كيف تدخل البيت الأبيض لتشديد لهجة رسالة الخارجية بشأن إيران؟
كتبت – سارة عرفة:
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الأربعاء، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من مساعديه انتهاج لجهة شديدة في رسالة وزارة الخارجية الأمريكية التي أفات الأسبوع الماضي بامتثال إيران للاتفاق النووي التاريخي، وفقا لمسؤولين أمريكيين بارزين شاركوا في مراجعة ما إذا كان رفع العقوبات ضد إيران يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي أم لا.
ووقعت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وست قوى عالمية بما فيها الصين وروسا وبريطانيا اتفاقا مع إيران وسيلة لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية، في مقابل رفع الغرب العقوبات المفروضة على إيران.
ورفعت القوى الغربية العقوبات عن طهران بعد أن أقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن طهران قيدت نشاطاتها النووية الحساسة. وقال أوباما إن الاتفاق يمثل أفضل وسيلة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وأضاف المسؤولون الأمريكيون إن كبار مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن رسالة الخارجية الأمريكية الأولى في عهد ترامب التي قدمت كانت تحمل لهجة مخففة للغاية لتجاهلها أنشطة طهران التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ودعم الجماعات الإرهابية الإقليمية، وفقا للصحيفة.
ووفقا للمسؤولين، ركز ترامب شخصيا على إعادة صياغة الرسالة التي أرسلتها الخارجية الأمريكية إلى الكونجرس يوم 18 أبريل؛ حيث سلطت النسخة النهائية الضوء على سلوك إيران التهديدي في المنطقة وشككت في دعم أمريكا طويل الأجل للاتفاق متعدد الجنسيات.
وأضاف المسؤولون أن ترامب كلف وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، بمتابعة رسالة عامة صارمة مفادها أن الإدارة الجديدة تخطط لتغيير سياستها تجاه إيران، مع وضع الاتفاق النووي في الصدارة.
وكان تيلرسون قد قال في مقر الخارجية الأمريكية يوم 19 أبريل إن "إيران غير المنضبطة يمكن أن تسلك نفس مسار كوريا الشمالية".
وقالت وول ستريت جورنال إن هذه الواقعة سلطت الضوء على الانقسامات بين موقف ترامب المتشدد بشأن إيران والنهج الذي اتبعه بعض دبلوماسيي وزارة الخارجية والعديد من الحلفاء الأوروبيين.
عقوبات محتملة
ولفتت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض يراجع سياسته بشأن إيران لمدة 90 يوما ويدرس اجراءات لتعزيز الجهود الأمريكية التي تهدف بشكل كبير لمقاومة إيران وعملياتها العسكرية في الشرق الأوسط.
ونسبت وول ستريت جورنال إلى المسؤولين المشاركين في عملية المراجعة، القول إن الخطوات المحتملة تشمل عقوبات ضد مئات الشركات الإيرانية التي سيتم فحصها للاشتباه في صلتها بالوحدة العسكرية في طهران او قوات الحرس الثوري الإيراني.
ووفقا للصحيفة، تدرس إدارة ترامب أيضا سبل تعزيز الجهود الدولية لمكافحة قدرة ايران على تهريب الأسلحة إلى وكلائها العسكريين في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن عزمها تحدي الوجود البحري الإيراني في الخليج العربي بشكل أكبر، مشيرة إلى التهديد الذي تشكله طهران على ممرات الشحن والحركة التجارية في المنطقة الغنية بالنفط.
وأعلنت البحرية الأمريكية الأربعاء أن مدمرة صاروخية وجهت طلقات تحذيرية مضيئة باتجاه سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني في مواجهة متوترة في الخليج العربي.
ونقلت شبكة "ايه بي سي" الأمريكية اليوم عن اللفتنانت إيان ماكونوى من الأسطول الخامس المتمركز في البحرين، قوله" إن الحادث وقع أمس الأول الاثنين، وكانت السفينة الإيرانية على بعد ألف متر من المدمرة يو إس إس ماهان.
وأضاف ماكونوى أن المدمرة قامت بعدة محاولات للاتصال بالسفينة الإيرانية وبثت رسائل تحذيرية، وإشارات قبل أن تطلق خمس طلقات تحذيرية - وهو إجراء معترف به دوليا - لتحديد نوايا السفينة الإيرانية التي أبحرت في وقت لاحق.
وفي الأيام الأخيرة، شكك ترامب وغيره من كبار المسؤولين الإدارة علنا في شروط الاتفاق النووي، الذي تم التفاوض عليه من جانب إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على مدار ثلاث سنوات.
وألمح ترامب ومسؤولو إدارته إلى ضرورة إعادة التفاوض عليه وأعربوا عن شكوكهم إزاء احتمالية أن تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من الفصل بين برنامج إيران النووي وأنشطته الأخرى المزعزعة للاستقرار.
توافق نادر
وفي البيت الأبيض، حيث كثيرا ما ينقسم المستشارون والمساعدون حول القضايا الأمنية، يمثل السعي إلى سياسة أكثر صرامة بشأن إيران، حالة نادرة من التوافق على نطاق واسع.
ويتوقع بعض مسؤولي البيت الأبيض ألا تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بل أنها ربما تعيد فرض عقوبات كانت قد رفعتها في إطار الاتفاق لأسباب مختلفة مثل انتهاكات حقوق الإنسان أو اختبارات صواريخ بالستية.
ومن جهة أخرى، استبعدت إيران إعادة للتفاوض حول الاتفاق النووي، وقالت إن أي عقوبات جديدة تفرضها إدارة ترامب ستعتبر انتهاكا للاتفاق.
وتقول طهران أيضا إنها تمتثل للاتفاق النووي وتلقى باللوم على أمريكا لمنع الدول الأخرى من الاستثمار في إيران من خلال ابقاء عقوبات ثنائية على طهران.
ويلزم الكونجرس الإدارات الأمريكية، عبر وزارة الخارجية، بأن تخطره كل ثلاثة أشهر حول ما إذا كانت ايران تمتثل لشروط الاتفاق النووي.
وقال مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى إن الرسالة الأولى لوزارة الخارجية حول إيران صاغها دبلوماسيون لعبوا أدوارا قيادية خلال إدارة أوباما في التفاوض حول صفقة إيران وتنفيذها.
وأشاروا إلى المقاومة السريعة التي لاقتها مسودة الرسالة المبدئية عندما تم إرسالها إلى البيت الأبيض للموافقة عليها الأسبوع الماضي.
وأضاف المسؤولون أن موظفي البيت الأبيض أخذوا هذه المسودة إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي اللفتنانت جنرال اتش. آر. ماكماستر الذى ضغط لانتهاج خطاب أكثر صرامة في هذا الصدد وأثار القضية مع كبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس.
وقالت الصحيفة إن ترامب راجع الرسالة بعد ذلك.
وجاء في المسودة الأخيرة المقدمة إلى الكونجرس الأسبوع الماضي أن طهران تمتثل للاتفاق. غير أنه أكدت على "الدور الإيراني في دعم الإرهاب الدولي."
وقالت رسالة الخارجية إن إدارة ترامب تستعرض ما إذا كان رفع العقوبات المفروضة على إيران في اطار الاتفاق "يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي".
وقال وزير الخارجية تيلرسون في الرسالة إن "إن إيران غير المنضبطة يمكن أن تسلك نفس مسلك كوريا الشمالية، لذا يجب على العالم ردعها".
وأضاف أن موقف الولايات المتحدة من إيران لن يكتفي بالتركيز على مدى التزامها بالاتفاق النووي بل سيتطرق إلى ما تقوم به في الشرق الأوسط.
واتهم تيليرسون طهران بتقويض مصالح بلاده في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن، مؤكدا أن "السياسة الشاملة بشأن إيران تتطلب معالجة كل التهديدات التي تشكلها، ومن الواضح أنها (التهديدات) كثيرة".
وقال المسئولون إن تيلرسون كان متشككا في البداية حيال إرسال خطاب صارم حول إيران في وزارة الخارجية، ولكنه أذعن للأمر بعد ذلك.
فيديو قد يعجبك: