قلق وتحذيرات دولية من "كارثة" محتملة في إدلب السورية
كتب - سامي مجدي:
ينتاب المجتمع الدولي قلق كبير من عواقب هجوم عسكري تقوم به القوات الحكومية السورية على اخر جيوب المعارضة المسلحة، وسط تحذيرات أممية من "كارثة إنسانية محققة" في إدلب معقل جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
اقترح مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الخميس إجلاء المدنيين من إدلب التي تسيطر عليها المعارضة إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، في خطوة يمكن أن تعيد الكثيرين إلى أجزاء من سوريا كانوا قد فروا منها ذات يوم خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ سبعة أعوام ونصف العام.
قال ستافان دي ميستورا إن هناك نحو ثلاثة ملايين شخص في المنطقة، نصفهم كانوا قد نزحوا من مناطق أخرى في سوريا، قد يواجهون تصعيدا عسكريا "مروعا"، غير أنه أضاف أن هناك نحو عشرة آلاف مقاتل مرتبط بتنظيم القاعدة وعائلاتهم يقيمون في المنطقة المكتظة بالسكان.
وقال للصحفيين في جنيف "ليس للمدنيين أي خيار آخر لكي لا يتواجدوا حيث يقع القتال،" وتحدث عن خطة الإجلاء وهي في مراحلها الأولى وستحتاج إلى مناقشتها مع أطراف معنية إقليمية. وأعربت روسيا عن انفتاحها على الفكرة.
"في انتظار ساعة الصفر"
يأتي ذلك فيما أعلنت روسيا، الداعم العسكري الرئيسي الأقوى لبشار الأسد، عن تدريبات عسكرية رئيسية في البحر المتوسط وسط تزايد التوترات بسبب الجيب. ونقلت صحيفة الحياة اللندنية الجمعة عن مصادر روسية وأخرى في المعارضة السورية ترجيحها أن "معركة محدودة في إدلب باتت في انتظار تحديد ساعة الصفر"، وسط تقديرات بأن تمهد المعركة لتسويات وتفاهمات إقليمية ودولية.
كما نقلت وكالة رويترز في وقت سابق عن مسؤول في التحالف الإقليمي الداعم للنظام، قوله إن "اللمسات الأخيرة للمرحلة الأولى (الهجوم على إدلب) ستكتمل في الساعات المقبلة"، مضيفا أن "الهجوم سيستهدف في البداية الأجزاء الجنوبية والغربية من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وليس مدينة إدلب ذاتها".
يعكس مقترح الإجلاء الذي أعلنه مبعوث الأمم المتحدة مخاوف متزايدة من أن تصبح إدلب موقعا لأحدث أزمة إنسانية في البلاد التي تواجه العديد من الأزمات المماثلة منذ اندلعت الحرب التي قتلت أكثر من 400 ألف شخص ودفعت أكثر من 5.5 مليون نسمة للهجرة.
قال دي ميستورا إن المقترح سيكون "مؤقتا" ليتمكن "الناس من العودة إلى أماكنهم سالمين بمجرد انتهاء ذلك."
بيد أن أحمد رمضان، المتحدث باسم وفد المعارضة السورية في مباحثات الأمم المتحدة مع الحكومة، وصف مقترح دي ميستورا بأنه "غير واقعي". قال رمضان إن المقترح "مؤسف للغاية. دور المبعوث الخاص ليس الدعوة لممر إنساني، وإنما دعوة روسيا لوقف الاعتداء".
وإدلب هي آخر ملاذ متبقي للمعارضة السورية منذ بدأت قوات الأسد في استعادة الأراضي من مقاتلي المعارضة في 2015. واستهلكت البلاد بسبب الحرب منذ اندلعت التظاهرات ضد الأسد في 2011.
مفاوضات بين الحكومة والمسلحين
على صعيد منفصل الخميس، في مؤتمر صحفي في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن حكومته تخطط "لتحرير" إدلب لكن الأولوية هي "التفاوض على السلام" مع أولئك الراغبين في الاستسلام.
