بعد هدنة غزة .. هل انتصرت "مسيرات العودة" على نتنياهو؟
كتبت – إيمان محمود
بدا الطرفان المتصارعان في قطاع غزة المُحاصر، إسرائيل وحماس، أقرب إلى التهدئة من أي وقت مضى خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد الاتفاق على وقف إطلاق نار يشمل وقفًا تامًا للنار والبالونات الحارقة وغيرها من المظاهر العسكرية، في مقابل رفع الحصار كاملاً عن قطاع غزة وتنفيذ مشاريع إنسانية.
وفي تحليل للكاتب الإسرائيلي عموس هاريل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، قال إن الجهود التي تبذلها كلا من الأمم المتحدة والمخابرات المصرية للتوسط في الاتفاق، والتفاؤل في دوائر الدفاع الإسرائيلية للمرة الاولى، يمكن أن تعيد الهدوء إلى الحدود بين إسرائيل وغزة لأشهر قليلة على الأقل.
وفي حين بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إمكانية إجراء انتخابات مبكرة على مدى الأيام القليلة الماضية، بسبب أزمة الائتلاف حول قانون صياغة الأرثوذكس المتطرفين، إلى جانب اعتبارات أخرى، ترى الصحيفة أن الهدنة مع حماس، ستسمح لنتنياهو بإجراء حملته الانتخابية باستقرار نسبي؛ إذ أنه لن يضطر إلى مقاومة الاتهامات بأنه تخلى عن سكان الجنوب وتركهم للصواريخ والطائرات الورقية الحارقة.
أما الجانب السلبي بالنسبة لنتنياهو -بحسب "هاريل"- فهو التفاوض مع حماس في حد ذاته؛ إذ أن إنكار نتنياهو لم يقنع أحد، وهو ما حدث بالماضي في عهد حكومة إيهود أولمرت بعد العملية التي تُسمى "الرصاص المصبوب" في غزة عام 2008، لكن هذه المرة يبدو الأمر أكثر وضوحًا وبلا تسامح.
وقال هاريل، إن الأمر سيمثل انتصارًا من وجهة نظر حماس، التي بدأت تصعيد التوترات على طول الحدود مع إسرائيل من خلال الاحتجاجات المُندلعة بالتزامن مع يوم الأرض الفلسطيني في 30 مارس الماضي، وتعمقت بالقرب من السياج الحدودي إلى أراضي الداخل.
يأتي انتصار حماس من تخفيف الهدنة للضغوط الإسرائيلية على القطاع ومنحه متنفسًا، كما أن المفاوضات تضع حماس في موضع شريك مهم ومشروع في الاتفاقيات الإقليمية، وهو ا حققته حماس من خلال المقاومة، وبمعارضة تامة للخط الذي سلكته فتح والسلطة الفلسطينية، بحسب الكاتب الإسرائيلي.
وتم الإعلان عن التوصل إلى هدنة في الأيام الأخيرة، ولم تصدر تصريحات رسمية من الجانب الإسرائيلي بشأنها، لكن إعلان الجانب الحمساوي تسبب في قيام عدد من الشخصيات العسكرية والسياسية والمحللين الإسرائيليين بنفي التوصل إلى هدنة مع حماس.
وأعلنت إسرائيل يوم الثلاثاء، أنها سترفع الحظر على البضائع التجارية الذي كانت فرضته في التاسع من يوليو ردا على إطلاق ناشطين فلسطينيين لبالونات حارقة عبر الحدود، كما سمحت اليوم الأربعاء، باستئناف دخول البضائع التجارية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
وعلى مدى الأيام الماضية تراجعت التقارير عن إطلاق هذه البالونات التي تسببت في حرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات في جنوب إسرائيل.
ويرى الكاتب الإسرائيلي، أن اختيار نتنياهو للمفاوضات، كان الاختيار الأقل سوءًا، لتجنيب أرواح العشرات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، الذين يلقون حتفهم في صراع عسكري واسع النطاق في غزة، مضيفًا "ولأن نتنياهو لم يحدد هدفًا واضحًا قابلًا للتحقيق لنفسه من أجل شن هجوم على غزة، فهو على استعداد لتحمل النقد من اليسار واليمين على إظهاره للضعف في وجه الإرهاب، ولكي لا يجد نفسه وسط حرب لا يعرف نتائجها".
وأثار احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والحركة الإسلامية المسلحة التي تهيمن على قطاع غزة، قلقًا داخل حكومة نتنياهو اليمينية من أن تستغل الحركة أي استراحة من القتال في بناء ترسانتها الصاروخية.
وحذر نفتالي بينيت، وزير التعليم الإسرائيلي الذي يتزعم حزب البيت اليهودي في الائتلاف الحاكم، نتنياهو من أن حزبه سيصوت ضد الاتفاق مع حماس، قائلاً إن الاتفاق "يمنح جائزة للإرهاب".
وأضاف أن الهدنة تمنح حماس الحصانة الكاملة بحيث يمكنها إعادة تسليح نفسها بعشرات الآلاف من الصواريخ.
وقدم بينيت حلاً مختلفًا لمجلس الوزراء، وهو أن أي هجوم على حماس يستلزم قدرًا معينًا من المخاطر، لكنه برأيه لا يحتاج إلى هجوم بري داخل القطاع.
وقال الكاتب إن الحل الذي قدمه بينيت ليس إلا موقف أقلية سيوضع داخل الدرج، لكن إذا فشلت الهدنة ستعود الحكومة إلى اقتراحه وبإمكانه وقتها أن يقول "لقد أخبرتكم بذلك".
وأشار الكاتب إلى أن إسرائيل بدأت في إجراءات تخفيف الحصار من خلال إزالة القيود التي فرضتها مؤخرًا على دخول البضائع إلى القطاع وفتح معبر كرم أبو سالم، وأيضًا توسيع المنطقة المسموح بها لصيد الأسماك على طول قطاع غزة، في حين تنتظر إسرائيل يوم الجمعة لترى إن كانت حماس ستفي بوعدها وتمنع الاحتجاجات وتوقف الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، وهو الأمر الذي سيترتب عليه أن تتخذ إسرائيل مزيدًا من الإجراءات التخفيفية عن القطاع.
ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من الإجراءات حول مسألة الأسرى والمختفين قسريًّا في غزة، ولكن من الصعب –بحسب الكاتب- تحقيق تقدم فيما يخص اتفاقية تبادل الأسرى التي عُرفت باسم "جلعاد شاليط"، وهو البند الذي تتمسك حماس بتنفيذه لكن إسرائيل بعد أن أفرجت عنهم بموجب الاتفاقية أعادت اعتقالهم في عام 2014 ورفضت لإفراج عنهم مرة أخرى.
أما بالنسبة للمصالحة؛ فإن السلطة الفلسطينية لا تزال تعارضها بقوة، "بل إنها ساهمت في التوترات بسبب العقوبات التي عارضتها في غزة ضد حماس"، وواصل كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية وحماس تبادل الاتهامات خلال الأيام القليلة الماضية، بحسب الكاتب.
فيديو قد يعجبك: