واشنطن: لا دليل على أن المعارضة السورية ستستخدم أسلحة كيماوية في إدلب
لندن - (بي بي سي):
قال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إن بلاده لم تصل إلى "أي دليل" يشير إلى أن جماعات المعارضة في محافظة إدلب السورية يمكنها أن تستخدم أسلحة كيمياوية، على الرغم من مزاعم روسية مخالفة.
ورفض ماتيس خلال مؤتمر صحفي ما تردد بشأن احتمال أن تسهل الولايات المتحدة شن هجوم كيمياوي، وأنحى بالمسؤولية على روسيا والنظام السوري واستخدامهما ذلك كذريعة لشن ضربات جوية.
وكانت الولايات المتحدة قد شنت مرتين بالفعل ضربات جوية استهدفت نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أعقاب مزاعم أشارت إلى شن هجمات بأسلحة كيمياوية، وكانت أحدث هذه الضربات الجوية في منتصف أبريل الماضي بمساعدة فرنسية وبريطانية.
وقال ماتيس :"لا توجد لدينا أي معلومات استخباراتية تظهر أن المعارضة تمتلك أي قدرات كيمياوية".
كما لم يتحدث ماتيس عما إذا كانت وزارة الدفاع الأمريكية ترى أي دليل يشير إلى احتمال استعداد النظام السوري لاستخدام أسلحة كيمياوية في إدلب.
وقال ماتيس :"أفضل عدم الإجابة عن هذا السؤال الآن"، وأضاف : "نحن على أتم يقظة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد حظر يوم الأثنين الرئيس السوري بشار الأسد من شن أي هجوم "متهور".
ووصف ترامب الهجوم على إدلب، في تغريدة نشرها على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بأنه قد يكون "خطأ إنسانيا فادحا" ينتج عنه مقتل المئات من المدنيين.
بيد أن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، رفض التحذير وقال إن الجيش السوري "يستعد لتطهير مهد الإرهاب" هناك.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، قال إن الجيش السوري قصف آخر معقل للمعارضة ضد الرئيس بشار الأسد صباح اليوم الأربعاء في الوقت الذي فجر فيه مسلحون جسرا آخر في ظل تكهنات تتعلق بشن هجوم كبير من جانب قوات الحكومة السورية وبدعم روسي.
وتستعد دمشق، بدعم من حليفتيها روسيا وإيران، لشن هجوم يهدف إلى استعادة السيطرة على إدلب والمناطق المجاورة في شمال غربي البلاد، بعد أن استؤنفت الضربات الجوية العنيفة يوم الثلاثاء بعد أسابيع من الهدوء.
تأكيد روسي
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات حربية روسية شنت غارات أمس الثلاثاء على أجزاء من محافظة إدلب، قائلة إن الضربات الجوية استهدفت فقط متشددين تابعين لجبهة النصرة ولم تصب أي مناطق مأهولة.
في حين قال المرصد السوري إن الضربات الجوية أسفرت عن مقتل 13 مدنيا، من بينهم أطفال، وليس مقاتلين.
وذكرت وسائل إعلام سورية والمرصد أن القوات الموالية للحكومة السورية ركزت قصفها ليلا وفي وقت مبكر يوم الأربعاء على أجزاء تحيط بمدينة جسر الشغور في غرب المنطقة تسيطر عليها فصائل مسلحة معارضة.
وقال عمال إنقاذ ومصدر من المعارضة والمرصد السوري إن ريف تلك المنطقة كان هدفا رئيسيا للضربات الجوية التي نفذت يوم الثلاثاء.
وشددت تركيا على تحذيرها من شن هجوم، ونقلت صحيفة تركية عن الرئيس رجب طيب أردوغان قوله إن أي هجوم على إدلب سيكون "مذبحة خطيرة".
وأعرب أردوغان عن أمله في أن تفضي قمة مقررة مع زعيمي روسيا وإيران يوم الجمعة لبحث الأمر عن نتيجة إيجابية.
وأثار احتمال شن هجوم كبير على إدلب قلق وكالات الإغاثة الإنسانية، وقالت الأمم المتحدة إن النازحين يشكلون بالفعل نصف عدد من يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا وعددهم ثلاثة ملايين شخص.
وتعاني فصائل مسلحة في إدلب من انشقاقات، فيما يسيطر تحالف جهادي يشمل الجناح السابق لتنظيم القاعدة في سوريا على معظم الأراضي، وصنفت الأمم المتحدة التحالف المعروف باسم "هيئة تحرير الشام" منظمة إرهابية.
وكانت روسيا قد وصفت إدلب بأنها "وكر إرهابيين" وأنها "خرّاج متقيح" ينبغي تنظيفه.
ودعا مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا، ستافان دي ميستورا، يوم الثلاثاء روسيا وتركيا إلى السعي لإيجاد حل تفاديا لما وُصف بأنه "حمام دم".
ماذا يمكن أن يحدث في إدلب؟
لقيت قوات المعارضة المسلحة السورية هزيمة في أغلب المناطق، ما يرجح أن الهجوم على هذه المحافظة الواقعة شمال سوريا قد تكون حاسمة في مسار الحرب في سوريا.
وقدرت الأمم المتحدة عدد مقاتلي جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة الموجودين في إدلب بحوالي عشرة آلاف مقاتل يحكمون سيطرتهم على المحافظة.
ونشرت وكالة أنباء رويترز تصريحات نقلا عن مصادر تفيد بأن الرئيس السوري بشار الأسد يجهز لهجوم متعدد المراحل.
وقال سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا، إن "الإرهابيين لابد من أن يُمحوا من على وجه إدلب"، متهما إياهم باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وأضاف، مؤكدا على تصريحات نظيره وليد المعلم، أن قوات المعارضة المسلحة تعد لهجوم كيماوي في إدلب لإتهام الحكومة السورية بتنفيذه وجر الولايات المتحدة إلى ضربات انتقامية.
وقال دي ميستورا إنها ستكون "عاصفة هوجاء" حال تنفيذ الحكومة السورية ما هددت به من هجوم شامل على آخر معقل للمعارضة المسلحة شمال البلاد.
كما طالب بإنشاء ممرات إنسانية آمنة تساعد على إجلاء المدنيين بشكل مؤقت.
وأضاف أنه "من الضروري أن يُهزم الجهاديون"، لكن ليس على حساب أرواح الآلاف من المدنيين.
وتابع: "سوف تكون عاصفة هوجاء، كما تضيف التحذيرات المضادة إلى تعقيد المعضلة الحالية، وهي المعضلة التي تتضمن كيفية هزيمة الإرهابين في إدلب دون أن يمتد أثر ذلك إلى عدد هائل من المدنيين."
وأشار إلى أنه "رغم ما يدور في الوقت الراهن من مناقشات وما يُبذل من جهود لتفادي تحقق السيناريو الأسوأ، لا يمكن تجاهل الأخطاء المحتملة في الحسابات التي قد تحدث مسببة تصعيدا غير مسبوق، وهو ما نخشاه إلى حدٍ كبير."
وحاولت الأمم المتحدة جاهدة تفادي سقوط الضحايا من المدنيين في الفترة الأخيرة في مناطق أخرى من سوريا مثل حلب، والرقة، والغوطة الشرقية، كما توسط دبلوماسيو المنظمة الدولية لدى أطراف الصراع للتحلي بضبط النفس.
وأبدى دي ميستورا استعداده للذهاب بنفسه لإقامة ممرات آمنة للمدنيين، مقرا بأن معنى ذلك أن يُنقل المدنيون إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
فيديو قد يعجبك: