إعلان

إلا بعد ستة أشهر

سليمان جودة

إلا بعد ستة أشهر

سليمان جودة
07:13 م الأحد 23 فبراير 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كثيرون بيننا لم يعودوا يعرفون ماذا يأخذون بالضبط من حديث الرئيس الأمريكي وأعضاء إدارته وماذا يَدَعون؟.. ففي كل يوم تقريباً هناك الشيء وعكسه، ولا تعرف بالتالي أيهما الصحيح؟ الشيء أم عكس الشيء؟

خذ مثلاً اختراع ترمب الذي يسميه "خطة" ويقول إنه سيتعامل بها مع قطاع غزة، وإن هذه الخطة تقتضي تهجير الفلسطينيين من القطاع الى مصر والأردن، وربما الى دول أخرى.. فالدنيا لا حديث لها منذ شهر تقريباً إلا هذا الهراء الذي يسميه صاحبه خطة.

وقد عاد ترمب الى الحديث عن خطته المزعومة هذه مرة، ومرتين، وثلاثاً، وأكثر، وفي كل مرة كان يزداد تشبثاً بما يقوله، وكأنه طفل يتشبث بلعبة في يده، وكان في كل مرة يزيد ويعيد، وكان العالم في كل مكان يرد عليه بأن ما يقوله غير ممكن.

وفي وسط هذا الصخب واللغط قرأنا للسيناتور جراهام ليندسي، العضو الجمهوري البارز في مجلس الشيوخ الأمريكي، والمقرب من الرئيس الأمريكي، أن الإدارة الأمريكية الحالية ليست لديها رغبة في تهجير الفلسطينيين من غزة، وأن ما تقوله بهذا الشأن غير عملي.

وهذا الكلام قاله جراهام في إسرائيل نفسها، أثناء زيارة له مع بعض أعضاء المجلس، ولم يقله في مجلس الشيوخ ولا في الولايات المتحدة عموماً.. فمَنْ تصدق؟ ترمب الذي تكلم عن خطته أكثر من مرة، أم السيناتور الجمهوري المقرب؟

ليس هذا وفقط، ولكن ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب الى الشرق الأوسط، قال في مؤتمر اقتصادي في ميامي، إن خطة الرئيس الأمريكي لا تعني التهجير، وإن كل ما يقصده ترمب في الموضوع هو البحث عن مكان أو حياة أفضل للفلسطينيين!

وبالطبع، فإن أحداً من الفلسطينيين لم يتقدم بالشكوى الى إدارة ترمب من سوء الحياه في غزة، وبما إن هذا لم يحدث، فالإدارة الأمريكية مدعوة الى أن توفر جهدها ووقتها، لأن الفلسطينيين أنفسهم يجدون راحتهم وحياتهم في القطاع، ولا يتصورون أن يجدوا ذلك في أي مكان آخر، حتى ولو كان هذا المكان الآخر منتجعاً من منتجعات الرئيس الأمريكي في فلوريدا، أو منتجعاً يريد هو أن يقيمه في غزة على أنقاض بيوتهم. وقد فوجئ العالم بترمب نفسه يتراجع ويقول إنه لن يفرض ما يقوله بشأن غزة، وإنه فوجئ برفض مصر والأردن!

وليس موضوع غزة سوى مثال على الحديث بالشيء وعكسه، ففي موضوع كندا أيضاً كان الشيء حاضراً وكان عكسه إلى جواره، وكذلك في ملف قناة بنما، وفي غير ذلك مما خاضت فيه الإدارة الجديدة وتخوض منذ العشرين من يناير.

ولأن المثل المصري يقول: "لا تمدح أو تشكر إلا بعد ستة أشهر"، فالعالم مضطر لو أخذ بهذا المثل الى أن ينتظر خمسة أشهر ليرى وقتها ماذا يفعل.. فهذه الإدارة قضت بالكاد شهراً في مقاعدها فانقلب العالم رأساً على عقب.

إعلان

إعلان