لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فيلم "حظر تجول".. قصة تشبهنا ونهاية لا تشبه واقعنا

سامية عايش

فيلم "حظر تجول".. قصة تشبهنا ونهاية لا تشبه واقعنا

سامية عايش
07:00 م الثلاثاء 16 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قد لا يتفق معي كثر، ولكن بعد أن شاهدت فيلم "حظر تجول" للمخرج أمير رمسيس، فكرت بأننا في السينما العربية بحاجة إلى المزيد من هذه الأفلام، البعيدة نوعا ما عن الرمزية والسريالية، تلك الأفلام المغرقة في القصة اليومية.

هذا فيلم يجب أن تشاهده من دون أن تقرأ عنه أي شيء. فيلم سيفاجئك بأحداثه. هذا الفيلم يحكي قصة تدور أحداثها خلال نحو 24 ساعة، فنتعرف فيه على مصر ما بعد الإخوان في قصة فاتن، التي تخرج من السجن بجرم ارتكبته قبل 20 عاما، لتقضي مع ابنتها وعائلتها 24 ساعة قبل أن تركب القطار وتتجه إلى مدينة أخرى.

في بداية الفيلم، لن تفهم العلاقة ما بين فاتن وليلى، هل هما أم وابنتها، أم أختان، أم جارتان.. هذا الغموض يزيد من تعلق المشاهد بالفيلم، رغبة في معرفة المزيد عن سر هذه العلاقة التي يبدو أنها سيئة جدا. ويبدو أن المخرج- وهو أيضا مؤلف الفيلم- مصر على تعقيد العلاقة ما بين الشخصيتين في بداية الفيلم؛ إذ ندرك أيضا أن فاتن (إلهام شاهين) دخلت السجن لأنها قتلت والد ليلى، وبجرم لا نعرفه.

ما زاد من غموض العلاقة أيضا أن ليلى (أمينة خليل) لم تنادي فاتن إلا باسمها الأول. هذه التفاصيل الصغيرة قدمت اضطراب العلاقة بين الأم وابنتها بشكل بعيد عن الحوارات المباشرة، فكان الفيلم سلسا في الانتقال بين الأحداث والمشاهد.

غير أن ما أعجبني بشكل كبير في الفيلم هو محاولة المخرج تسليط الضوء على صورة المرأة في المجتمع المصري ونظرة الرجل إليها، والمعاناة التي تعانيها النساء من أجل الحصول على حقوقهن في العيش بكرامة تماما كما الرجل، خلال سياق أحداث الفيلم، ومن دون أن يكون هذا الموضوع هو الموضوع الأساس للقصة. ففي المشهد الذي تتوجه فيه فاتن إلى البقالة لشراء علبة السجائر، تتغير نظرة البائع لها بعد معرفته أنها تدخن، وكأن التدخين يجب أن يكون حكرا على الرجال فقط (أنا شخصيا ضد التدخين للجنسين، ولكن هذا ليس موضوعنا الآن).

الإشارة الثانية كانت في تسليط المخرج الضوء على معاناة الفتيات في العمل من خلال شخصية الممرضة شمس التي يجب أن تقوم بالمجاملة والتقرب من الأطباء الذكور؛ لأنها "مضطرة تعمل كدا علشان تمشّي أمورها"، كما قال حسن، الطبيب في المستشفى.

الآن، في السطور التالية، سيكون هناك حرق لبعض الأحداث في الفيلم، لذا أنصحكم بعدم الاستمرار إن كنتم لم تحضروا الفيلم بعد.

المخرج في هذا الفيلم أيضا يسلط الضوء على قضايا العنف ضد الأطفال، وبالتحديد موضوع التحرش الجنسي. هذا الأمر كان بالنسبة لي هو المفاجأة، وهو السبب الذي دفع فاتن لقتل زوجها، لأنه حاول التحرش بابنته ليلى في غياب أمها، ولعله أيضا في نفس الوقت المشهد الوحيد الذي شعرت بأن المخرج كان يمكن أن يقدمه بطريقة مختلفة بعيدة عن المباشرة، وخصوصا أنه استخدم "الفلاش باك" ليعود بنا إلى الماضي، ونعيش مرة أخرى تلك اللحظات العصيبة التي عاشتها ليلى وفاتن.

هناك أيضا شخصية يحيى، التي أداها الممثل الفلسطيني القدير كمال الباشا، وهو الجار الذي أحب فاتن، ولا يزال يحبها. أدرك أن وجود يحيى في الفيلم أسهم في تثبيت تهمة الخيانة على فاتن قبل 20 عاما عندما ارتكبت الجريمة، ولكن لم أجد شخصيا لقصة الحب هذه أي مبرر، سوى إضفاء هذه اللمسة الرومانسية على الفيلم.

ما يجب ألا نغفله أيضا هو أداء الشخصيات في هذا الفيلم، وخصوصا إلهام شاهين. أعتقد أنها في هذا الفيلم قدمت دورا لن تنساه السينما أبدا. ففي لحظة هي الأم المتمسكة بابنتها، وفي لحظة أخرى هي السيدة القوية التي تحصل على حقها، وفي لحظات ثانية كانت الحبيبة التي تتمنى أن تعيش مع الشخص الذي أحبته بقية عمرها.

عينا إلهام شاهين كانتا هما النجم الأول في هذا الفيلم، وشخصيا شعرت بلمعان فيهما طوال فترة عرضه.

هذا اللمعان الذي يعكس تعلق الممثلة بشخصية فاتن، وكأنها هي فعلا هذه الشخصية في الواقع.

قد يجد البعض نهاية هذا الفيلم سعيدة، لا نجدها عادة في حياتنا الحقيقية، ولكن أليست هذه هي السينما؟ تقدم لنا بارقة من الأمل تجعلنا نشعر بالراحة والرضا بعد مشاهدة قصة تشبهنا انتهت بطريقة لا تشبه واقعنا.

إعلان

إعلان

إعلان