إعلان

الأحزاب.. كيانات رسمية لا يعرفها جمهورها

عمر النجار

الأحزاب.. كيانات رسمية لا يعرفها جمهورها

عمر النجار
07:24 م السبت 29 مارس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ما تُحاول الأحزاب تسويقه في الحياة السياسية بأنَّ لديها تعددية حزبية غير موجودة في أي دولة من دول العالم لا نقرأه إلا بصورة مُغايرة تمامًا مُتمثلة في أن هذه الأحزاب رُغم كثرتها إلا أنها تفتقر إلى المطابخ السياسية الحقيقية.

لكونه ليس عاديًا والأرجح أنه ليسَ متعارفاً عليه أن يَختلف عضو في الهيئة العليا لحزب من الأحزاب مع رئيسه، فـ يُقرر بعدها تأسيس حزب جديد بسبب هذه الخلافات، التي هيَّ موجودة في كل منزل..

فلا عجب مثلاً أن نجد هذا الشخص الذي قام بتأسيس الحزب والإتيان بمقر جديد أن يُقنع تجار وسماسرة عقارات وسيارات أو أصحاب سلاسل مطاعم وكافيهات بالانضمام لحزبه، الذي أسسه مُقابل تجهيزهم لمقر الحزب الجديد والإنفاق عليه من الألف للياء.

ولا يَتوقف الأمر عندَّ هذا الحد، بل يُحاول رئيس الحزب الجديد إقناعهم بأنَّ انضمامهم للحزب سيكون فرصة قوية للدخول إلى مجلس النواب، وكذلك فرصة قوية لواجهتهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية..

هكذا بدأت ظاهرة الولادة القيصرية للكثير من الأحزاب، البالغ عددها 87، بحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات.

يُعلمنا التاريخ إن تأسيس الأحزاب في حد ذاته ليس عقبة وإنمَّا العقبة في توظيف هذه الأحزاب لإحياء وإثراء الحياة السياسية الحقيقية، التي لا تأتي إلا من خلال كوادر حقيقية تدرجت في السُلم السياسي الحقيقي.

وتُعلّمنا السياسة، أنَّ الموافقة على تأسيس الأحزاب قانونيًا لا يعني أننا نتفق بالضرورة على أنَّ الأحزاب مبنية على أسس سياسية حقيقية، لأننا في طبيعة الحال محكومون بالانتباه لنشأة الكثير من الأحزاب الحالية- التي جاءت من أعلى الهرم وليس من أسفله- مثلما نكتب الخبر بطريقة الهرم المقلوب، إذ نعرض المعلومات بـ ترتيب تنازلي حسب الأكثر أهمية ثم الأقل أهمية ثم الأقل أقل أهمية.

ويُعلّمنا الواقع، أنَّ الإتيان بـ مقر أو أكثر من مقر لهذه الأحزاب لا يَعني بالضرورة أن تكون هذه أحزاب سياسية بل ربما أن تكون في الغالب شبيهة لـ دكاكين المتاجر للسلع الغذائية أو الجمعيات الخيرية، لكونها لا تختلف عنها كثيرًا في النشأة وطريقة التفكير والإدارة.

ولا تكفي سيل الحجج التي تُقدمها هذه الأحزاب- التي نشأت بطريقة الهرم المقلوب- أي من أعلى إلى أسفل، لأن نشأتها تُحيط بها علامات استفهام كثيرة!!.

ولا تُلام هذه الأحزاب على استعراضاتها المُتكررة عبر منصات التواصل الاجتماعي بل يَقع اللوم في الأساس على من يُصدق مثل هذه الاستعراضات الخيالية، التي جاءت ونشأت من عالم افتراضي لا حقيقي.

ورُغم حصول هذه الأحزاب على الموافقات القانونية إلا أنَّ ممثلي هذه الأحزاب لم يتم دعوتهم ولو لِمرة واحدة من جانب رئيس الوزراء في اجتماعات المفكرين والمثقفين الحقيقيين..

لكون الحكومة عندَّما دعت لحوار كانت تُريد مفكرين حقيقيين، الأمر الذي يدل على أنَّ الحكومة اعترفت بهم رسميًا من خلال الأوراق القانونية إلا أنها لم تعترف بهم عمليًا على أرض الواقع، لأنَّه الأولى في حضور مثل هذه الاجتماعات، رؤساء الأحزاب ونوابهم باعتبار أنَّ من ينضمون لهذه الأحزاب أهل الفكر والسياسة والثقافة والقانون، وهذا لم يَحدث على الإطلاق.

قد لا يَلفت الانتباه عدم دعوة رؤساء وممثلي هذه الأحزاب في اجتماعات رئيس الحكومة مع المفكرين والمثقفين إلا أنه يَتغلغل في أعماق الباحثين ما إنْ تأملوا في نظرة الحكومة لِمثل هذه الأحزاب ومن يُمثلها.

هكذا يبدو شعار المرحلة الحالية التي نرى فيها أحزابًا كثيرة دون أي مُمارسة للعملية السياسية نفسها بسبب افتقارهم إلى القواعد الشعبية الحقيقية.

حفظَ الله مِصرَ وَشعبها ومُؤسساتها.

إعلان

إعلان