هآرتس: هل تكفي أموال السعودية لتحقيق حلم القوة العظمى؟
ترجمة: محمد الصباغ:
بكلمات على لسانه، اعترف أندرياس شوير أنه حصل على وظيفته الحلم. بعد عام من اختيار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان له كرئيس تنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية، المظلة المسئولة عن كل مبيعات وتصنيع الأسلحة في المملكة.
في حوار مع موقع "ديفينس نيوز" في أغسطس الماضي، قال شوير إن هدف الشركة هو الوصول إلى جعل 50% من الاحتياجات العسكرية السعودية بإنتاج محلي بحلول عام 2030، على الرغم من كونها حاليًا 2% فقط.
الوصول إلى هذا الهدف يوفر 40 ألف وظيفة بشكل مباشر، وحوالي 100 ألف بشكل غير مباشر، وقد يجعل ذلك المملكة من بين أكبر 25 منتجًا للأسلحة في العالم.
أعلن ولي العهد السعودي هذا الهدف كجزء من خطة المملكة "رؤية 2030"، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، بجانب تقليل الاعتماد على أسلحة الدول والمصنعين الغربيين. هذه الرؤية يدعمها 50 مليار دولار سنويًا من موازنة الدفاع السعودية.
وفي تحليل بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، يرى الكاتب زيفي برائيل أن هذا التمويل السخي فقط جزء من الحل. وأضاف أن شوير ذكر أن استراتيجية المملكة في صفقات الأسلحة يجب أن تتحول من علاقة عميل ببائع إلى شكل آخر وهو شراكة مع المزودين العالميين. يتطلب ذلك أن يشتري المصنع العالمي منتجات محلية سعودية تعادل 50% من العقود، وتنقل تكنولوجيا التصنيع إلى المملكة، وتدرب العمال على صناعة خطوط إنتاج في السعودية كشرط للبيع.
أوضح التحليل العبري أن هذا التحول في شكل العلاقة هو العقبة التي تقف أمام اقتصاد دفاعي وطني، حيث تتطلب أي عملية تصنيع قوة عاملة مدربة ومعرفة بالتكنولوجيا المتطورة، وأشار إلى أن السعي السعودي من أجل التحول إلى قوة عظمى ينقصه هذا العنصر البشري المدرب والخبير.
تعاني المملكة من نقص كبير في القوى العاملة التي تمتلك دراية بالتكنولوجيا، والتي بدورها تكون قادرة على بناء صناعة محلية متطورة في السنوات المقبلة. على الرغم من التشجيع على التعليم التكنولوجي وإرسال البعثات الطلابية إلى الدول الغربية، إلا أن الفجوة بين ما هو موجود حاليًا وبين احتياجات الدولة، مستمرة في الاتساع.
ويضيف التحليل أن الجامعات السعودية تجد صعوبة في إقناع الطلاب باختيار الأقسام التكنولوجية لأنها تحتاج إلى عمل جاد بدرجة أكبر من العلوم الاجتماعية والبشرية. ويفضل أغلب الطلاب دراسة المهن "السهلة" التي تسمح لهم بالحصول على وظيفة مريحة في القطاع الحكومي، أو على الأقل في القطاع الخاص.
وقارنت الصحيفة الإسرائيلية بين ما تحاول المملكة الوصول إليه وبين الصناعات الدفاعية في تركيا وإيران، حيث تحولت تلك الصناعات إلى مصدر دخل كبير في الدولتين. هذا الدخل يسمح للدولتين بالاعتماد بشكل أكبر وأكبر على الإنتاج المحلي.
في حالة إيران، بحسب التحليل، لا تمتلك خيارا أمامها إلا بتطوير قدراتها التكنولوجية الخاصة، والتي منحتها القدرة على تطوير صواريخ بالستية، وطائرات مسيرة، بجانب برنامجها النووي، الذي اعتمد على تكنولوجيا اشترتها، لكن أيضًا على الإدارة والتطوير المحلي.
أما تركيا التي كانت تعتمد على التكنولوجيا الأجنبية والشراء منذ عقد مضى، باتت مثالا للدولة التي قررت تحويل سياستها نحو تصنيع جزء رئيسي من احتياجاتها العسكرية.
صدرت تركيا بما قيمته 2 مليار دولار أسلحة في العام الماضي، وبدأت عام 2019 بمبيعات بلغت 175 مليون دولار، بنسبة زيادة بلغت 64% مقارنة بصادراتها في يناير 2018.
أشار تحليل هآرتس إلى أن الفارق بين الرؤية السعودية والقدرة التركية هائل. تركيا ربما ليست قادرة على منافسة السعودية في حجم الأموال المنفقة، لكن العمال الخبراء المهرة والمدربين في تركيا يعطيها ميزة لا تتوفر في أغلب الدول العربية.
تمتلك تركيا أسواقًا في دول بالغرب والشرق الأقصى غير منفتحة على إيران، بجانب أنها تمتلك خبرة عسكرية على الأرض وتتعلم الدروس المرتبطة بالصناعة منها. وشبه التحليل ذلك بالنهج الإسرائيلي في اكتساب الخبرات العسكرية.
وعلى العكس من الطلاب السعوديين، الشباب في تركيا يمكنهم الحصول على التدريب المطلوب في الجامعات والمعاهد المحلية بتركيا. وعلى العكس من المملكة السعودية، لا تحتاج تركيا إلى توظيف طيارين أجانب من أجل قيادة طائراتها المقاتلة.
فيديو قد يعجبك: