نيويورك تايمز: تركيا تبكي خاشقجي وصحفيوها يملأون السجون
كتبت- هدى الشيمي:
ترى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي كشفت عن تناقض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ففي الوقت الذي كانت ترحب فيه أنقرة باجتماع مُحبي الصحفي الراحل على اراضيها، كانت قوات الأمن التركية تشن حملة شرسة انتهت بإلقاء القبض على حزمة جديدة من معارضي الرئيس، ليتجاوز عدد المعتقلين في سجون تركيا أكثر من 100 ألف شخص.
تقول الصحيفة الأمريكية إن أصدقاء ومؤيدي الصحفي السعودي وقفوا في مسجد الفاتح، أحد أقدس وأقدم المساجد في مدينة أسطنبول، يوم الجمعة الماضي، لتأدية صلاة الجنازة على روحه، وعلا صوت الإمام بآيات قرآنية عن الشهادة في سبيل الله.
أُقيمت صلاة الجنازة في اسطنبول وفي مدن جدّة والمدينة المنورة ومكة بالمملكة العربية السعودية، وفي واشنطن ولندن، بعد مقتل خاشقجي بـ45 يومًا، بعد أن شوهد لأخر مرة في قنصلية بلاده الواقعة في المدينة التركية في مطلع أكتوبر الماضي، ثم اختفى نحو ثلاثة أسابيع، وبعدها أعلنت السلطات السعودية أنه قُتل إثر مشاجرة مع العاملين في المبنى الدبلوماسي.
وتُشير نيويورك تايمز، في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني أمس السبت، إن وادع خاشقجي في اسطنبول كان سياسيًا أكثر منه دينيًا.
ولفتت عدة تقارير أجنبية، منها تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إلى أن أردوغان استغل واقعة مقتل خاشقجي لينصب نفسه مدافعًا عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وطالب بمحاسبة القتلة وتحقيق العدالة منعًا لوقوع حوادث مماثلة، رغم أنه يتعامل مع هذه الأمور بيد من حديد، ويُحكم قبضته على وسائل الإعلام، ويغلق منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية.
وحسب تحقيقات النيابة السعودية، فإن ثلاثة فرق؛ استخباراتية وتفاوضية ولوجيستية، توجهت إلى إسطنبول، لإعادة خاشقجي إلى السعودية، سواء بالإقناع أو بالقوة الجبرية، ما أسفر عن حدوث "عراكاً وشجاراً" داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في الثاني من أكتوبر، ثم قام الفريق بتقييده وحقنه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدّت إلى وفاته.
وكشفت التحقيقات أن جثة خاشقجي أُخرجت من القنصلية بعد تقطيعها، وسُلمت إلى "متعاون محلي"، مشيراً إلى أن رسما تقريبيا للمتعاون المحلي سيُرسَل إلى تركيا. وحتى الآن لم يتم العثور على الجثة.
تقول نيويورك تايمز إن استاذين جامعيين بارزين كانا من ضمن 12 شخصًا جرى القبض عليهم في وقت مُبكر يوم الجمعة الماضي، بتهمة المشاركة في مؤامرة لقلب نظام الحكم، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات بميدان تقسيم عام 2013.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه من بين المحتجزين تورغوت ترهانلي، عميد كلية الحقوق في جامعة بيلجي، وبيتول تانباي، عالم رياضيات معروف في جامعة بوغازجي في اسطنبول.
وكذلك جرى احتجاز المنتج والمؤلف سيجديم ماتر، والأكاديمي هاكان ألتيني، وغيره من الموظفين في جمعية أنادولو كولتور، وهي مؤسسة ثقافية أنشأها المحسن عثمان كافالا، الذي سُجن دون محاكمة لأكثر من عام.
وقالت تقارير الشرطة إن المحتجزين متهمون بتنظيم احتجاجات، وجلب مدربين وناشطين محترفين لمساعدتهم على قلب نظام الحكم، وتشكيل منافذ إعلامية جديدة تدعو إلى إجراء مظاهرات في جميع أنحاء تركيا.
وواجهت أنقرة حملة انتقادات واسعة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، علاوة على المؤسسات الحقوقية العالمية.
تمتلك تركيا أسوأ سجلات حقوق الإنسان وحرية الصحافة، خاصة وأنه تم شن حملة شرسة استهدفت وسائل الإعلام والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين، زادت حدتها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وزُج على إثرها بآلاف الصحفيين في السجون.
وتحتل تركيا المرتبة السابعة والخمسين بعد المئة من أصل 180 بلدا على مستوى حرية الصحافة في تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود.
وأفادت مراسلون بلا حدود، في تقرير نشرته منذ عامين، بإغلاق 140 وسيلة إعلام و29 دار نشر بموجب تنظيمات فرضت في ظل حالة الطوارئ التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة، وحبس أكثر من 2500 صحفيا وموظّفا في مجال الإعلام بلا عمل عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
فيديو قد يعجبك: