لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

استراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات "8"!

عصام شيحة

استراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات "8"!

عصام شيحة
09:06 م الإثنين 07 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بالتركيز على تداعيات استراتيجية ترامب الانسحابية على إيران، وما تنتظره من فرص، وما يواجهها من تحديات، يأتي في المقدمة الاتفاق النووي الذي تم توقيعه صيف 2015، وعُرف بـ (5+1)، نظراً لكونه اتفاقاً بين إيران والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن ومعهم ألمانيا، ثم انسحب منه ترامب عام 2018 تنفيذاً لوعده الانتخابي عام 2016 حيث كان قد وصفه بأنه الأسوأ في تاريخ بلاده.

وواقع الأمر أن الخلافات الأوروبية مع ترامب بشأن حروبه التجارية، وسلاح التعريفات الجمركية الذي يعتنقه ترامب بشدة، لا يمكن اعتباره سببا مباشرا في استمرار دعم الأوروبيين سريان اتفاق (5+1) في حقهم والعمل على إنقاذه من الموت؛ ذلك أن المكايدة ليست من القيم المعتمدة في النظم الديمقراطية التي تعتمد بشكل حقيقي على مفهوم العمل المؤسسي.

وعليه، يعود السبب في بقاء اتفاق (5+1) إلى تشابك العديد من المصالح بين هذه الدول وإيران، على نحو لم ينجح ترامب بشعبويته في استمالته لصالحه. وإذا كانت الصين وروسيا غير مُطالبتين بتفسير تأييدهما استمرار الاتفاق على حساب تأييد موقف ترامب؛ فإنه جدير بنا ملاحظة أن الصين مستورد رئيس للنفط الإيراني المُهرب من القيود الأمريكية، وروسيا لا يهمها كثيراً أن تتوافق مع ترامب بما يعارض مصالحها الاقتصادية المتعددة مع إيران.

أما ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ففي مأزق حقيقي بالفعل الآن، قد ينقذها منه فوز بايدن في السباق الرئاسي المُقبل، فهي بين اختراقات طهران بنود الاتفاق، ومساندة وجهة نظر ترامب دون وجود بديل مقبول يمكن أن يضع حدوداً لطموحات إيران النووية، فضلاً عن الرغبة في استمرار تسهيل مدفوعات إيران لشراء السلع الإنسانية، بعد أن أثرت العقوبات الأمريكية بشدة في الاقتصاد الإيراني.

لكن هذه الدول لا تملك كثيراً لتحقيق رغبات طهران في تجاوز الآثار السلبية للعقوبات الأمريكية على مواردها من النفط والتعدين على السواء.

لا ينفي ذلك أن مشتركات كثيرة تجمع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا تجاه خطورة الأنشطة النووية الإيرانية، ومُجمل تفاعلات طهران من القضايا الإقليمية. وهنا تدخل على الخط دول المنطقة التي تجد مُتنقساً لمَخاوفها من تمدد نفوذ إيران الإقليمي ورغبة ترامب في تشديد الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما، والذي اعتبره الأخير أفضل من لا شيء بالنظر إلى عدم وجود آلية موثوق بها لمنع طهران من المُضي قدماً صوب طموحاتها النووية.

وعليه، يمكن اعتبار الاتفاق محاولة لوقف مؤقت لخطوات إيران نحو السلاح النووي، على أمل أن يتغير الوضع في الداخل الإيراني بحكم الصعوبات المعيشية التي يحيا في ظلها الشعب الإيراني.

ومؤخراً كشف "معهد الدفاع عن الديمقراطية" الأمريكي أن المرشح الرئاسي الديمقراطي، جو بايدن، يخطط لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتخفيف العقوبات الأمريكية والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وأضاف تقرير المعهد أن ترامب سيسعى خلال الشهرين الباقيين على السباق الرئاسي إلى تصعيد ضغوطه على النظام الإيراني والوصول بالصراع إلى نقطة لا يكون من السهل على بايدن اللعب انتخابياً على حبال تجاوزها حال دخوله البيت الأبيض.

ويرى التقرير أن بايدن حال رئاسته البلاد سيُقنع الكونجرس الأمريكي بأن رفع العقوبات بشكل مؤقت، غير أن الشركات متعددة الجنسيات مهددة بفقد استثماراتها في إيران حال فوز الجمهوريين برئاسة الولايات المتحدة، وهو ما لا يخفيه ترامب؛ إذ كثيراً ما هدد بأن فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية يعني انهيار أسواق المال.

على هذا النحو تتحالف ضد ترامب قضايا العنصرية، بعد الحادث الشهير لمقتل الأمريكي الأسود فلويد، مع صدارة الولايات المتحدة قائمة الدول المتضررة من جائحة كورونا، وما تلاها من تداعيات اقتصادية واجتماعية سلبية؛ ومن ثم كانت استطلاعات الرأي الأخيرة في صالح بايدن وبفارق كبير قد لا يسعف الوقت ترامب لتعويضه. خاصة في ظل انشغاله بجائحة كورونا مع ارتفاع منسوب التوتر في العلاقات مع الصين والاتحاد الأوروبي في نفس الوقت.

من جهة أخرى، لم يستفد ترامب كما تمني من "صفقة القرن" التي اعتبرها قنبلته المدوية لحل صراع دام عشرات السنين، ولم تنجح قيادة أمريكية في حله على نحو باتّ. وهنا يمكن الإشارة إلى أن التطبيع الأخير بين دولة الإمارات العربية الشقيقة وإسرائيل يصب في رصيد جهود إدارة ترامب، لكن أثره لا يطال حدود ما كان متوقعاً لو نجحت "صفقة القرن". كما أن العلاقات الإماراتية ـ الإسرائيلية لا تهم الناخب الأمريكي في كثير أو قليل.

ومنذ انتهاء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق، مطلع التسعينيات من القرن الماضي، احتلت المشكلات الأمريكية الداخلية صدارة اهتمامات الناخب الأمريكي في الانتخابات الرئاسية.

ويأتي سباق 3 نوفمبر 2020 المُقبل والوضع الاقتصادي متراجع بشدة جراء جائحة كورونا، بينما تتزايد الانقسامات العرقية والطبقية المتزايدة بين البيض والسود، والأثرياء والفقراء، ليظل الاتفاق النووي مع إيران حديثاً نخبوياً لا يُشارك فيه الناخب الأمريكي على نحو فعّال.

إعلان

إعلان

إعلان