هل تراجع استهلاك روسيا من الكحول بواقع 80 بالمئة فعلا؟
لندن (بي بي سي)
قالت فيرونيكا سكوفورتسوفا، وزيرة الصحة الروسية، إن معدل استهلاك الكحول في روسيا تراجع بحوالي 80 في المئة مقارنة بالمستويات المسجلة منذ خمس سنوات.
لكن عند الأخذ في الاعتبار أن الشعب الروسي من أكثر الشعوب حبا للخمور، يعتبر هذا الرقم صادما، خاصة في الدولة المتخصصة في صناعة الفودكا وتعتبرها المشروب الوطني.
فهل يمكن تصديق إحصائية وزيرة الصحة الروسية؟
رفضت سكوفورتسوفا الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن الرقم الذي أعلنته، كما لم ترد وزارة الصحة على أسئلة مكتب بي بي سي في روسيا بشأن هذا الرقم. لذلك سوف نحاول التوصل إلى النسبة الصحيحة لاستهلاك الكحول في روسيا.
وهناك مجموعتان من الإحصائيات، الأولى أجراها مكتب الإحصاء الوطني في روسيا (روستات) في حين أجرت منظمة الصحة العالمية المجموعة الثانية من الإحصائيات.
ولنبدأ بمكتب الإحصاء الروسي الذي استمد أرقامه من المبيعات المسجلة لاستهلاك هذه المادة، الذي تراجع دون شك، لكن بواقع 30 في المئة، لا 80 في المئة. وتحسب نسبة استهلاك الشعب الروسي للكحول بقسمة إجمالي الاستهلاك على عدد سكان روسيا.
ولم ينشر روستات الإحصائيات الخاصة بإجمالي استهلاك الكحول في 2017. لكن البيانات المتوافرة عن الاستهلاك في الفترة من يناير وحتى نوفمبر الماضيين تشير إلى زيادة في المعدل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا ليفغيني ياكوفليف، الأستاذ بكلية الاقتصاد الجديدة في موسكو، والمتخصص في دراسات اقتصاديات الصحة واستهلاك الكحوليات في روسيا.
وسجلت مبيعات الفودكا، المشروب الكحولي الشعبي في روسيا، قفزة بحوالي 10 في المئة في الفترة ما بين يناير ونوفمبر 2017 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وبلغ متوسط استهلاك الفرد من الكحول الخالص في روسيا العام الماضي حوالي 6.6 لتر، وفقا لروستات. وأضافت إحصائيات المكتب الوطني أن متوسط استهلاك الجعة بلغ حوالي 57 لتر للفرد سنويا، علاوة على تسجيل متوسط استهلاك النبيذ، والشمبانيا، ومشروبات كحولية أخرى حوالي 7.3 لتر للفرد سنويا.
ونشرت منظمة الصحة العالمية إحصاءاتها عن استهلاك الخمور في روسيا عن الفترة نفسها التي غطتها إحصائيات روستات لتكشف عن ضعف الكميات التي أعلنتها الجهات الروسية الرسمية. وأشار تقرير المنظمة العالمية إلى أن استهلاك الفرد من المشروبات الكحولية في روسيا بلغ 13.9 لتر سنويا في 2016.
وقد يكون الاختلاف بين الإحصائيتين ناتجا عن اختلاف في طريقة حساب الاستهلاك، إذ توصلت منظمة الصحة العالمية إلى تلك الأرقام عبر قسمة إجمالي استهلاك الكحول في روسيا على عدد السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة، لا إجمالي عدد سكان روسيا كما حدث في حسابات المكتب الوطني للإحصاء.
وأوضح ياكوفليف أن هناك سببا آخر للاختلاف بين الاحصائيات الروسية الرسمية وإحصائيات منظمة الصحة العالمية، وهو أن هناك كميات تستهلك من الكحوليات دون أن تتضمنها الإحصائيات، علاوة على كميات الكحول المستخدمة في المنظفات وغيرها من المنتجات مثل العطور.
وأكد أن المبيعات غير الرسمية يصعب رصدها، مرجحا أن تقرير منظمة الصحة العالمية قد ينطوي على بعض المبالغة.
وأضاف أن "الدراسات أظهرت أن كمية الكحول التي تستهلك بشكل غير شرعي، والتي لا يمكن الاعتماد عليها في إجراء الإحصائيات، في بلادنا لم تشهد الكثير من التغير في السنوات القليلة الماضية، إذ تقدر بحوالي 10 في المئة من إجمالي الاستهلاك".
رغم ذلك، لا تظهر الإحصائيات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية أن استهلاك الكحوليات تراجع بحوالي 80 في المئة، وحتى عند النظر إلى تقرير المنظمة، فسوف نلاحظ تراجعا في الاستهلاك بحوالي 3.9 في المئة، لكن ليس 80 في المئة مقارنة بالكميات المستهلكة منذ خمس سنوات.
فيديو قد يعجبك: