سيناريوهات الحل في سوريا بعد سيطرة الجيش على حلب.. ولماذا "الأستانة"؟
كتب – محمد عمارة:
بعد سيطرة الجيش السوري بقيادة بشار الأسد، بدعم من روسيا على مدينة حلب السورية، وفي ظل دعوة موسكو لجولة مفاوضات سياسية في الأستانة بالتنسيق مع تركيا وإيران، فرضت التساؤلات نفسها حول طبيعة هذه المفاوضات وسيناريوهات الحل.
يقول محمد جمعة، الباحث في شئون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن سيطرة بشار الأسد على مدينة حلب، تعني -كلياً- أن الحديث عن القضاء على نظام الرئيس السوري عسكرياً أمر صعب للغاية، رغم أن استمراره بالوضع القديم أمر غير قابل للتطبيق؛ لأنه سيصطدم مع رغبة روسيا التي تستعجل الحل والتسوية السياسية.
وتمكنت قوات الأسد بدعم روسي في السيطرة على حلب –أهم مدينة سورية– وهو ما خلف نحو أكثر من 21 ألف قتيل مدني بحسب تصريحات رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان لـمصراوي.
يضيف جمعة: "روسيا ترغب في الخروج بأقصى سرعة من (الوحل السوري)، وهو ما تعمل عليه لإيجاد صيغة تسوية سياسية تتسع لكل أطياف المعارضة المؤمنة بالحل السياسي وليس من بينها أي عناصر سلفية جهادية مسلحة".
الباحث في مركز الأهرام يرى أنه بالرغم من انتصار الأسد، لكن يظل حضوره في العملية الانتقالية فقط، باعتبار أن هذه هي الصيغة الوحيدة التي تضمن استقرار سوريا.
"لا تزال الأمور غامضة"، يرى وليد البني، الناطق السابق للائتلاف السوري المعارض، أن الأمور مبكرة وغير واضحة وأن روسيا أو إيران أو تركيا لم يعلنوا عن جدول الأعمال أو الأطراف التي ستحضر قمة الأستانة.
يقول البني، من بودابست لـمصراوي، إنه ليس في قدرة الأطراف الثلاثة أن تفرض حلًا بعينه خاصة السياسي، لأنه يستلزم توافق أمريكي روسي في الأساس وموافقة عربية وأوروبية.
يتفق جمعة مع المعارض السوري بقوله: الأستانة ليست مرحلة نهائية، لكنها تعكس رغبة روسية في أن تستغل قوة الدفع لها ولتركيا ولإيران، وهو الثلاثي الأكثر تأثيرًا بالأزمة السورية، وذلك بأن تبني خطوة إضافية وهي الحل السياسي.
يشرح جمعة: إيران يمكن أن يكون لها الزهو والرغبة في بقاء بشار في منصبه، لكن روسيا هي القوة الوحيدة القادرة على "لجم" إيران، لكنه عاد ليؤكد رغبة تركيا في أن تكون طرفًا في الحل بممارسة دور الوكالة عن المعارضة السورية، وهنا يكمن رهان موسكو على أنقرة.
وأضاف الباحث في مركز الأهرام أن المسار الأول يتمثل في جولة من المفاوضات التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في فبراير المقبل بمدينة الأستانة، يتم خلالها تثبيت مسار التفاوض من قبل القوى الدولية والتنسيق الأكبر بين روسيا والرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب؛ بحيث يمكن الضغط على كافة القوى الإقليمية لرفع يدها عن سوريا.
يفسر جمعة: الضغط الأمريكي الروسي سيجبر القوى المعارضة للحل السياسي، وعلى رأسها قطر والسعودية إلى القبول بالأمر الواقع مع تحجيم دور إيران أيضًا، فيما سيكون المسار الثاني هو اشتعال أزمة إدلب أثناء أو قبل إجراء المفاوضات، لكنه يرى أن المسار الوسط والأخير هو أن تبدأ المفاوضات بدون تحديد أجندة أو أهداف، فتبدأ المفاوضات وتبدأ أيضا معركة إدلب في نفس الوقت.
يشرح جمعة طبيعة الوضع على الأرض قائلًا: جبهة النصرة التي تسيطر حالياً على إدلب عددها لا يقل عن 15 ألف مسلح، وتتمثل خطورتها أنها نسجت نفسها داخل سوريا ومارست دورًا دعوياً خلال الأعوام الماضية، وأصبح لها قواعد ونفوذ على جبهات أخرى وفرق مقاتلة مثل أحرار الشام وجيش الإسلام، وهما ثاني أكبر قوتين بعد "النصرة".
يُكمل: موقف تركيا اليوم هو إضعاف لموقف قطر والسعودية، وأتوقع أن تنجح روسيا في فرض الحل السياسي إذا نجحت في فرض تسوية سياسية متوازنة.
يوضح الباحث في الأهرام: اختيار تركيا كمقر لهذه المحادثات هو انعكاس لرغبة روسية في تدعيم الموقف التركي باتجاه بوتين، لكن اختيار الأستانة لإجراء المفاوضات بها ربما يكون "لعبة" من الأتراك لاستغلال المكانة الروحية للمدينة عند المعارضة، لأن تخليها عن المعارضة بشكل سريع سيكون تكلفته عالية على الوضع داخلها.
فيما يبدو لوليد البني أن الأطراف الثلاثة تستعجل هذا الاجتماع قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، أو استعجال حل عسكري حتى يأتي الرئيس الأمريكي الجديد فلا يجد أمامه سوى داعش وجبهة النصرة، وأن يختار أن يقف بجانب روسيا وإيران وتركيا.
فيديو قد يعجبك: