت الأستاذ ثم هب واقفا ومد يده لي قائلا: أشوفك على خير.. يا خيري.. اتفضل افطر في بيتكم.. قالها وهو يضحك ويقول: «وابقى سلم لي على الأمة.. والشعب الحر». فودعته وخرجت أترجل في شوارع حدائق الأهرام وأنا في ذهني كلمات الأبنودي التي غناها على الحجار في تتر مسلسل ذئاب الجبل قبل سنوات والتي تشعر بأن المواطن العربي، في كل شارع عربي، من الهم العربي، يغنيها ويقول فيها: وخاصمني يا زماني
- وارجع صالحني تاني ..
- نسّيني اللي جرالي
- في العمر الأولاني
- يا زمان حنون وغادر
- أنا مين ماتشوفني تاني
- الواد أبو ضحكة تطلع
- من القلب الأخضراني
- واللي زارع في صوته
- فدان ورد وأغاني
- مالي دبلت ورودي
- وكاس همك سجاني
- دا أنت مزمزم قيودي
- وكرباجك كواني
إعلان