وأضاف المعلم أن الحكومة حاولت التفاوض مع ما يطلق عليها لجنة المصالحة في إدلب، لكن مسلحي القاعدة ألقوا القبض على معظم أعضاء اللجنة.
اعتقل المسلحون أكثر من 500 شخص متهمين بمحاولة التفاوض مع النظام في الأسابيع الأخيرة، وفقا لرامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا.
كما قال دي ميستورا إن عشرة آلاف مقاتل على صلة بتنظيم القاعدة وأسرهم يقيمون في المنطقة كثيفة السكان التي يقطنها حاليا 2.9 مليون نسمة، وكثير منهم نازحون بالفعل.
بعد استضافة تسع جولات من المحادثات غير المثمرة بين الحكومة والمعارضة السوريتين، ركز دي ميستورا جهوده مؤخرا على المحادثات مع من يطلق عليهم "ضامني" عملية السلام؛ روسيا وتركيا وإيران.
وذكر دي ميستورا أنه لا يملك معلومات بشأن أي "هجوم وشيك"، لكنه لفت إلى معلومات بشأن تحركات عسكرية ورسائل تحذير بين أطراف الصراع في سوريا.
كما لفت إلى "تحذيرات وتحذيرات مضادة" بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم أنه لم يوضح.
وتابع دي ميستورا قائلا "نحن بحاجة إلى تقليص خطر التصعيد غير المتوقع، وننظر بالقطع بقلق شديد إزاء أي استخدام محتمل لأسلحة كيماوية أو أي أشكال من الكلور المسلح".
كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد حذرت من الرد على أي استخدام لأسلحة كيماوية في سوريا.
وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الخميس أيضا إن بلده يشارك في محادثات مع إيران وروسيا لتجنب كارثة إنسانية في إدلب.
ومن المقرر أن يجتمع قادة تركيا وإيران وروسيا الأسبوع المقبل في تبريز لمناقشة الأزمة المتصاعدة.
حذر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأربعاء من خطر متزايد بوقوع كارثة إنسانية، ودعا إلى ضبط النفس.
خياران
طرح دي ميستورا خيارين: الأول عدم دفع التصعيد العسكري من أجل السماح لمزيد من الوقت للمحادثات، والآخر "السماح بإقامة ممر إنساني موثوق - موثوق- للمساح للمدنيين بالانتقال بشكل مؤقت إلى منطقة آمنة، وتسهيل القيام بهذا... غير أن تلك المنطقة من المرجح أن تكون تحت سيطرة الحكومة ... وبالتالي، يتطلب الأمر دعما حكوميا فعالا وبناء ووجود للأمم المتحدة".
ألمح دي ميستورا إلى أنه قد يسافر إلى تلك المنطقة بنفسه للمساهمة في مراقبة عملية الإجلاء. وقال "ننوي قطعا مناقشة الأمر بصورة مكثفة مع الحكومة".
وردت سوريا على مقترح مبعوث الأمم المتحدة. وقال مسؤول في وزارة الخارجية السورية إن "مكافحة الإرهاب وخاصة إرهاب داعش وجبهة النصرة وما يرتبط بهما من تنظيمات إرهابية هي مسؤولية أساسية تتحملها الدولة السورية وأن الحرب على من تبقى من الإرهابيين بما في ذلك في إدلب هي واجب حتمي عليها،" حسبما أوردت وكالة الأنباء السورية الخميس.
من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف لوكالات أنباء روسية بأن موسكو ترغب في مناقشة "التفاصيل، والفكرة العامة، والحلول العملية هناك".
جاء التطور بعدما أبلغت وزارة الدفاع الروسية وكالات أنباء روسية بأن موسكو تنوي نشر 25 سفينة، بينها طراد صواريخ، و30 طائرة في مناورات حربية في الأسبوع الأول من سبتمبر المقبل.
وقال الجيش إن المناورات سوف تركز على الدفاع المضاد للطائرات والغواصات.
فيديو قد يعجبك: